إيلي جارينمايه
تصدير المادة
المشاهدات : 6625
شـــــارك المادة
نشرت صحيفة «المونيتور» مقالا تحليليا للكاتبة «إيلي جارينمايه» من مركز العلاقات الخارجية، يتناول بالتحليل مشاركة إيران في محادثات فيينا، وأهداف وحدود هذه المشاركة، وهل يمكن أن تفضي في النهاية إلى تنازلات معتبرة من قبل إيران.
ووفقا للكاتبة، تسعى الدول الأعضاء في مجموعة دعم سوريا، والموقعة على بيان 14 نوفمبر/ تشرين الثاني في فيينا نحو تنفيذ خارطة الطريق من أجل إنهاء النزاع السوري في ظل ظروف أكثر ملاءمة لمصالحها الاستراتيجية. على المدى القصير، فإن القوى المعنية في هذا العملية سوف تحافظ على الأرجح على مواقفها المتطرفة في محاولة للحفاظ على مواقعها التفاوضية بينما يستمر القتال في سوريا. مع مرور الوقت، سوف تتحدد بشكل واضح الخطوط الحمراء لأصحاب المصالح الأربعة الرئيسين في القضية، الولايات المتحدة وروسيا وإيران والمملكة العربية السعودية. حيث يعتبر التوافق بينهم هو الخطوة الأساسية لأي تسوية سياسية في سوريا.
جاء الاتفاق على خطة العمل الشاملة المشتركة بين إيران والقوى الكبرى متزامنا مع إصرار موسكو على أن طهران لابد أن تشارك في محادثات فيينا، وهو ما شكل تحولا بالنسبة للغرب. بدلا من احتواء إيران في الملفات الإقليمية، هناك الآن الرغبة في مزيد من الانفتاح على مشاركتها. تشير مشاركة إيران للمرة الثانية في محادثات فيينا إلى أن قياداتها لا ترغب في أن يتم النظر إليها على أنها تبادر بإفساد هذه المنصة السياسية الجديدة. اللعبة الإيرانية في سوريا معقدة، ولها أبعاد يمكن أن تتغير كثيرا اعتمادا على تطور الصراع.
هناك أمرين رئيسيين يحددان موقف إيران التفاوضي خلال المباحثات.
الأول هو الحفاظ على الوصول إلى لبنان والحفاظ على عمق حزب الله الاستراتيجي ضد (إسرائيل) والوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. والثاني هو ضمان، كحد أدنى، أن أي حكومة مستقبلية في دمشق لن تكون معادية لمصالحها الإقليمية. بينما من المحتمل أن هذه الأمور الأساسية لن تكون قابلة للتفاوض بالنسبة لإيران، فإن الطريقة التي يمكن من خلالها الوصول إلى هذه المصالح يمكن أن تكون أكثر مرونة.
في السيناريو الأمثل لطهران، فإن الرئيس السوري «بشار الأسد» عليه أن يبقى محتفظا بالسيطرة على الحكومة المركزية، بعد استعادة أكثر الأراضي التي فقدها لصالح المعارضة معتمدا على الدعم الجوي الروسي. سيكون بديلا مقبولا أن تكون هناك قيادة ما بعد «الأسد»، شريطة أن تكون قادرة على فرض سيطرتها على الأجهزة الأمنية السورية مع الحفاظ على المصالح الجوهرية الإيرانية. كل من هذه السيناريوهات هي أمور غير قابلة للنقاش من قبل جماعات المعارضة السورية والمملكة العربية السعودية وإن كان ذلك لأسباب مختلفة.
تطالب جماعات المعارضة بتنحي «الأسد» ودائرته الداخلية جانبا، وأن يمنعوا جميعا من الترشح في الانتخابات المقبلة. على النقيض من ذلك، فإن طهران تصر حتى الآن أن يسمح لـ«الأسد» بالمشاركة في الانتخابات.
في محادثات فيينا، تعهدت إيران دعمها لإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، ولهذا تجادل أنه إذا كان «الأسد» قد فقد الشرعية حقا، فإن السوريين يستطيعون التعبير عن ذلك من خلال صناديق الاقتراع. المشكلة الأكبر لجماعات المعارضة السورية هي عدم الثقة في أن أي آلية رقابة، حتى لو كانت تحت إشراف الأمم المتحدة، سوف تكون محصنة من العبث.
هدف السعوديين في سوريا هو أقل اتصالا بـ«الأسد» في حد ذاته كشخص، وأكثر تركيزا على العلاقات الإيرانية مع أجهزة الأمن السورية. المملكة العربية السعودية، إلى جانب قطر وتركيا، دعمت كل قوى المعارضة الوطنية والإسلامية لمواجهة دمشق وطهران. ردا على ذلك، تسعى إيران للحفاظ على اثنين من التكتيكات الموازية لحماية مصالحها، الأول مساعدة «الأسد» والجيش السوري لمحاربة قوى المعارضة، حيث يعتقد أن على نطاق واسع أن الحرس الثوري الإيراني يكثف من دعمه للجماعات شبه العسكرية الموالية للنظام ، ولاسيما قوات الدفاع الوطني السوري، من أجل حماية المصالح طويلة الأمد لإيران.
وصعدت قوات الدفاع الوطني السوري إلى المشهد في عام 2013 باعتبارها مظلة دمج الميليشيات المسلحة الموالية لـ«الأسد» واللجان الشعبية. تتكون المجموعة من المقاتلين من عدد كبير من الجماعات العرقية والدينية السورية.
ومن الناحية النظرية فإنه يتم الإشراف على تدريبهم وتسليحهم من قبل دمشق. ولكن من الناحية العملية، ومع ضعف النظام السوري، فإنه يعتقد أن الحرس الثوري الإيراني هو من يتولى مسؤولية القيادة والتدريب. لا يزال حزب الله اللبناني هو الشريك الإيراني الأكثر موثوقية لإيران في أنشطة القتال في سوريا، ولكن في النهاية فإن هذه القوة سوف تحتاج إلى العودة إلى قاعدتها الرئيسية في لبنان. عندما يحدث ذلك فإن إيران سوف تكون بحاجة إلى مؤسسات بديلة، لحماية قدرتها على الوصول إلى حزب الله عبر الطريق السوري.
على الرغم من أن القوى الشيعية ليست الأغلبية داخل قوات الدفاع الوطني السوري (الجبهة)، فإن هيكلها والعمليات التي تقوم بها يبدو مماثلا لتلك الميليشيات الأخرى التي تدعمها إيران مثل حزب الله ومختلف الميليشيات الشيعية العراقية. قد أثبتت هذه التشكيلات فعالية في حماية الأهداف الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة. وبالتالي فإنه من الطبيعي بالنسبة لإيران أن تستثمر في رهاناتها على الجبهة كاحتياطي للحكومة السورية في المستقبل. مثل هذه الجبهة يمكن أن تكون أيضا وسيلة فعالة لحماية مصالح إيران إذا ذهبت سوريا إلى التقسيم وهو السيناريو الذي تأمل جميع الجهات المعنية تجنبه.
ونظرا لآثار التدخلات العسكرية الغربية في ليبيا والعراق، فإن كل من واشنطن وموسكو ترغبان في تجنب ذات الوضع في سوريا، حيث اللاعبين غير الحكوميين والوكلاء الإقليميين يهيمنون على أرض الواقع. مثل هذا الوضع يهدد بفرض حالة من الشلل على أي حكومة سورية في المستقبل. الغرب قلق إزاء الآثار المترتبة على نفوذ الحرس الثوري قوات الجبهة، الذين يعتقد أن عددهم يبلغ 60 ألفا على الأقل ما يمنحهم قدرة على تقويض أي مؤسسة أمنية بعد «الأسد». إيران، ومع ذلك، تبدو أكثر حرصا على تعزيز الميليشيات في ظل غياب الضمانات الخارجية الهادفة لكيفية التعامل مع جماعات المعارضة السنية مثل جبهة النصرة. من غير المرجح أن إيران سوف تقطع علاقاتها مع الجماعات المسلحة السورية حتى يتم تهميش الفصائل مثل جبهة النصرة وجيش الفتح.
ليس هناك ضمانة بأن استمرار تعبئة إيران للميليشيات في سوريا سوف يكون متوافقا مع رؤية موسكو على المدى الطويل لشرق أوسط تحكمه هياكل الدول المركزية. روسيا وإيران تشتركان في بعض الأهداف حول سوريا، وأهمها الحفاظ على ما يعرف باسم محور الممانعة (إيران والعراق وسوريا وحزب الله) ضد الغرب، وتعزيز موقف «الأسد» في المفاوضات ومنع انهيار الأجهزة الأمنية السورية.
في الوقت الراهن، فإن موسكو وطهران تركزان على التعاون من أجل تحقيق الأهداف المباشرة باستخدام الأحذية الإيرانية والطائرات الروسية.
إلى أي مدى سوف تواصل إيران دعم وتعميق علاقاتها مع الجماعات المسلحة في سوريا يرتبط مباشرة بحجم الضمانات التي سوف تعطى لإيران لتأمين مصالحها الأساسية مع أي تسوية في سوريا. الزيادة في الوفيات في صفوف الحرس الثوري الإيراني خلال الشهر الماضي من المرجح أن تجبر إيران على إعادة النظر في وسائلها للاحتفاظ بالنفوذ داخل سوريا في المستقبل، على الرغم من أن كبار ضباط الحرس الثوري الذي خاضوا حربا وحشية استمرت لمدة 8 سنوات ضد نظام «صدام حسين» هم أبعد ما يكون عن تقديم تنازلات واسعة حول الخطوط الحمراء الإيرانية.
إيران، مثل بلدان أخرى تشارك في محادثات فيينا، سوف تستمر في التفاوض تحت النيران حتى يصبح بالإمكان الوصول إلى العتبة الملائمة لإقرار تسوية ذات مغزى في سوريا.
المونيتور - ترجمة فتحي التريكي: الخليج الجديد
ألبرتوبيرِيس. ترجمة: الحدرامي الأميني
لوموند
ديباراتي جوها سابر
فريلاند ترجمة: أحمد الوكيل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة