..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الأمة الشاهدة وأخلاق النصر

رابطة خطباء الشام

٢٣ نوفمبر ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3380

الأمة الشاهدة وأخلاق النصر
خطباء الشام00.jpg

شـــــارك المادة

العناصر الرئيسية:

1-شهادة هذه الأمة على الناس   

2- الأمة الشاهدة: امتياز في الأخلاق            

3- مقتضى شهادة الأمة على العالمين

4- الأمة الشاهدة وأخلاق النصر

5- أخلاق النصر في جيل الصحابة

6- بذلك يُنصرون.

 

 

1- شهادة هذه الأمة على الناس:

قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة: ١٤٣

وقال تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) الحج: ٧٨.

قال الرازي في فائدة تخصيص الله هذه الأمة وتشريفها بهذه الشهادة: "خصهم الله تعالى بهذا الخطاب ليكون ذلك كالتحريض لهم على المواظبة على قبوله". (التفسير الكبير)

وقال أيضاً: "يدل على أنه سبحانه أراد الإيمان من الكل لأنه تعالى لا يجعل الشهيد على عباده إلا من كان عدلا مرضيا ، فإذا أراد أن تكونوا شهداء على الناس فقد أراد أن تكونوا جميعا صالحين عدولاً" (التفسير الكبير)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أقاموا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف أقاموا على الإخلاص لله و حده و عبادته لا شريك له و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و أقاموا على الأمر الأول الذي كان قبل الاختلاف واعتزلوا الاختلاف فكانوا شهداء على الناس يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوح و قوم هود و قوم صالح وقوم شعيب وآل فرعون أن رسلهم قد بلغتهم و أنهم كذبوا رسلهم".

فكان مقتضى كون هذه الأمة شاهدةً على الأمم:

أ‌-  إقامة الإسلام في أنفسنا ونعمر الأرض إلى حد السيادة فيها

ب‌- إخراج البشرية من الظلمات إلى النور

2- الأمة الشاهدة = امتياز في الأخلاق:

(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ) عمران: ١١٠

قال ابن كثير: "وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد صلوات الله وسلامه عليه فإنه أشرف خلق الله وأكرم الرسل على الله وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل فالعمل على منهاجه وسبيله يقوم القليل منه و ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه".(تفسير ابن كثير)

(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح: ٢٩

3- مقتضى شهادة الأمة على العالمين:

أ‌- إقامة الدين وعمارة الأرض ليسود الحق:

(وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور: ٥٥

ب‌-  إخراج البشرية من الظلمات إلى النور: (الر كِتابٌ أَنزَلناهُ إِلَيكَ لِتُخرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ بِإِذنِ رَبِّهِم إِلى صِراطِ العَزيزِ الحَميدِ) إبراهيم 1.
(وَلَقَد أَرسَلنا موسى بِآياتِنا أَن أَخرِج قَومَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ وَذَكِّرهُم بِأَيّامِ اللَّـهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ) إبراهيم: ٥

4- الأمة الشاهدة وأخلاق النصر:

(وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور: ٥٥

كان جيل الصحابة أنموذجاً في الاتصاف بأخلاق النصر، قال الله في حقهم: (وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّـهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الفَوزُ العَظيمُ) التوبة: ١٠٠

وذكر بعض أوصافهم في معرض المدح لهم (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح: ٢٩

5- أخلاق النصر في جيل الصحابة:

1)   الإخلاص

(  بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة: ١١٢

(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)الزمر: ٦٥

عن ابن جريج قال: أخبرني عكرمة بن خالد ، عن أبي عمار ، عن شداد بن الهاد ، أن رجلا من الأعراب آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال: أُهاجر معك ؟ فأوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه به ، فلما كانت غزوة خيبر أو حنين غنم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فقسم وقسم له ، فأعطى أصحابه ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوه إليه ، فقال: ما هذا ؟ قالوا: قسمه لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذه فجاءه فقال: يا محمد ، ما على هذا اتبعتك ، ولكني اتبعتك على أن أُرمى هاهنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأموت وأدخل الجنة ، فقال: " إن تصدق الله يصدقك " فلبثوا قليلا ، ثم دحضوا في قتال العدو ، فأُتي به يُحمل وقد أصابه سهمٌ حيث أشار ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:" أهو هو ؟ " قالوا: نعم قال: " صدق اللهَ فصدقه " فكفّنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قدمه فصلى عليه ، وكان مما ظهر من صلاته عليه: " اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك فقُتل شهيداً فأنا عليه شهيد"). (أخرجه النسائي 2080 والحاكم رفي المستدرك- كتاب معرفة الصحبة 3/595)

وعن أنس رضي الله عنه قال: غاب عمّي أنس بن النضر عن قتال بدر فقال يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد قال سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع قال أنس فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه قال أنس كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)(الأحزاب: ٢٣))(أخرجه مسلم 1903)

ومما يعين النفس على الإخلاص:
1)  استحضارُ عاقبة الرياء:

(قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آل عمران: ٢٩

ففي حديثٍ عظيمٍ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ. (أخرجه مسلم 1905)

2) تطهير و تزكية النفس:

(إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَإِذا أَرادَ اللَّـهُ بِقَومٍ سوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُم مِن دونِهِ مِن والٍ) الرعد: ١١

قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) الشمس:٩  (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى) الأعلى: ١٤

وعن الحسن رضي الله عنهما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو أنّ قلوبنا طهرت ماشبعنا من كلام ربنا، وإنِّي لأكره أن يأتي عليّ يومٌ لا أنظر في المصحف.

3)   قطع حبال الجاهلية:

(  لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَـئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَـئِكَ حِزْبُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة: ٢٢

(لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّـهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ ) آل عمران: ٢٨

قال صلى الله عليه وسلم:" ألا إن آل أبي ليسوا بأولياء، وإنما وليّ الله وصالح المؤمنين" (أخرجه البخاري366)
يقول الإمام النووي رحمه الله: معنى الحديث:أنّ وليي من كان صالحاً وإن بعد مني نسبه، وليس وليّ من كان غير صالح وإن قرب مني نسبه". (فتح الباري)

فالولاء لايكون إلا لله وحده، (  قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّـهُ بِأَمرِهِ وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ)التوبة: ٢٤

فالولاء ينبغي أن يكون لصاحب النعمة وحده، (وَما بِكُم مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجأَرونَ  ) النحل: ٥٣

4)   الحرص على الاجتماع و الوحدة:

أ‌) (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )آل عمران: ١٠٣

ب‌)عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم و الفرقة، وعليكم بالجماعة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الإثنين أبعد) (أخرجه الترمذي وهو حديث حسن)

ت‌)قال صلى الله عليه وسلم: (و انا آمركم بخمس، الله أمرني بهن: بالجماعة، والسمع، والطاعة، و الهجرة، و الجهاد في سبيل الله  فإن من خرج من الجماعة قيد شبر، فقد خلع ريقة الإسلام من عنقه إلى أن يرجع قالوا: يا رسول الله، و إن صلى وصام؟ قال: وإن صام وصلى وزعم انه مسلم) (أخرجه أحمد)

5)   المبادرة بالنزول على حكم الله ورسوله و إن خالف الهوى والنفس

(فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء: ٦٥

(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور: ٦٣

من صور النزول على حكم الله ورسوله:

هذه زينب بنت جحش رضي الله عنها لما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتاه زيد بن حارثة تأبى وتقول: لستُ بناكحته فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى فانكحيه، قالت: يارسول الله أؤامر نفسي، فبينما هما يتحدثان إذا بالمولى ينزل هذه الآية على رسوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) (الأحزاب: ٣٦)   فتقول: قد رضيته لي يارسول الله منكحاً؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم، فتقول: إذن لا أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكحته نفسي".

وهذا عقبة بن الحرث يتزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز فتأتيه امرأة فتقول: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج،فيقول لها عقبة:ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني، ثم يركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فيسأله فيقول:رسول الله صلى الله عليه وسلم:كيف وقد قيل، فيفارقها عقبة وتنكح زوجاً غيره". (أخرجه البخاري 88)

6)   اتهام النفس والشعور دوماً بالتقصير:

عُرف عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا مع استقامتهم و وقوفهم عند حدود الله يتهمون أنفسهم، ويشعرون بالتقصير وهذا من مظاهر صدقهم مع ربهم، الأمر الذي حدا بهم إلى مضاعفة الجهد، وأخذ النفس بالحزم والعزم، ومن يضاعف جهده، ويأخذ نفسه بالحزم والعزم سيكون بعين الله ورعايته، يمُدُّه بالنصر، والتمكين، وهو ماظفر به هؤلاء.

عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك و ما استطعت أعوذ بك من شر و ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنةلن يدخل أحد منكم عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يارسول الله؟ قال: ولا انا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة". (البخاري 5964)

7)   التكافل الاجتماعي:

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات: ١٠

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ". (أخرجه مسلم 2586) وفي رواية:" المسلمون كرجل واحد عن اشتكى عينه اشتكى كله،وإن اشتكى رأسه اشتكى كله ". (أخرجه مسلم من حديث النعمان بن بشير2586)

وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار تجسيداً لروح التكافل والموالاة بين المؤمنين.

وهذا أبو بكر الصديق يتزوج بأسماء بنت عميس ليقوم على أمرها بعد مقتل زوجها جعفر الطيار في سرية مؤتة، وهذا عبد الرحمن بن عوف يتزوج أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط التي هاجرت من مكة وحدها سراً ليقوم عليها.

8) اليقين بما أخبر به الله ورسوله من النصر و التمكين

(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) الصف: ٩
(وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) النور: ٥٥

قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد:" ومن ظن بأنه لاينصر الحق ولايُتِمُّ أمرَه ولايؤيِّدُ حزبَه ويعليهم ويظفرهم بأعدائه ويظهرهم عليهم، وأنه ينصر الباطل على الحق، وأنَّ الحقَّ يضمحل معه اضمحلالاً لايقوم بعده أبداً فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته، فإنَّ حمدَه وعزَّتَه وحكمتَه وإلهيّتَه تأبى ذلك وتأبى أن يُذلَّ حزبَه وجندَه، وأن تكون النصرةُ المستقرةُ والظفرُ الدائمُ لأعدائه، فمن ظنَّ به ذلك فما عرفه ولاعرف أسماءه ولاعرف صفاته وكمالَه".

عن المغيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك). (أخرجه البخاري 174-175)
6- بذلك يُنصرون:

لما اتصف صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الصفات استحقوا النصر والتأييد من الله، فمكّن لهم في الأرض في زمن يسير وأيّدهم وآمنهم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) محمد: ٧

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع