الرشيد
تصدير المادة
المشاهدات : 3310
شـــــارك المادة
إن أكبر برهان على شعبية الثورة السورية وعدم تحركها طبقاً لأي أجندات داخلية أو خارجية هو بساطتها لحد السذاجة. وبقدر ما هي ميزة لأي ثورة -أي البساطة- بقدر ما كانت عقبة في وصول المتظاهرين والثائرين لأهدافهم بالسرعة المطلوبة.
لقد انطلقت الثورة السورية بأطهر ما يكون من حيث الشعارات والعنفوان والغايات، لقد بدأت ثورة بريئة براءة طفل صغير اعترض على من سلبه شيئاً يخصه، وبعد عدة أشهر بدأ دافع الانتقام يتغلغل بين صفوف الثوار والمتظاهرين. وهاهي بعد عام تتحول لثورة مسلحة لا تكتفي برد الفعل الانتقامي، بل صارت تتبع أسلوب الهجوم وتحرير الأراضي في حين انتقل النظام السوري من حالة الدفاع (المفرط بالقوة) عن النفس إلى حالة الانتقام باتباع سياسة الأرض المحروقة والمجازر الجماعية. وعندما أقول دفاع النظام السوري عن نفسه بالتأكيد أقصد عن وجوده، فما من نظام في الدنيا يقبل التسليم دون مواجهة ما. وفي سوريا كانت المواجهة شرسة جداً لا تتناسب أبداً مع مصدر (الاعتداء) اللفظي من المتظاهرين تجاه الدولة ورموزها. فالعنف الكلامي قوبل فوراً بالرصاص والنار. وما حدث مع المتظاهرين من انتقال من العنف اللفظي إلى عنف السلاح هو دليل على بساطة الثورة وتلقائيتها، فغريزة الانتقام سمة إنسانية طبيعية، ورد الفعل بالمثل هو حالة طبيعية أيضاً، وهكذا سارت الثورة السورية في طريق التسلح لعدم صبرها على مناظر ومشاهد الدماء والطلقات التي كانت تخرق بلا رحمة رؤوس المتظاهرين. أما الجانب السياسي للثورة فهو معدوم تماماً، وذلك لعدة أسباب؛ أبرزها كما أسلفت هو بساطة الثورة، وغياب الحياة السياسية العملية عن الساحة السورية لعقود، وانضمام معظم المتظاهرين للثورة بشكل عفوي دون أي أدلجة فئوية أو حزبية. ولي أن أذكر في هذا المقال بعضاً من الأخطاء التي وقعت بها الثورة السورية بسبب بساطتها وسذاجتها، وأكبرها وأولها: هو عدم تقدير القوة (الخارجية) للنظام السوري، فالثائر السوري يعرف ويدرك تماماً ضعف النظام السوري من الداخل، ويدرك تماماً جبن عناصر الأمن والشبيحة، فهم مرتزقة أولاً وأخيراً، لا يتحرك أحدهم دون سلاحه أو من خلف ساتر، أما المتظاهر فهو يخرج للمظاهرة وقد قرأ الفاتحة على روحه، وكله إيمان بقضيته؛ فشتان ما بين الاثنين. وقد اعتقد الثوار منذ البداية أن (العملية) لن تستغرق معهم أكثر من أسابيع حتى يقوم الناتو بدك النظام السوري كما فعل مع ليبيا، وكان هذا الخطأ الأول والأكبر! ثم قدموا المزيد من الدماء واعتقدوا أن تركيا ستحشد دباباتها على الحدود السورية، وكان هذا خطأ أيضاً! أما الخطأ الذي كلفهم كثيراً فهو (تحرير) بابا عمرو وجعلها معقلاً للثوار معتقدين وبكل سذاجة أن نظاماً ما زالت سفراؤه تمارس الدبلوماسية في معظم دول العالم، وبعد سنة من المذابح دون حتى إدانة دولية سيقف متردداً أمام حي صغير حتى لو اضطر لارتكاب مذبحة فيه، وهذا ما حدث بالفعل، مسحت بابا عمرو عمرانياً وهجرت سكانياً وذبحت طفلاً وكهلاً وشيخاً فمن تحرك؟؟.... والآن وبعد مرور سنة على هذا الحراك الشعبي الجبار أصبح الثوار يقرؤون السياسة الخارجية بشكل أفضل، وليس ذلك لحنكة سياسية بل بسبب (التجريب)، فما عادت وعود أردوغان الفارغة تؤملهم، وما عادت مطالبات أوباما للأسد بالتنحي تسعدهم، وما عادت إدانات الجامعة العربية تهمهم. لقد عرفوا أن المجلس الوطني أصبح واجهة للغرب وليس واجهة للثوار، وعرفوا أن إنشاء قوة داخلية ضاربة وهي الجيش السوري الحر سيكون لها الكلمة الفصل في خلع هذا النظام. نحن في عصر لا يعرف إلا لغة القوة وهذا الجيش الوليد سيكبر بسرعة ويقوى ساعده ويصبح الطرف الأقوى في التفاوض مع الغرب عندما يفرض كلمته على الأرض، وهو قد بدأ بهذا بالفعل. إن استمرار التظاهر الشعبي وتكثيف عمليات الجيش الحر سيجعل البلد في دوامة دائمة من فقدان الأمن، وهو نقطة ضعف النظام؛ حيث يصبح النظام السوري مصدراً لعدم الاستقرار بالمنطقة، خصوصاً إذا ما امتد هذا الوضع الأمني القلق إلى خارج الحدود، عندها فقط ستجد كل دول العالم الكبرى جاهزة للتدخل، وبالتأكيد لصالح الثورة السورية، فهم بالتأكيد لن يراهنوا على نظام ساقط داخلياً، وعندها فقط سيجد الثوار المباركة والدعم لثورتهم من العالم أجمع.
إبراهيم السكران
ماجد الدرويش
مصعب بن محمد حواري
عباس شريفة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة