أحمد رحال
تصدير المادة
المشاهدات : 3491
شـــــارك المادة
عندما رفع الشعب السوري صوته وطالب بضرورة فتح معركة الساحل, بالطبع لم يكن شعاراً ناجماً عن فراغ, ولم يكن شعاراً عاطفياً يحقق أمنياتهم ضد من يقبع على الطرف الآخر من حدود التماس وجبهات القتال, بل كانت رؤية موضوعية, ورؤية تحمل من العمق بالتفكير والمعرفة بأن نظام الأسد لن يقبل ولن يكون يوماً ضمن الساعين للبحث عن الحلول السياسية, وبالتالي فإن الانتصار في تلك الجبهة هو مفتاح إسقاط النظام, لذلك فخيار إسقاطه عسكرياً هو الخيار الوحيد المتاح أمام الشعب السوري الثائر لتحقيق الأهداف التي خرج من أجلها, وجبهة الساحل وما تشكله من أهمية عسكرية وسياسية وحتى اجتماعية هي الكفيلة بتحقيق الجزء الأكبر من هذا الخيار, لأنه بدون ضرب المعاقل الأساسية للنظام وعقر النظام فلن تكون بقية الجبهات ذات فائدة ترجى بإجبار “الأسد” على الاستجابة لتطلعات الثورة, وبدون هذا الضغط لن تنفك حاضنة النظام عن دعمه في قتل ما تبقى من الشعب السوري.
على مدار السنوات الخمس التي مرت بالثورة السورية استطاعت فصائل الثورة أن تثبت للبعيد قبل القريب أنها لا تقاتل فقط من أجل القتال ولا تريد الموت لأحد بل تدفع الموت عن أهلها وشعبها وأهل سورية, ونظام “الأسد” الذي استقدم كل مجرمي العالم لقتل وتشريد ونزوح الشعب السوري, وما يقوم به الطيران الروسي والأسدي خير دليل على أدوات القتل الجماعي التي تطال المدنيين في كل البلدات والمدن السورية. أمام هذا الواقع المؤلم وبغرفة عمليات غابت عن أعين النظام اجتمع رجال الله, رجال سورية الحرة, رجال من يؤمنون بحق أهل سورية بالعيش الكريم وبمستقبل آمن لأبنائهم, قدموا من أطراف حماه وساحات إدلب لينضموا لإخوانهم في قرى وبلدات ريف الساحل المحتل, وليردوا الدين الذي قدمه أبطال الساحل في كل معارك إدلب وريف حماه وسهل الغاب, وكان عصر يوم الاثنين موعداً لزحف أبطال “معركة اليرموك” التي أعلنت أن سيف الله المسلول سيكون حاضراً في تلال وسهول جبلي الأكراد والتركمان. “معركة اليرموك” التي خٌطط لها أن تكون على محورين وعلى عدة مراحل, بدأت زحفها بتمهيد مدفعي وصاروخي جعلت جرذان الأسد يدخلون جحورهم ولتتقدم طلائع قوات الاقتحام وتدك المراصد والخطوط الدفاعية الأولى في تلة الملك ونحشبا وتلة رشا وأرض الوطى والحداد والمزغلي والحاكورة في جبل الأكراد, وفي القرميل وجبل القلعة وجبل أبو علي في جبل التركمان, وبجبهة تصل لأكثر من 15 كم تقدم رجال الساحل وجيش الفتح وجيش التحرير وجيش العزة وجيش النصر وبقية الكتائب بوحدة صف ووحدة قلوب جمعتهم عليها غرفة عمليات “معركة اليرموك”. مع انحسار شمس اليوم الأول من المعركة, ومع الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى بعد معارك عنيفة خلفت عشرات القتلى والجرحى في صفوف قوات “الأسد” والميليشيات “الشيعية” متعددة الجنسيات, مع مزيد من العتاد المدمر في صفوفها ومزيد من الغنائم في مستودعات الثوار,كانت المواقع في أرض الوطى وعين القنطرة ونحشبا وبرج البيضاء وتلة أبو علي (ذات الأهمية العسكرية) وتلة رشا ومداجن القرميل والمزغلي وحاجز التركس وحاجز الجامع وتلتي أبو أسعد والحدادة إضافة لمواقع أخرى تعلن صداقتها للمناطق المحررة في جبلي الأكراد والتركمان مع وصول قوات الثورة إلى محيط بلدة “كنسبا”. “معركة اليرموك” التي حققت أول أهدافها (إضافة للمواقع المحررة) بتخفيف الضغط عن بقية الجبهات وذلك بسحب معظم الطيران الروسي والأسدي من الجبهات الشمالية لحلب, بل وشبه توقف معركة مزارع الملاح, وبالتأكيد سيتبع تلك الخطوة سحب المزيد من الميليشيات وإعادتها للساحل لما تشكله تلك الجبهة من أهمية لنظام “الأسد” وكل حلفائه بعد أن ظن غباء المخطط الروسي في غرفة عمليات “حميميم” أن جبهة الساحل قد استكانت وأصبحت حديقة خلفية للمعارك الدائرة ببقية الجبهات. لكن أمام حقيقة يعرفها أبطال الساحل وكل من قاتل على تلك الجبهة من أن نظام “الأسد” وحلفائه لا يمكنهم التهاون في تلك المناطق الممتدة من كسب وحتى الصلنفة (65كم), لعلمهم أن وصول الثوار لتلك المواقع يعني ضرب آخر معاقل النظام, وتعني أيضاً وضع كل الميليشيات الروسية تحت مرمى “صواريخ الغراد” والمدفعية الثقيلة التي أقلقت طيران “بوتين” في قاعدة “حميميم”, وبالتالي كان هذا الأمر في صميم تفكير مخططو غرفة عمليات “معركة اليرموك” لعلمهم أنه مع كل اقتراب يعني تسعير المعركة وازدياد شراسة الرد, وهذا ما تجلى مع بداية المعركة من خلال القصف الهمجي والرد الجنوني للطيران الروسي والأسدي وقصف راجمات الصواريخ وحتى السفن الروسية شاركت بصواريخها التي قصفت بها جبلي الأكراد والتركمان من مواقعها قبالة مدينتي اللاذقية وطرطوس,ونتيجة تخبطاتهم وقعت نصف تلك الرمايات على وحداتهم لتزيد عليهم (الطين بله). “معركة اليرموك”التي ضمت ما لا يقل عن خمسة آلاف مقاتل, هم (رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ) بأن عيونهم لن تنام وقلوبهم لن تهدأ قبل أن يعيدوا البسمة لمن وضعوا الأمانة في أعناقهم من أبناء شعبهم المشردين والنازحين في العراء, رجال الساحل وإخوانهم كانوا عند حسن الظن وعند الآمال التي عٌقدت عليهم, لكن علينا بالصبر والتأني, علينا أن ندرك ونعرف أن معركة الساحل ليست بالمعركة العادية, فأن تقلع عين النظام وتهدد آخر الملاذات التي ظن يوماً أنها آمنة ليس بالأمر السهل عليه, ولن يستطيع القبول به, لإدراكه بمعنى خسارة حاضنة الشعبية إذا ما تهددت وشعرت أن خيارها الوحيد أصبح بالانفكاك عن هذا النظام والانقلاب عليه. “معركة الساحل” تزداد ضراوتها وشراستها كلما تقدم الثوار نحو الأمام, ويزداد وطيسها مع كل خطر يقترب من حاضنة النظام, هو قدر السوريين أن يكون طريق الموت هو طريق الحياة لهم, وأن يكون استشهاد فلذات أكبادهم من شباب الوطن طريقاً لينعم أبناؤهم بالحرية. المرحلة الثانية انطلقت واستطاعت استعادة المناطق التي حاول النظام العودة لها وزاد عليها قرية عين القنطرة, وتشمل تلك المرحلة عملية تثبيت المواقع التي تم الوصول إليها والتي زادت عن المتوقع مع التحضير للمراحل القادمة. معارك الأوطان تحتاج لذوي النفس الطويل ولمن يؤمن بعقيدة القتال وأن الشعوب لا تٌهزم وأنها ستحصل على مبتغاها ولو بعد حين. كلنا يعلم أن أبطال الثورة يقاتلون من أجل حريتهم وكرامتهم ودينهم ووطنهم ومستقبل أطفالهم. وجميعنا يٌدرك أن مرتزقة الأسد يقاتلون حفاظاً على سرقاتهم ومناصبهم والأموال التي نهبوها. لكن يبقى السؤال الذي نبحث له عن إجابة: تلك الميليشيات التي أتت من كل حدب وصوب من أجل من يموتون؟؟؟؟
كلنا شركاء
إياد جبر
حسان الحموي
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة