..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هل الخلافات داخل النظام الإيراني حقيقة أم تبادل أدوار؟

أحمد أبو مطر

١٨ ديسمبر ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5109

هل الخلافات داخل النظام الإيراني حقيقة أم تبادل أدوار؟
+روحاني0.jpg

شـــــارك المادة

تداولت غالبية وسائل الإعلام الإيرانية والعالمية أنباء مفصّلة عن الخلاف العنيف الذي اندلع بين اللواء محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني ورئيس الحكومة الإيرانية الجديد حسن روحاني الذي فاز بالرئاسة في الانتخابات الأخيرة التي أطاحت بالرئيس السابق أحمدي نجاد الذي كان أحد ضباط الحرس الثوري الإيراني نفسه.

 

وكان أيضا أحد قادة الهجوم على السفارة الأمريكية في طهران بتاريخ الرابع من نوفمبر 1979 واحتجاز 52 مواطنا أمريكيا لمدة 444 يوما إلى أنّ تمّ الإفراج عنهم بعد توقيع اتفاقية متبادلة في الجزائر بتاريخ التاسع عشر من يناير 1981.
لذلك فالإطاحة بأحمدي نجاد من الرئاسة الإيرانية وصعود حسن روحاني أدّى على الفور إلى البدء باتصالات أمريكية-إيرانية أدّت حتى الآن إلى نسبة واضحة من التفاهم المتبادل الذي يتوقع البعض بأنّه سيؤدي لإنتهاء قطيعة بين الدولتين مستمرة منذ العام 1979 زمن وصول الخميني للسلطة، التي ورثه فيها علي خمئني كولي فقيه، تبعا لنظرية "ولاية الفقيه" فهو وكيل الله في الأرض ومن يعصى أوامره وتعليماته فقد عصى أوامر وتعاليم الله تعالى.
وكانت بدايات هذا التفاهم الأمريكي مع حكومة روحاني هي الاتفاق على غالبية تفاصيل الشروط الغربية الخاصة بالمشروع النووي الإيراني ولقاء جينيف2 الخاص بالوضع في سوريا، رغم أنّ هذا الاتفاق شكّل مصدر قلق لبعض دول المنطقة خاصة في الخليج العربي.
دور ومهمة الحرس الثوري الإيراني ومن المعروف داخل إيران أنّ الحرس الثوري هو الدعامة الرئيسية للنظام خاصة أنّه رغم وجود قائد عسكري له هو الآن اللواء محمد علي جعفري، إلا أنّه بالإضافة لباقي فرق القوات العسكرية الإيرانية فقائدها العام جميعا هو المرشد العام آية الله علي خمئني كما كان من قبله آية الله الخميني.
من هذه الخلفية فإن تصرفات وتصريحات اللواء جعفري المهاجمة للرئيس حسن روحاني ليست بعيدة عن توجهات المرشد العام خاصة أنّها كانت تصريحات عنيفة في منتهى الضراوة، حيث وصف الرئيس روحاني بـــ"أنّه أصيب بالعقيدة الغربية" دون أن يوضح ما يقصده بنوعية هذه العقيدة، إلا أنّ أشدّ تهمة لأحد منذ زمن الخميني هي الولاء للغرب هكذا بصفة عامة دون تفاصيل.
وقد ترافقت تصريحات روحاني المتوددة للولايات المتحدة والمخففة تجاه دولة إسرائيل، مع تصريحات تصبّ في نفس المسار أطلقها وزير الخارجية الإيراني في الحكومة الروحانية الجديدة "جواد ظريف" الذي شارك في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني الذي تمّ التوصل إليه في شهر نوفمبر 2013، حيث طالب الحكومة الإيرانية التعامل بجدية مع التهديدات العسكرية الأمريكية القادرة على تدمير القوة العسكرية الإيرانية بقنبلة واحدة، وإذا لزم الأمر تدمرها بكل سهولة.
لذلك شنّ عليه قائد الحرس الثوري نفس الهجوم ووصف "ظريف" بــ (أنّه دبلوماسيا محنكا إلا أنّه لا يحظى بخبرة في المجال العسكري) مضيفا تهديدا واضحا لمجموع حكومة حسن روحاني في قوله: (لا بدّ من حدوث تغيير جذري لتصحيح المسار. وأكبر تهديد على الثورة موجود في الساحة السياسية ولا يمكن للحرس الثوري أن يبقى صامتا).
وهذا مما يذكّر بمرحلة حكومة الرئيس الإصلاحي المعتدل محمد خاتمي الذي فاز في انتخابات الرئاسة الإيرانية في مايو 1997 بنسبة عالية قاربت السبعين بالمائة، وأيضا في عهده شهدت العلاقات الإيرانية الغربية تحسنا ملحوظا، وتوقيع عدة اتفاقيات اقتصادية مما لم يرض التيار المتشدد في الساحة الإيرانية، وقد أشيع في داخل إيران آنذاك عن محاولات متعددة لقيادات الحرس الثوري الإيراني بإفشال حكومة خاتمي وعملها، ورغم ذلك وتعبيرا عن رغبة الشعب الإيراني في الإصلاح ووقف الصدام غير المجدي مع الغرب فاز برئاسة ثانية، إلا أنّه انسحب من انتخابات الرئاسة عام 2009 لصالح المرشح مير حسين موسوي الذي أفشل الحرس الثوري نجاحه عبر تزوير لصالح عنصر الحرس الثوري أحمدي نجاد، مما أدّى لاندلاع مظاهرات شعبية عارمة، كان أبرز قادتها محمد خاتمي ومير حسين موسوي ومهدي كروبي، حيث تمّ قمعها بوحشية أدت إلى سقوط عشرات القتلى وايداع بعض قادة المعارضة مثل مهدي كروبي السجن ومنع العديد منهم من السفر.
ورغم ذلك فهو الآن خلاف علني لتغطية تبادل الأدوار، خاصة بعد أن تعلم النظام الإيراني دروسا صعبة خلال فترة رئاسة أحمدي نجاد التي اعتمدت على الخطابات التهديدية الجوفاء، فهو ونظامه يعرفان أنّه مهما بلغت القدرة العسكرية لديهما، فهذه القدرة دون مستوى قدرات حلف الناتو وحليفته دولة الاحتلال الإسرائيلي، بدليل أنّ كل خطابات نجادي المهدّدة بإزالة إسرائيل من الوجود، لم ينتج عنها اطلاق رصاصة ضدها حتى في ذروة اجتياحها للبنان عام 2006 وقطاع غزة عام 2008 وغاراتها الجوية المستمرة ضد أهداف عسكرية داخل سوريا التي هي تحت سيطرة حليفه نظام الأس، بينما الآن يرسل النفط والمال ومقاتلي حرسه الثوري للقتال مع نظام الأسد ضد الشعب السوري. وأساسا ما كان الرئيس الجديد حسن روحاني يقوم بمد يده للغرب دون موافقة المرشد الأعلى وذراعه العسكري الحرس الثوري، ولا كان بإمكانه توقيع الاتفاق النووي والاتفاق الخاص بالنظام السوري، مما يدلّل بدون أدنى شك أنّ هجوم رئيس الحرس الثوري على حسن روحاني هو لمجرد التغطية على هذه الاتفاقيات التي شكّلت مصدر قلق للجوار العربي، لأنّه يمكن أن ينتج عنها تفرغ النظام الإيراني لمزيد من المشاكل مع هذا الجوار، خاصة في ظلّ إصرار هذا النظام على احتلال الجزر الإماراتية رغم كل حسن النية الذي تبديه دولة الإمارات بما فيه الموافقة على اللجوء للتحكيم الدولي.
وأساسا يعرف النظام الإيراني أنّ امتلاكه للسلاح النووي لا يهدد الغرب ولا دولة إسرائيل، لأنّه يعرف أنّ هذه الدول قادرة على تدميره في ساعات بنووي وغيره، فإذا كان نظام الملالي قد مني بهزيمة ساحقة من قبل الجيش العراقي بدون سلاح نووي في زمن صدام حسين، جعلت الخميني يعترف شخصيا بهذه الهزيمة، ويقول حرفيا عن قبوله وقف إطلاق النار من جانب واحد: (إنّ قبوله وقف إطلاق النار كمن يتجرع جرعة السمّ)..
فكيف إذن سيقف أمام جيوش حلف الناتو وإسرائيل؟
لذلك فإن الرضوخ الإيراني لمطالب الغرب قد بدأ خاصة إزاء مشروعه النووي والتنازلات الأخرى قادمة، وهذه الهجمات من قادة الحرس الثوري ضد رئاسة وحكومة حسن روحاني مجرد ذر للرماد في العيون والآذان للتغطية على هذه التنازلات.
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع