..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

إيران التي تخذلنا كل مرة!

شريف عبد الغني

٢٤ يوليو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6772

إيران التي تخذلنا كل مرة!
عبد الغني00.jpg

شـــــارك المادة

(1) عام 1979 حطت طائرة «الخميني» في طهران عائداً من منفاه الباريسي. وقتها هلل قطاع كبير من العرب للرجل الذي أزاح نظام «الشاه» العميل للغرب وإسرائيل.

تغاضى المهللون عن إصراره على الحديث بـ «الفارسية» وعلى وجود مترجم عند لقائه مع أي مسؤول عربي رغم أنه يجيد «العربية» بطلاقة. لا بأس فقائد «الثورة الإسلامية» معتد بأصله وبلغته الأم، ولا لوم عليه حتى لو كرر من باب الفخر البيت الشهير لـ «أبي نواس» الذي قال اعتزازاً بفارسيته وعلو شأنه على العنصر العربي: «فأين من البدو إيوان كسرى.. وأين من الميادين الزروب»!
(2) في مصر وجهنا اللوم للرئيس الراحل السادات الذي فتح البلاد حضنا ومأوى ومستقراً ومدفناً للشاه المخلوع الذي لفظته كل عواصم الدنيا.
اعتبرنا أن السادات نثر بذور سوء العلاقة مع دولة شقيقة هي رصيد للقوة العربية والإسلامية. التمس بعضنا العذر لـ «الملالي» حينما وضعوا اسم «خالد الإسلامبولي» قاتل السادات على أحد شوارع عاصمتهم، وليس كما يعتقد كثيرون الشارع الذي يضم السفارة المصرية. قلنا «واحدة بواحدة» والبادئ أظلم.
لما قصّ صدام حسين شريط افتتاح حرب الخليج الأولى، انتقد كثيرون الدعم العربي الرسمي له، ولم نختلف على حق إيران في الدفاع عن نفسها.
لكن في كل مرة ندافع عنها كانت طهران تخذلنا وتضعنا في حيرة من أمرنا. صحيح أن «صدام» هو من بدأ الحرب، لكن الثابت والموثق أنه أيضاً من أعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد بعد عامين من اندلاع المعارك، ووافق على قرارات مجلس الأمن بهذا الصدد، بينما «آيات الله» هم من رفضوا إنهاء المسلسل الدموي، ووضعوا «مفاتيح الجنة» في صدور شباب غض ودفعوا بهم في أتون هجير النار.
أداموا أمد الحرب 6 سنوات أخرى لتحصد مئات الألوف من أرواح هنا وهناك، وتدمر اقتصاد البلدين حتى تجرع الخميني «كأس السم» -حسب تعبيره الشهير- ووافق على القرار الدولي بوقف النار ليحتفل العراقيون بانتهاء «قادسية صدام» لصالحهم.
(3) بعدها بعامين فقط جاءت الفرصة أمام «الملالي» على طبق من ذهب لتعويض ما فات وشرب نخب الانتصار «حسب الشريعة طبعاً». وقعت خطيئة «غزو الكويت»، وحتى لا يفتح زعيم العراق جبهة جديدة على نفسه حاول تحييد «الأعداء القدامى» ووافق على إعادة العمل بـ «اتفاقية الجزائر» بشأن تقاسم «شط العرب» مع الإيرانيين، وهي الاتفاقية التي اندلعت بسببها حرب الثماني سنوات.
فرحت طهران وانتظرت المزيد. خلال القصف الجوي العنيف لـ «العدوان الثلاثيني» -كما سمته بغداد- والذي تبين أن هدفه ليس فقط إخراج العراق من الكويت وإنما تدمير بلاد الرافدين. حاول صدام إنقاذ طيرانه، استجار بجاره الشرقي وأرسل طائراته إلى المطارات الإيرانية ظناً أنها في أيدٍ أمينة، على أن يستعيدها بعد توقف صواريخ أميركا وحلفائها عن نشر الخراب، لكن هذه الطائرات لم تعد حتى الآن. اعتبرها «الملالي» غنيمة حرب.
(4) «أعطني قيراط حظ وارمني في البحر» ربما اخترعوا هذا المثل خصيصاً من أجل «آيات الله»، فمثلما أعطاهم جورج بوش «الكبير» فرصة الانتقام من صدام وتأليب الجنوب الشيعي عليه أثناء الانسحاب من الكويت، ثم أخذ موطئ قدم دائم بعد فرض «الحظر الجوي» في تلك المنطقة، فقد جاء بوش «الصغير» ليستكمل المهمة ويخلص «الملالي»، وهم جالسون في حوزاتهم ودون أن يصرفوا «تومان إيراني» واحد، من عدوهم الشرقي «طالبان» أفغانستان، قبل أن يقدم لهم الهدية الكبيرة «رأس صدام» ومعها العراق كله مرتعاً وملعباً وتابعاً.
قبلت طهران الهدية، ومن يومها معروف الدور الذي لعبته وتلعبه في «البوابة الشرقية العربية» عبر حاملي جنسيتها الذين يحكمون بغداد الكسيرة الحزينة.
(5) رغم هذا كله، قال كثيرون «اللي فات مات» والمهم ما هو قادم، وإن الحفاظ على القوة الإيرانية هو واجب عربي لأنها حتما تصب في رصيدهم، والعمل على درء أي محاولة أميركية أو إسرائيلية لمهاجمة إيران هو مصلحة عليا. ارتفعت الدعاوى خاصة في القاهرة خلال السنوات الماضية بسرعة إنهاء الوضع الشاذ في علاقتها بطهران، وتطبيع العلاقات وعدم التوقف عند الصغائر، لكن كلما حاول القلب العربي أن يصفو تجاه «الجار والشقيق» الإيراني، فإن سادة طهران يأتون بفعلة تعيدنا معه إلى النقطة «صفر». انتهاكات مستمرة ضد «عرب الأحواز» ومعاملة أهلها بدرجة «مواطنين درجة ثانية»، وإهمال المنطقة من أي تنمية رغم أن باطنها يحمل النفط الذي هو عصب اقتصاد الدولة.
ما يغيظني شخصياً في مواقف «الملالي»، هو ازدواجية المواقف والتصرفات. يتحدثون كثيراً عن «حقوق الإنسان»، ثم تبث وكالات الأنباء صوراً مروعة لشبان في عمر الزهور من المعتقلين السياسيين يجرى إعدامهم بطريقة بشعة. يقف الواحد منهم على كرسي، ثم يلتف حبل حول رقبته مربوط في «ونش» من ذلك النوع المستخدم في رفع السيارات من الشوارع. «الأوناش» متراصة وترفع «الذبائح» معلقة وألسنتهم مدلاة من أفواههم، والعرض متاح أمام تجمع من البشر في مشهد يصل بمرتكبيه إلى حدود همج ما قبل التاريخ واختراع القانون!
(6) حكام طهران الذين هللوا للربيع العربي، وراحوا يذرفون الدموع حينما دخلت قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين، ماذا فعلوا حينما هبت رياح الربيع على سوريا والتي قابلها «الأسد» برغبة محمومة في إبادة شعبه؟
أولاً: فرع الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني، وتحت قيادة حجة الإسلام حسين تائب، ساعد في تدريب قوات الأمن السورية ومعها وحدات الجيش «الممانع» في سحق المحتجين السلميين، وبحسب تقارير فقد شارك هذا الفرع في بعض الهجمات، وأن نحو 47 ضابطاً من وحدة «تائب»، توجهوا إلى عدد من المدن السورية بناء على طلب رئيس المخابرات السورية، لكن بعدما اتهمت تركيا إيران بأنها تشارك في «جرائم الحرب» التي ترتكب في سوريا، قرر الحرس الثوري الإيراني تجنيد جنود ناطقين باللغة العربية من مناطق مثل الأحواز وإرسالهم إلى سوريا وبالذات إلى دمشق ليحلوا محل الجنود الناطقين بالفارسية.
ثانياً: تقديم مساعدات اقتصادية مباشرة لنظام الأسد بمبلغ 7 مليارات دولار سنوياً.
ثالثاً: مساعدة «جزاري دمشق» على فرض قوانين أكثر صرامة على البنوك الإسلامية والخاصة، لكبح جماح هروب رؤوس الأموال.
رابعاً: المساعدة على زيادة فرص العمل والنمو الاقتصادي.
خامساً: منح الحكومة السورية، على الفور، 300 ألف برميل نفط يومياً.
كل هذا في سوريا فقط، وغيره كثير في بلدان أخرى، وكان قبل الاتفاق النووي الأخير. ترى: ماذا هم فاعلون بعده؟!

 

 

العرب القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع