أحمد أرسلان
تصدير المادة
المشاهدات : 8686
شـــــارك المادة
تلخيص وعرض من كتاب
( الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر )
للدكتور صلاح الصاوي
يقول د. صلاح الصاوي : "أن الهدف من هذه الدراسة بلورة الأصول الثابتة بالكتابة والسنة والإجماع فيما اشتجرت فيه فصائل العمل الإسلامي، لتكون إطاراً جامعاً وقاسماً مشتركاً يلتقي عليه الجميع، ولتكون وحدها معهد الولاء والبراء في صلتها بأفرادها وبالآخرين، وكذلك بلورة جملة من الثوابت النسبية، وهي بعض الاختيارات العلمية الراجحة التي ينبغي أن تتفق عليها الحركات الإسلامية كافة، لتمثل مع الأولى الإطار العلمي الذي يجمع فصائل العمل الإسلامي المعاصر ويقيها التشرذم والاختلاف. "
ثم التمييز بين هذا كله وبين ما وراءه من بقية الظنيات ومحال الاجتهاد، التي لا يجوز أن تتفرق بسببها الصفوف أو أن يعقد على أساسها ولاء وبراء، أو ينكر فيها على المخالف إنكاراً يؤدي إلى تأثيمه أو إخراجه من جماعة المسلمين."
ولأننا الآن في سوريا، في أرض الرباط والجهاد نسعى ليكون العمل الإسلامي صفاً واحداً في مواجهة اعدائه، ونسعى لجمع الفصائل الإسلامية ضمن إطار واحد من الثوابت الشرعية، بدأت بوضع ملخص لكتاب ( الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر ) للدكتور صلاح الصاوي علها تكون مساهمة في هذا الاتجاه.
- 1 -
" يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : فالأصول الثابتة بالكتاب والسنة بالإجماع، هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء ليس لأحد خروج عنه، ومن دخل فيها كان من أهل الإسلام المحض، وهم أهل السنة والجماعة، وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوعت فيه الأنبياء، قال تعالى : ( الّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا )، والتنوع قد يكون في الوجوب تارة، وفي الاستحباب أخرى) مجموع الفتاوى ابن تيمية 19/17 ، 118.
ولهذا فإن منطلقنا في هذه الدراسة، أن الأصول الثابتة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة بين هذه الجماعات، بمنزلة الدين المشترك ليس لأحد الخروج عنها أو منازعة فيها.
أما ما تنازعوا فيه فهو قسمان:
1- قسم كان اختلافهم فيه اختلاف تنوع : وهو كل ما تنوعوا فيه من الأقوال والأعمال المشروعة التي ليس بينها تناقض ولا تضارب، ولا يعترض على شيء منها في ذاته لورود الدليل الذي يشهد بصحته، فهذا فتح عليه في الجهاد، وهذا فتح عليه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا فتح عليه في طلب العلم، وهذا في الإنفاق والمجاهدة بالمال .. إلخ، وليس بين هذه الأعمال تعارض ولا اضطراب، ولا يمثل تنوعها نقصاً ولا اختلالاً، لأنها بمجموعها تمثل إحياءً شاملاً لمختلف الفرائض و تجديداً متكاملاً لفرائض الإسلام كافة.
2- وقسم تنازعوا فيه ولا يمثل خرقاً لإجماع ولم يعتبر من قبيل زلات العلماء: وهذا يكون بمنزلة ما تنوعت فيه شرائع الأنبياء أيضاً، ولكن من وجه دون وجه، فهو يشبهه من وجه ويفارقه من وجه آخر.
أما وجه المشابهة فلأن كل واحد من المتنازعين مأمور بالعمل بما أداه إليه اجتهاده، ولو عمل على خلاف ذلك لكان مخطئاً وآثماً، كما أن كل نبي مأمور باتباع ما أوحي إليه من ربه، كما أنه ليس لأحدهما أن يوجب على الآخر طاعته، كما أن ذلك ليس لأحد من النبيين مع الآخر، فإن ظهر له من الدليل ما كان خافياً عليه فانتقل إلى الاجتهاد الآخر، فإن ذلك يشبه النسخ في حق النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الاجتهاد رفع للاعتقاد، والنسخ رفع للحكم على الحقيقة، ولأن على اتباع المجتهدين ومقلديهم اتباع من ولي أمرهم من العلماء والأمراء فيما ساغ له اتباعه وأمر باتباع اجتهاده فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وأما ما يشبه ذلك من وجه دون وجه، فهو ما تنازعوا فيه مما أقروا عليه وساغ لهم العمل به من اجتهاد العلماء والمشايخ والأمراء والملوك، كاجتهاد الصحابة في قطع اللّينة وتركها، واجتهادهم في صلاة العصر لما بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، وأمرهم أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة، فصلى قوم في الطريق في الوقت، وقالوا: إنما أراد التعجيل لا تفويت الصلاة. وأخّرها قوم حتى وصلوا وصلوها بعد الوقت تمسكاً بظاهر لفظ العموم، فلم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم واحدة من الطائفتين، وقال صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر). مجموع الفتاوى 19/123.
وقد اتفق الصحابة في مسائل تنازعوا فيها، على إقرار كل فريق للفريق الآخر على العمل باجتهادهم، كمسائل العبادات والمناكح، والمواريث والعطاء، والسياسة وغير ذلك.. إلى أن قال شيخ الإسلام : ( أما وجه المخالفة فلأن الأنبياء – عليهم السلام – معصومون عن الإقرار على الخطأ، بخلاف الواحد من العلماء والأمراء، فإنه ليس معصوماً من ذلك، ولهذا يسوغ بل يجب أن نبين الحق الذي يجب اتباعه، وإن كان فيه بيان خطأ من أخطاء العلماء والأمراء، وأما الأنبياء فلا يبين أحدهما ما يظهر به خطأ الآخر. وأما المشابهة فلأن كلاً مأمور بتباع ما بان له من الحق بالدليل الشرعي، كأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع ما أوحي إليه. ) مجموع الفتاوى 19/ 124.
ويقول شيخ الإسلام: ( فالمذاهب والطرائق والسياسات للعلماء والمشايخ والأمراء، إذا قصدوا بها وجه الله – تعالى – دون الأهواء، ليكونوا مستمسكين بالملة والدين الجامع الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له، واتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم من الكتاب والسنة بحسب الإمكان بعد الاجتهاد التام- هي لهم من بعض الوجوه بمنزلة الشرع والمناهج للأنبياء، وهم مثابون على ابتغائهم وجه الله وعبادته وحده لا شريك له، وهو الدين الأصلي الجامع، كما يثاب الأنبياء على عبادتهم الله وحده لا شريك له، يثابون على طاعة الله ورسوله فيما تمسكوا به من شرعة رسوله ومنهاجه، كما يثاب كل نبي على طاعة الله في شرعه ونهجه.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( من العلماء من يسلك بالأتباع طريقة ذلك العالم فتكون في شرعهم حتى يسمعوا كلام غيره ويروا طريقته، فيرجح الراجح منهما، فتتنوع في حقهم الأقوال والأفعال السالفة لهم من هذا الوجه، وهم مأمورون بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه كما أمرت الرسل بذلك، ومأمورون بألا يفرقوا بين الأمة بل هي أمة واحدة كما أمرت الرسل بذلك، وهؤلاء آكد، فإن هؤلاء تجمعهم الشريعة الواحدة والكتاب الواحد...
ومن أراد أن يجعل أقوالهم وأفعالهم بمنزلة قول المعصوم وفعله، وينتصر لها بغير هدى من الله فقد اعتدى واتبع هواه بغير هدى من الله ، ومن فعل ما أمر به بحسب حاله، من اجتهاد يقدر عليه، أو تقليد إذا لم يقدر على الاجتهاد، وسلك في تقليده مسلك العدل فهو مقتصد، إذ الأمر مشروط بالقدرة قال تعالى ( لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها) فعلى المسلم في كل موطن أن يسلم وجهه لله وهو محسن ويدوم على هذا الإسلام، فإسلام وجهه إخلاصه لله، والإحسان فعله الحسن. فتدبر هذا فإنه اصل جامع نافع عظيم) مجموع الفتاوى 19/ 126-128.
ويقول الدكتور الصاوي ( هذا القسم منه ما يعد الاتفاق فيه ضرورة لتحقيق الوحدة المنشودة بين فصائل العمل الإسلامي المعاصر، ومنه ما لا يعتبر من هذا القبيل لعدم تعلقه بهذه القضايا العامة، وكونه مما لا تتعدى آثاره حدود المواقف الفردية.
إبراهيم السكران
محمود نديم نحاس
بدر الثوعي
أكرم الحميدي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة