..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

القوى الدولية ليست متخاذلة

أحمد نوفل

١٠ فبراير ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3383

القوى الدولية ليست متخاذلة
نوفل1.jpg

شـــــارك المادة

في متابعة أخبار الثورة  السورية تتردد عبارة على لسان قادة الثورة أو قادة العمل السياسي، أو المتعاطفين مع الثورة، أو.. هذه العبارة هي أو مفادها: إن من أسباب تأخر الحسم في سوريا تخاذل القوى الدولية. والحقيقة أن القوى الدولية ليست متخادلة، فاقتضى التنويه، ولزم التصحيح.
فأولاً: من نحن بالنسبة لهم؟

 


إننا جميعاً مستعمرات سابقة، والمستعمرات السابقة لم تستقل عن سادتها ولن تستقل في المنظور القريب، ويجري تدمير بنيتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بشكل منهجي منظم بتواطؤ من الأنظمة القائمة، وهذا ما لن يسمح بتغييره.
وخذوا مصر نموذجاً، فقد كانت مصر مزرعة للتجارب الأمريكية على المجتمع المصري، بل حتى التجارب الإسرائيلية، فالأدوية المسرطنة كانت تمرر عبر وزارة الزراعة لإفساد الثروة النباتية والحيوانية، وعبر وزارة الصحة لتدمير صحة الشعب، لقد جرى في مصر باختصار تدمير وإفساد كل شيء، وعندما انصرف النظام دمر كل شيء، حاولت أمريكا و»إسرائيل» والعملاء إعادة العجلة إلى الوراء.
فهل هذه القوى الدولية التي تسعى بكل ما أوتيت أن نظل في التبعية لها متخاذلة؟
إن التخاذل يكون حكماً على عمل أخ لك أو صديق أو ناصح يكون دون المستوى المأمول والمتوقع، فنقول تخاذل العرب في نصرة الأقصى، هذا صحيح لكن تخاذلت أمريكا في نصرة الأقصى! هذا ما لا ينبغي أن يقال.
والمسألة بالمناسبة ليست فذلكة لغوية، فاللغة هي أداة نقل الأفكار والمشاعر والمواقف والمعبرة بدقة عما يعتمل في دواخلنا، فهل نحن ننظر إلى هذه القوى هذه النظرة؟
هل نحن نتعامل معها على أنها قوى ستساعدنا في نهوضنا وثوراتنا واخضرار ربيعنا العربي؟
إذاً فثمة مشكلة في النظر والفكر والفهم والثقافة وتعقل الأشياء.
ولست أعني عزل أنفسنا عن العالم وعدم التعامل مع الآخرين، لكن فلأعرف حقيقة موقفهم مني وحقيقة نظرتهم إليّ شعباً وأرضاً وتاريخاً وجغرافية وثقافة.
هل هذه القوى الكبرى تريد لسوريا وشعبها وثورتها خيراً؟
الجواب بالقطع لا،
إن الأسد ونظامه منذ أول عهد الأسد الوالد -أي منذ السبعين حتى الآن- وهو يعمل لصالح القوى الكبرى، ويعمل لتدمير بلده بالصورة المنهجية المنظمة التي قلنا عنها في عهد مبارك، وهؤلاء ليسوا أقل سوءاً من مبارك، ألم ترهم الآن ينسقون مع فلول عهد مبارك؟
ألم يكن عمر سليمان –على الأرجح- عندهم عندما قتل أو أصيب بجراح، ثم نقل إلى أمريكا للعلاج فتوفي قبل أن يصلها، وأخرجت المسألة بصورة فحوص! وتوفي في أثناء إجرائها!
لكن ذكاء النظام الأسدي جعله دائماً يتصرف تحت غطاء الوطنية والممانعة والمقاومة ومناهضة مشاريع الهيمنة الإسراأمريكية، وهذه المصطلحات التافهة.
ومن مزق فتح كل ممزق؟
أليس النظام السوري، من أنهك الوجود الفلسطيني في لبنان؟
أليس هو أيضاً؟ من وراء مذبحة تل الزعتر؟ من وراء مذبحة مخيم صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة؟ أليس أمل حليفة سوريا؟
هذا التمثيل الآن انتهى أوانه وحل أوان الانكشاف.
ألم يمتنع مبارك عن زيارة «إسرائيل» طيلة حكمه وكان إعلامه الطبال يستغل هذه النقطة، وهو ألعن من «إسرائيل» نفسها؟
ألم يفتح بلده للموساد تسرح فيها وتمرح؟
ألم يكن ضد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية في كل موقف؟
ألم يكن عمر سليمان يتفاوض نيابة عن «إسرائيل»؟
ألم يكن يضيف شروطاً سوى شروط «إسرائيل»؟
هذه القوى الدولية ترعى العملاء، وإذا أيقنت من سقوطهم تركتهم يسقطون ثم انقضت في هجمة مرتدة على القوى الناهضة، وعملت بكل ثقلها لإسقاطها.
ألم يسقط الجولان في عهد الأسد الوالد في مسرحية هزلية لا قتال فيها ولا جد ولا استبسال؟ أين المقاومة؟
أين حروب العصابات التي كنتم تتبجحون عنها؟
ألم تجروا مصر إلى حرب سنة 67 وكنتم أول من انسحب وانهزم؟
هذه الأنظمة التابعة للمستعمر يعمل على إدامتها، وليس متخاذلاً في نصرة الثورة، بل هو متآمر على ألا تنتصر.
وأعيد القول إنها ليست مسألة كلمة أو لفظة تصحح، لا ولكنها مشاعر ينبغي أن تصحح وأفكار يجب أن تعدل، والقالب اللفظي المعبر والمفصح عن هذه الأفكار يجب أن يعدل ويبدل.
وإذا أردنا أن نعرف حقيقة الموقف الذي تقفه الدول الكبرى أو القوى العظمى أو القوى الدولية، فلنقارن مواقفها في أحداث مختلفة ليتضح الازدواج والتناقض.
تأملوا مثلاً موقف أمريكا من مصر الآن، فإن الناطق الرسمي الأمريكي يقول قبل ثلاثة أيام من كتابة هذه الكلمات أو من نشرها بالأحرى، يجب أن يقدم رموز النظام المصري للمحاكمة من أجل من قتلوا في المظاهرات الأخيرة.
وأمريكا و»إسرائيل» تعلم من قتلهم وبيد وأسلحة ودعم من!
إنها هي وراء قتل المتظاهرين، فالشرطة لم يكونوا يحملون أي أسلحة، وأما تدمير سوريا بالكامل وقتل قرابة مئة ألف، واعتقال قرابة المئتي ألف فلا تعليق على كل ذلك!
تصفية نظام صدام على شبهة الكيماوي ولم يوجد بعد تفتيش البلد من شارع لشارع وزنقة زنقة وزقاق زقاق!
أما الأسد فاستخدم الكيماوي ضد شعبه وأمريكا تقول لا لم يستخدمه.
هذه هي الكشافات الحقيقية عن مواقف القوى الدولية.
لاحظ أن أربعمئة مقاتل في مالي من بلدان متخلفة وإمكانات متخلفة جعلت العالم يحشد قواه في تحريك دولي لمحاربة هؤلاء، بقطع النظر من يكونون ومن وراءهم!
وإبادة بلد وشعب وتدمير مدن وقرى وأرياف وحواضر وتهجير ملايين من الشعب السوري فهذا لا يكفي لتحرك هذه القوى الدولية المتآمرة.
من قال إن نظام الأسد لا يعمل مع أو لا يعمل لحساب هذه القوى، فيما الظاهر مضادتها ومحاربتها في تمثيلية هزيلة هزلية باتت مفضوحة.
أليست إيران من علمه الباطنية؟
أليست هي ضد أمريكا في النهار وهي حليفتها في الليل؟
هؤلاء هم الباطنيون وهذه هي الباطنية، هذا ليس تحريضاً وإنما هذا محاولة فهم لما يدور ويجري فقط.
من زج بعناصر من القاعدة في الثورة السورية، وقلنا منذ اليوم الأول إن نصرتكم ستضر أكثر مما تنفع، وهذه أمريكا وسوريا من بينهم من زج بهؤلاء ثم اتخذوا وجودهم ذريعة لمنع مساعدة الثوار ومنع تسريب السلاح لهم، بينما نهر الدعم اللوجستي والتسليحي الإيراني الروسي يتدفق بلا توقف على النظام.
لماذا يطلب البشير لمحكمة دولية بسبب أحداث دارفور، ولا يطلب الأسد حتى الآن رغم المناشير الكهربائية التي تشق بها الرؤوس، ورغم دق المسامير في الأجساد وتقطيع الأعضاء والاغتصاب بالآلاف!! والكيماوي وذبح الأطفال والتهجير والإلقاء بالجثث في الأنهار وكل ذلك لا يستحق أن يطلب الأسد من أجله لمحكمة دولية؟!
أيها الناس، أيها الثوار، أيها المقاومون، أيها الشعب السوري والعربي، أيها المسلمون، لا تخطئوا، إن القوى العالمية بريئة من وصفكم لها بالتخاذل في نصرة قضاياكم، إنكم قلتم هجراً من القول، وقلتم ما لا يمت إلى الواقع بأدنى صلة.
إن القوى الدولية تعمل بكل همة ونشاط وتجند كل الإمكانات لئلا يسقط النظام الأسدي ولا كل أنظمة العملاء.
اعتمدوا على الله، وتوكلوا عليه، واستنصروا به، وزيدوا من تضحياتكم واستبسالكم وهجماتكم حتى يحكم الله بينكم وبين عدوكم، لا تنتظروا من عدوكم نصرة على عدوكم.

 

 

نيوز سنتر

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع