أحمد أبو دقة
تصدير المادة
المشاهدات : 2878
شـــــارك المادة
في دراسة نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أكد أن إحلال واشنطن للمليشيات الشيعية بعد إسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين لم يكن عبثًا عقب انسحابها عام 2011م من العراق، بل كان ذلك مقابل تعاون قدمته طهران لواشنطن في حربها على الجماعات الجهادية في أفغانستان واستعداد إيران المتواصل للتعاون مع واشنطن في المنطقة بهدف تحجيم أي قوى سنية صاعدة.
الأزمة السورية فضحت السياسة الأمريكية المتوافقة مع المصالح الإيرانية في المنطقة من خلال رفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري بالرغم من فظاعة الجرائم التي ارتكبها مقارنة بنظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، بالإضافة إلى موافقة النظام السوري على السماح لطائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة باستخدام الأجواء السورية دون اعتراض خلال مهاجمة أهداف لتنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف «بداعش»، بالإضافة إلى قيام واشنطن بتأخير عملية تدريب عناصر من المعارضة السورية التي تعهد بتدريبها، وهذا الأمر يظهر تحالفًا واضحًا بين إيران وواشنطن يثبته أيضًا رفض الأخيرة الاستجابة لطلب الكيان الصهيوني المتواصل بتنفيذ ضربة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية وتفضيل الحل السلمي.
في سبتمبر الماضي، مباشرةً قبل توسيع الضربات الجوية الأمريكية إلى سوريا، أرسلت الحكومة العراقية ذات القيادة الشيعية المتحالفة مع إيران مستشار الأمن الوطني فالح الفياض لمقابلة الأسد، وفي حين أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل الاجتماع، إلا أن فحواه كانت واضحة - ومنذ ذلك الحين نفذ الائتلاف أكثر من 900 طلعة جوية حلقت فوق سوريا دون أن تتعرض لها قوات النظام.
كانت استراتيجية الإدارة الأمريكية في الحملة على تنظيم «داعش» وغيره من الجماعات الجهادية في العراق وسوريا تتكون من شقين:
في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تشير إلى هجوم منسق من قبل قوات التحالف يستهدف تنظيم «داعش» فوجئ الرأي العام السوري بأن الهجمات استهدفت قوى أخرى مشاركة في الثورة السورية منها «جبهة النصرة»، وبعض الجماعات الجهادية الأخرى والتي تعد أكثر اعتدالًا من «داعش»، ولها تأثير كبير في المعركة مع النظام السوري.
كانت هجمات التحالف على جبهة النصرة بمثابة الشرارة التي فجرت مواجهة جديدة بينها وبين جماعات سورية تقاتل النظام السوري مثل «جبهة ثوار سوريا»، و«حركة حزم» و«الجيش السوري الحر»، تحت ذريعة أن تلك الجماعات مدعومة من الغرب.
بالمقابل كان نظام الأسد المتهالك والذي يعاني من شلل اقتصادي وعسكري يحاول استغلال «وقف إطلاق النار» الإنساني الذي يفرض على السكان المحاصرين من أجل استخدام جماعات مسلحة غير نظامية شيعية مثل «قوات الدفاع الوطني» للسيطرة على تلك المناطق لتكون خاضعة لقيادة ضباط إيرانيين. وبالتالي إن الجزء القتالي من مسعى طهران لتغيير «الهلال الخصيب» بشكل جذري هو أمر ستستمر القوى السنية في المنطقة بمعارضته وبشكل خاص تركيا ودول الخليج العربي.
إن الدعم السخي الذي قدمته طهران للنظام السوري وتورطها في مذبحة واسعة النطاق ضد السنة قد أطلق حربًا طائفية في المنطقة شملت اليمن والعراق ولبنان وسوريا وقد تتسع.
كانت حملة إيران في سوريا لتبدو منطقية أكثر لو لم يعلب التوزيع الطائفي للسكان دورًا سلبيًّا ضدها للغاية. فالنسيج السوري يتألف بنسبة 75 في المائة من العرب السنة، وهي نسبة تصح في كافة أنحاء الشرق الأوسط تقريبًا باستثناء إيران.
كما أن المناطق الريفية التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في سوريا والعراق تتألف من السنة بنسبة عالية تصل إلى 95 في المائة. وتشير هذه النسب إلى أن إيران لن تتمكن من إخضاع السنة من خلال العنف، لا بل قد تجد نفسها في النهاية منخرطة في نزاع مهلِك وصفه العديد بالفعل بأنه «فيتنام إيران».
إن الواقع الموجود في سوريا يؤكد عدم وجود انتصار حاسم للنظام الإيراني في معركته الطائفية في سوريا، لذلك سيبقى التركيز على الأجزاء التي يسيطر عليها في ظل وجود معاهدة منطقية بعدم الاعتداء على المناطق التي تخضع لسيطرة الجهاديين. وقد يساعد ذلك على تجنب سيناريو «فيتنام إيران»، لكنه قد يؤدي إلى أسوأ السيناريوهات بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها وهو تشبث كل من الأسد وتنظيم «الدولة الإسلامية» بأراضيهما ربما بشكل نهائي.
إذا أرادت واشنطن الحفاظ على مصالحها فعليها أولًا تقبل الإبقاء على سوريا دولة فاشلة ومقسمة يسمح فيها بأن يبقى الأسد في السلطة، وفي هذه الحالة فستبقى سوريا نقطة جذب للجهاديين ومحركًا للتوتر السني الشيعي.
مجلة البيان العدد 333
وائل قنديل
مايكل دوران وماكس بوت
ميشيل كيلو
ربيع الحافظ
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة