محمد بسام يوسف
تصدير المادة
المشاهدات : 4097
شـــــارك المادة
مع كل ذلك التعتيم، فقد بقيت معالم المأساة وتفاصيلها المروّعة، محفورةً في ذاكرة الآباء والأجداد والشقيقات والأشقاء والعمّات والأعمام والخالات والأخوال، الذين كتب الله لهم الحياة، بعد أن فقدوا أربعين ألفاً من أرحامهم، ورأوا بأعينهم جنود (هولاكو سورية)، وهم يقتلون ويدمِّرون ويهتكون ويسرقون وينهبون ويعتقلون ويعذِّبون ويروِّعون!.. كل ذلك ما يزال محفوراً في أخاديد الذاكرة، التي ما تزال تعرض شرائط الجريمة حيةً رطبةً بالغة الوضوح:
أولاً: سادية القتل لمجرّد القتل بلغت ذروة الإجرام والإرهاب لعصابة الحكم الأسديّ برئاسة (حافظ أسد).. بارتكاب مجزرة حماة الكبرى، التي خلّفت دماراً وضحايا، استحقت نتيجتها أن تسمى بـ (مأساة العصر)!.. فقد بدأت المأساة بتاريخ (2/2/1982م)، واستمرت أربعةً وثلاثين يوماً، وارتكَبَت جرائمها وحداتٌ من الجيش وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة والمخابرات والأجهزة الأمنية والميليشيات الأسدية، التي أعملت بالمدينة قصفاً وحرقاً ورجماً بالصواريخ وإبادةً، ما أدى إلى قتل حوالي (أربعين ألفاً) من المواطنين، وتهديم أحياء كاملةٍ في المدينة، و(88) مسجداً، وأربع كنائس، وتهجير عشرات الآلاف من السكان، واعتقال الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وفَقْدِ الآلاف أيضاً!..
لقد كانت (مأساة حماة ومجزرتها الكبرى) المروّعة في عام 1982م، تتويجاً لمرحلة الانفجار الشامل آنذاك في سورية، بسبب السياسة الاستئصالية للنظام الدكتاتوري، وبرهاناً للشعب على أنّ هذا النظام القمعيّ لن يتخلى عن ظلمه وبطشه ونهجه الاستبدادي مهما كلف ذلك من دماءٍ ودَمار!.. لكنّ حمامات الدم التي ارتكبها النظام الدكتاتوري، لم تستطع حل المشكلة السورية، بل زادتها تعقيداً، وإنّ الرفض الشعبي لنهج القمع والاستبداد والديكتاتورية والأحادية.. ما تزال مستمرة، ولن تنتهيَ إلا بزوال الإرهاب السلطويّ، فالوطن لكل أبنائه، وليس لفئةٍ أو حزبٍ أو طائفةٍ بعينها، وليس أمام شعبنا وقواه الوطنية إلا اقتلاع العصابات الأسدية من جذورها، لأنها عصابات إجرامية مستبدّة.
إنّ الوحشية الاستئصالية الدموية التي اتبعها نظامُ الحكم الفاسد في حماة ، كانت متعددة الوجوه، يأتي في طليعتها: الوجه القاتل لمجرّد القتل والتشفّي، انطلاقاً من حقدٍ طائفيٍّ أعمى، عملت شياطين الأسديين على تغذيته وحقنه في نفوس المجرمين الشاذين، ليؤدوا في حماة دوراً مقدَّساً في عُرفِ هؤلاء الحاقدين، الذين تُغذي سلوكهم أمراضٌ ورثوها عن الجهلة من عميان البصر والبصيرة، وفاقدي الضمائر الحية السوية، فكان العدوان وسفك الدم.. لمجرّد سفك الدم، وكانت الأحقاد التاريخية الدفينة تدفع بمجرمي حافظ الأسد وبقية الحاقدين.. إلى سحق الحياة الإنسانية وكل مظاهرها الحضارية في حماة، فكان يمارَس القتل على الهوية من غير تمييز، والقتل لم يكن يشفي أحقادهم، بل كانوا يعملون على التمثيل بجثث ضحاياهم بأبشع صورةٍ وأسوأ أسلوب!..
بذلك أبيدت أسر كاملة في حماة، فمجزرة حماة الكبرى تكوّنت من عشرات المجازر في أرجاء المدينة، ثم في خارج المدينة وفي ضواحيها، التي سيق الناس إليها من مختلف الأعمار نساءً ورجالاً وأطفالاً، وبشكلٍ اعتباطيٍ لا تفسير له، سوى الرغبة بقتل أكبر عددٍ ممكنٍ من سكان حماة، وبذلك أبيدت أسر كاملة من عائلات: المصري والصحن والزكار والكيلاني والقياسة والشيخ عثمان وموسى والدباغ والصمصام ومغيزيل والقرن ودبور وعلوان وحمود كوجان وأبو سن وعصفور.. وغيرها!..
لقد ورد في تقارير لجان حقوق الإنسان وصف لمجازر فرديةٍ وجماعية، وأفادت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها عن انتهاكات حقوق الإنسان خلال ارتكاب مجزرة حماة الكبرى (انظر تقرير اللجنة الصادر في 20 شباط 2002م).. أنّ الساحات العامة في المدينة، والمدارس، والمستشفيات، والمقابر، والملاعب.. تحوّلت إلى مسارح لمجازر جماعية.. على أنّ مجزرة (سريحين) كانت دقيقة الوصف، وصفها ناجون من المجزرة بعد أن شهدوا كل تفاصيلها، إذ سيق بعض السكان في إحدى عشرة شاحنةٍ إلى منطقة (سريحين) قرب حماة، وهناك تمت تصفيتهم في خنادق خاصة، كان قد صُفِّي فيها أيضاً أعداد سابقة من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين.. وذلك بعد نهب ما بحوزتهم من أموالٍ ومقتنيات.. ودُفِنَت أفواج المذبوحين في مقابر جماعية، وبعض الضحايا عندما دُفِنوا كانوا مضرَّجين بدمائهم وما يزالون جرحى بين الحياة والموت!..
كما سجلّ تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان نفسه مجازر: الملعب البلدي، وأحياء: البياض وسوق الشجرة والدباغة والباشورة والعصيدة والشرقية والشمالية والبارودية وجامع الخانكان.. وغيرها.. وراح ضحيتها آلاف الأشخاص دون تمييز، سواء بالعمر أو بالجنس!.. لقد أتت المجازر الجماعية والفردية على أرواح آلاف الناس، واستمرت شهراً كاملاً دون توقف.. ولم يكن الهدف من ارتكاب هذه المجازر إلا القتل، القتل فحسب، بشكلٍ ساديٍ حاقدٍ لم تعرف سورية مثيلاً له في تاريخها!..
إنها صورة سريعة لسادية القتل الأسديّ، نَصِفُها ونهديها إلى أولئك الذين ما يزالون يطعنون شعب سورية المكلوم بظهره غدراً، أمام كاميرات التلفزيون السوريّ، تعبيراً عن مساندتهم للعصابة الحاكمة الفاسدة في دمشق.. مساندتها في قتل شعبنا، والاحتفال بأنخاب دمائنا.
* * *
ثانياً: انتهاكات وحشية بحق الأطفال والنساء والطاعنين في السنّ خلال مجزرة حماة الكبرى،لم تسلم أية شريحةٍ اجتماعيةٍ من جرائم الطغمة الأسدية.. فقد امتدّت وحشية القتلة الساديين، من الطفل إلى الطاعن في السنّ، ومن الرجل إلى المرأة، ومن المسلم إلى المسيحي!.. إذ كان جنود النظام من سرايا الدفاع والوحدات الخاصة والمخابرات والميليشيات الأسدية.. كانوا ينفّذون أوامر الجهات العليا، بدءاً من رئيسهم حافظ أسد، وانتهاءً بالضابط الطائفي الميدانيّ الحاقد.. كانوا يستبيحون حماة بمن فيها وبكل ما فيها، بتشفٍ ساديٍ لا يقوم به إلا الهولاكيون من العصور الغابرة، بل فاقت ساديةُ هؤلاء الطائفيين ساديةَ هولاكو وجنكيزخان في كثيرٍ من جوانب المأساة التي نَكَبوا بها مدينة حماة!..
كان نصيب الأطفال من وحشية عصابة النظام الأسدي وافراً، شديد الإجرام، فالأطفال كانوا ضحايا المجازر الجماعية والفردية، كما كانوا ضحايا التعذيب الوحشيّ أمام عيون أمهاتهم وآبائهم، وكان بعضهم يموت بسبب الجوع أو فقدان الحليب اللازم لتغذية الرضّع، بسبب الحصار الخانق المضروب على المدينة (مثل رضيعٍ من آل جنيد عمره خمسة أيام)، كما كان بعضهم يموت بسبب الخوف والذعر (مثل الطفل ماهر حلاق 9 سنوات)، خاصةً عندما كانت تُقتَل الأم أو يُقتَل الأب أو الشقيق أمام عيني طفلهم، وبعض الأطفال نجوا من المجازر الجماعية، فأصيبوا باضطراباتٍ نفسيةٍ عميقة!..
كان الجنود الساديون يتفنّنون في قتل الأطفال أو إرهابهم، كَرَمي الرضّع من الطوابق العليا للبنايات بحضور ذويهم، أو خلال حملات الإبادة لأسرٍ بكاملها، أو بواسطة القناصين الذين يتقصّدون قتل الأطفال (مثل قنص الطفل محمد الزين 3 سنوات)، أو بتفجير الملاجئ ودور السكن بمن فيها.. حتى الأجنّة في أرحام أمهاتهم لم يأمنوا من القتل والتنكيل، فقد كان جنود (الصمود والتصدي)، يعمدون إلى بقر بطون النساء الحوامل، للضغط على بقية أفراد الأسرة، ثم يستخرجون الأجنّة من بطونهن ويقتلونهم ذبحاً وتقطيعاً بحراب البنادق (مثلما حصل مع زوجة محمد الكاش وجنينها من حي البارودية)!.. وقد سُجِّلت الكثير من الحالات والأسماء لدى منظمات حقوق الإنسان، عن تلك الجرائم بحق الأطفال والأجنّة.. كما سُجِّلت مجزرة كبيرة للأطفال قتل فيها عدد كبير منهم، أثناء عودتهم من استلام الخبز الذي كانت توزّعه على السكان سياراتٌ خاصة، إذ طلب منهم الجنود التجمع في (الجامع الجديد)، ثم داهموهم وأطلقوا عليهم النار، ليسقطوا جميعاً مضرّجين بدمائهم داخل الجامع!.. (انظر تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان عن انتهاكات حقوق الإنسان خلال مجزرة حماة 19 شباط 2002م، وتقرير اللجنة الصادر في 1 شباط 2006م).
أما النساء، فقد نالهنّ ما نال الرجال دون تمييزٍ أو تفريق، فقُتِل الآلاف من النساء كما قُتِلَ الرجال، فضلاً عن قتلهنّ خلال الدفاع عن أعراضهن أو أطفالهن، ضد جنود حافظ أسد وزمرته المافيوية المجرمة، كما قُتِلَت نساء بهدف سرقة مجوهراتهنّ وحُليّهنّ، وقُطّعت أيدي أعدادٍ منهنّ لاستخراج الحليّ من أذرعهنّ، وبعضهنّ قُتِلنَ انتقاماً من أزواجهنّ المطلوبين للمخابرات، وكذلك بعضهنّ كنَّ يُقتَلْنَ بسبب أنهنّ من عائلة فلانٍ فحسب (براءة بهنسي 35 عاماً قتلت في بيتها مع خمسةٍ من أطفالها)، كما قُتِلَت بعض النساء بسبب مداواتهنّ للجرحى من أبناء الحيّ أو الأقرباء!..
لقد تعرّضت النساء إلى حملات التعذيب الجسديّ والنفسيّ، بالضرب حتى الموت، أو بتعذيب أطفالهنّ وأزواجهنّ قبل قتلهم أمام أعينهنّ، أو برميهنّ من الأماكن الشاهقة، أو بقلع عيونهنّ أو بقطع أطرافهنّ.. كما كان الجنود يختطفون الفتيات الصغيرات من الملاجئ، ثم يعتدون عليهنّ ثم يقتلونهنّ!..
أما كبار السنّ، فقد قُتِل الآلاف منهم أيضاً، بالمجازر الجماعية أو بالقصف العشوائي للمدينة، أو بسبب انقطاع العلاج والدواء، أو بسبب الجوع، أو بالانتقام الفرديّ.. كما توفي عدد كبير من الطاعنين في السن، بسبب المرض أو انقطاع العلاج المنتظم الذي كانوا يخضعون له قبل حصار المدينة، أو بسبب الجوع (مصطفى العزي 72 عاماً: كفيف مات جوعاً بعد قتل كل أفراد أسرته).. وبعضهم قُتِلَ بسبب محاولاتهم دفن أبنائهم أو بناتهم أو زوجاتهم المقتولين والمقتولات، من الذين بقيت جثثهم في العراء أكثر من أسبوعين، مع تهديد جنود العصابة الحاكمة الأهالي وتوعّدهم، كي لا يقوموا بدفن موتاهم (مثل قتل الحاج عبد المعين الأصفر من البياض)!.. (تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان 19 شباط 2002م).
وقد أوردت تقارير منظمات حقوق الإنسان مثلاً، بأن العشرات من علماء الدين في حماة ومشائخها الطاعنين في السن، قد اعتقلوا خلال أحداث المجزرة ولم يعرف مصيرهم حتى الآن، من مثل: الشيخ (بشير المراد) مفتي حماة.. كما نقلت المعلومات أن الشيخ (أديب الكيلاني) استشهد أثناء قصف حي (الكيلانية).. وكذلك الشيخ (عبد الله الحلاق) الذي اعتقل من بيته أثناء المجزرة مع حوالي ثلاثين رجلاً من أبناء حيه (حي الباشورة)، ثم نقلوا إلى منجرةٍ في المدينة وأحرقوا فيها وهم أحياء.. وكذلك الشيخ (محمود الشقفة)، الذي طعنه جنود حافظ أسد أمام بيته في حي (الحاضر) حتى الموت، وعمره كان يناهز الثمانين عاماً.. وكذلك بعض الشيوخ المسنّين المكفوفين، بعد أن داهمتهم قوات سرايا الدفاع بقيادة (رفعت أسد) أثناء وجودهم في مدرسة المكفوفين، فأحرقت لحاهم ثم عذّبتهم وقتلتهم وأشعلت النار في ثيابهم لتحترق جثثهم، ومن هؤلاء الشهداء: الشيخ (شكيب)، والشيخ مقرئ القرآن (أحمد شامية)، والشيخ (أديب كيزاوي)!..
إن ما وقع في حماة خلال المجزرة الكبرى فاق التصوّر، ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يحصل بهذه الصورة في أي مكانٍ من العالَم، ولم يحصل في سورية مثله حتى تحت حكم أعتى القوى الاستعمارية للبلاد، وذلك خلال الاحتلالات المتعددة عبر تاريخ سورية.. فقد أساء الدكتاتوريون والمافيويون الأسديون لسورية وشعبها وحضارتها، بهذه الهمجية المنظمة، التي مارسوها بصدورٍ حاقدة، وعقولٍ إجرامية، ونفوسٍ ساديّةٍ لئيمة.
ثالثاً: التعذيب والتشفّي قبل القتل القمعيون من عصابة النظام الفاسد.. يرون أن القتل فحسب.. لا يشفي نفوسهم المريضة، لذلك غالباً ما كانوا يعذِّبون ضحاياهم وأسراهم بأساليب فاشيةٍ مبتكرة، وذلك قبل قتلهم أو إحراق جثثهم أو تقطيعها.. وقد نقلت الأخبار وصفاً لجرائم ارتكبها جنود (الصمود والتصدي)، يعفّ القلم عن ذكرها لبشاعتها وساديّتها.. لعل منها: اغتصاب النساء حتى بعد قتلهنّ وهنّ ميّتات، فأي ضميرٍ بشريٍ هذا الذي استطاع أن يتجاهل مأساة حماة إلى هذا الوقت؟!..
التعذيب جزء لا يتجزأ من التركيبة النفسية للطغمة الحاكمة في دمشق، مارسوه ويمارسونه في السجون والمعتقلات منذ أكثر من خمسين عاماً.. مارسوه حتى الموت، وقد روى لنا خارجون من السجون السورية بعد عشرين سنة من اعتقاله.. أنّ التعذيب بحقهم لم يتوقف طوال العشرين سنة التي قضوها في السجون المختلفة، فلم يكن الهدف من التعذيب انتزاع اعتراف أو لأجل تحقيقٍ مخابراتيّ، الذي يمكن أن ينتهيَ في يومٍ أو أسبوع.. بل كان بهدف تحطيم النفس، والإذلال، والتشفّي، وإشباع الغريزة الحاقدة، المتجرّدة من كل ما خلق الله عز وجل عليه الإنسان!..
أما التعذيب في شوارع حماة ومشافيها ومساجدها وساحاتها العامة ومَحالّها التجارية.. فقد كان أمراً آخر، مختلفاً عن كل ما يجري في السجون والمعتقلات.. كان أمراً فظيعاً رهيباً يعجز القلم عن وصفه!..
كان الجنود يداهمون المشافي، ليبحثوا عن الجرحى، فيقبضون عليهم وعلى الذين يعالجونهم من الأطباء أو الممرضات، ويقومون بحملات التعذيب الوحشيّ لكل هؤلاء، كالطعن بالحراب للجريح حتى الموت (مثل المواطن الجريح فايز عاجوقة)، أو شقّ صدور الجرحى وتركهم ينزفون حتى الموت، أو قلع عيون الأطباء (مثل الدكتور حكمت الخاني - طبيب عيون)، ثم قتلهم!.. وكانت (فرقة الموت) التابعة لسرايا الدفاع الأسدية ترابط عند المشفى الوطنيّ، لتعذيب الجرحى أو قتلهم، أو تقطيع أجسادهم، أو هرس أعضائهم، أو انتزاع قلوبهم من صدورهم (كما حصل للمواطن سمير قنوت).. ثم كانوا ينقلون الجثث أو بقاياها بسيارات النفايات، لدفنها في أماكن مجهولة!..
تعذيب الأطفال كان له نصيب في حماة، ومن ذلك، رميهم من الشرفات أو الطوابق العليا، وتركهم يتعذّبون مضرّجين بدمائهم حتى الموت أمام أعين ذويهم!.. أو بدفنهم أحياء تحت الأنقاض وهم يصرخون ويبكون ويتوسّلون!.. وكذلك تعذيب الأمهات نفسياً بقتل أطفالهنّ أمام أعينهنّ، أو بتعذيب الرجال بانتهاك عِرض نسائهنّ وبناتهنّ أمام أعينهنّ.. أو بقطع أذرع السيدات والفتيات لسرقة حليّهنّ منها!.. أو بالتعذيب جوعاً حتى الموت!.. أو ببتر الأطراف وفَقء العيون والضرب حتى الموت!..
بعض المواطنين عُذِّبوا بتقطيع أجسادهم قطعةً.. قطعة، حتى قضوا نحبهم (مثل المدرّس عبد المجيد عرفة).. وبعضهم كانوا يُعَذَّبون بتهشيم الرؤوس وسحق العظام والخنق وقلع الأظافر والصعق الكهربائي والتجريح بالحراب في الجسد العاري.. والسحق بجنازير الدبابات التي كانت تسير على أجساد الأحياء العراة.. أو بواسطة الكلاب المفترسة التي تنهش أجساد الضحايا الجرحى أو الموتى!..
كانوا يجمعون الناس بالمئات، ويعذِّبون بعضهم أمام بعضهم الآخر، للإمعان في التعذيب.. وكانوا أحياناً يستخدمون أساليب حرق اللحى والثياب.. للشيوخ الطاعنين في السن، كما وقع للشيخ (عبد الله الحلاق 80 عاماً) وعشرات الشباب، الذين اعتقلوا مع الشيخ وجُمِعوا في منجرة وقُتِلوا حَرقاً.. أو كما جرى مع مفتي حماة الشيخ (بشير المراد)، الذي ضربوه وسحلوه، ثم أحرقوه حياً.. أو كما وقع مع مجموعةٍ من الشيوخ المكفوفين في مدرستهم التي داهمها جنود حافظ أسد، وشرعوا بتعذيب الشيوخ، وحرق لحاهم، ثم بحرقهم أحياء، ثم بالإجهاز عليهم بالبنادق (منهم الشيوخ: شكيب، وأحمد الشامية، وأديب كيزاوي)!..
من أساليب جنود حافظ الأسد، أنهم كانوا يجرّدون الناس من ثيابهم في البرد الشديد، ثم يجمعونهم في المساجد، ثم يفجّرون المساجد بهم (كما وقع في مجزرة حي الشرقية)!.. أو كانوا يحرقون البيوت بمن فيها من النساء والأطفال، أو يحرقون الأشخاص في أفرانٍ عالية الحرارة، بعد تركهم عراةً في العراء، مدةً طويلةً، نهباً للبرد والمطر والجوع (مجزرة معمل البورسلان)!..
التعذيب والتشفّي نهجٌ ثابتٌ لحكام سورية الظالمين، منذ أن تسلّطوا على رقاب الشعب السوريّ.. نتحدى أولئك الهتّافين، أكانوا من المتوافدين إلى دمشق للهتاف بحياة القتلة واللصوص ومنتهكي الأعراض وذبّاحي كل القيم الإنسانية.. أم من الكتّاب والصحفيين من مختلف الأقطار العربية، الذين يستخدمون دماء شعبنا مِداداً لأقلامهم، لممالأة النظام المجرم.. نتحداهم أن يواجهوا شعبنا الذبيح، سواء الآن أم في المستقبل.. فبأي وجوهٍ سيواجهونه؟!.. بوجوه الصمود الكاذب، أم بِجِباه التصدي المزعوم؟!..
رابعاً: الإخفاءُ والتَّهجيرُ والنَّهب لم تقتصر مأساة حماة على القتل والتدمير، بل تعدّت ذلك إلى مآسٍ إنسانيةٍ أخرى ما تزال سارية المفعول حتى اليوم، أي بعد ثلث قرن.. لأنه خلال المجزرة الكبرى، وخلال عمليات الإبادة التي استمرّت أكثر من شهر.. لم تنتهِ عمليات المداهمة والاعتقال، بل اشتدّت إلى أضعافها بعد انتهاء المواجهات والسيطرة على المدينة من قِبَلِ جنود (الصمود والتصدي) الأسديين.. وكانت الاعتقالات عشوائية، طالت النساء والرجال والأطفال، فوصل عدد المعتقلين إلى عشرات الآلاف، حُشِروا في معتقلاتٍ مؤقّتةٍ بكثافةٍ شديدة، ويجدر بنا -لتقدير شدّة القمع والاضطهاد اللذَيْن تعرّض لهما سكان المدينة- أن نذكرَ بأنه في (المدرسة الصناعية) وحدها.. حُشِرَ خمسة عشر ألفاً من أبناء المدينة معتقلين!..
يكفي أن تكون حموياً في ذلك الوقت.. ليتم اعتقالك والتنكيل بك!.. وعلى هذا، اعتُقِلَت مجموعات من الحمويين عند نقاط الحدود كانوا يسافرون دخولاً إلى سورية أو خروجاً منها.. واعتُقِل أعداد من طلاب الجامعات خارج حماة.. كما اعتُقِل عدد كبير من الحمويين الذين نزحوا إلى محافظاتٍ أخرى فراراً من القتل والذبح على الهوية!..
الأعداد الضخمة من المعتقلين انقسمت إلى أقسامٍ عدة، فمنهم من تمت تصفيته فوراً بعد الاعتقال، ومنهم من تمت تصفيته بعد حملات تعذيبٍ رهيبة داخل السجون المؤقّتة، ومنهم من توفي جوعاً وبرداً، أو بسبب الأمراض التي كانوا يعانون منها.. والآلاف منهم اختفوا، ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن، وقد قيل إنّ قسماً من هؤلاء سيقوا إلى قرىً خارج المدينة، وتمت تصفيتهم بمجازر جماعية، ودفنوا في مقابر جماعيةٍ أيضاً (قرية براق، وسريحين، و..)، وبعضهم نُقِلوا إلى سجن تدمر الصحراويّ الرهيب، وتمت تصفيتهم هناك بالإعدامات المنظّمة!..
الاعتقالات كانت انتقاميةً على الهوية، والتصفيات كذلك، كما حدث لآل المصري، الذين نادى جنود النظام عليهم جميعاً في أحد المعتقلات الجماعية المؤقتة، أي على جميع آل المصري أن يتجمعوا معاً، ثم حملوهم إلى مقبرة سريحين قرب حماة، وهناك تمت تصفيتهم جميعاً رحمهم الله، ودُفِنوا في مقبرةٍ جماعية!..
الإخفاء لم يكن بحق شريحةٍ محددة، بل نال من كل الشرائح الاجتماعية، نساءً ورجالاً وأطفالاً وشيوخاً وعجزة.. وكذلك من الأطباء والمهندسين والعمال والصيادلة والمعلمين وأئمة المساجد والمؤذّنين والخطباء والعلماء.. وغيرهم.. كما أنّ قوات النظام الأسديّ، أخفت كل المقابر الجماعية التي تم فيها دفن عشرات الآلاف من الضحايا!..
عشرات الآلاف من أهالي حماة فرّوا من المدينة بعد انتهاء التصفيات، منهم من لجأ إلى المحافظات الأخرى، لاسيما محافظة حمص المجاورة، التي امتلأت مساجدها الكبيرة بالعائلات الحموية النازحة (مثل جامع خالد بن الوليد الشهير).. ومنهم مَن فرّ إلى خارج سورية، إذ هاجرت عائلات كاملة، وتركت وراءها الوطن والدمار والمآسي المتعددة.. وكانت قوات النظام الأسديّ تلاحق العائلات في المحافظات الأخرى التي لجأت إليها، لتنكّل بأبنائها وبناتها اعتقالاً وتعذيباً وتشريداً وضغوطاً نفسية!..
الذين قُتِلوا أو هاجروا أو اختفوا.. نُهِبَت كل ممتلكاتهم، سواء أكانت أثاثاً للبيوت، أم مجوهرات، أم أموالاً نقدية، أم محالاً تجارية، أم ورشاتٍ صناعيةً خاصة، أم سياراتٍ.. أم غير ذلك.. فقد كان جنود النظام الأسديّ يداهمون البيوت، وينهبون كل محتوياتها، ثم يُضرمون النيران فيها، أو يعمدون إلى تفجيرها.. كما كانوا ينهبون المحالّ التجارية، وبخاصةٍ محالّ الصياغة والصرافة، وقد نُهِبَت بذلك أسواق كاملة، مثل (سوق الطويل) الذي يحتوي على حوالي (380) محلٍ تجاريّ، وسوق (الصاغة)، الذي يحتوي على عشرات المحال التجارية لبيع الذهب والمجوهرات!..
النهب الذي قام به جنود (الصمود والتصدي) لم يقتصر على الممتلكات الخاصة، بل تعداها إلى المرافق العامة والرسمية، فقد نُهِبَت محتويات المصارف (مصرف التسليف الشعبي، والمصرف التجاري السوري)، وكذلك نُهِبَت محتويات (المتحف الوطني)، ومحتويات المؤسسات الاستهلاكية الرسمية كلها.. وذلك بنفس الطريقة التي نُهِبَت فيها محتويات المصانع الخاصة والحرفية الصغيرة!.. وتقدّر قيمة المنهوبات بمئات الملايين من الدولارات!..
في مأساة حماة، جرى الذي لا يمكن تصديقه، والمختفون لم يظهروا حتى الآن، ولا يُعرَف مصيرهم، والمهجَّرون القسريّون لم يعودوا إلى وطنهم حتى الآن، والأموال المنهوبة بقيت في ذمّة لصوص النظام الأسديّ حتى اليوم.. وقد خلّف ذلك كله مشكلاتٍ اجتماعيةً عميقة، كمشكلات الفقر وحصر الإرث، ومشكلات الزوجات اللواتي لا يعرفنَ مصير أزواجهنّ هل هم أحياء أم أموات، ومشكلات فقدان كل حقوق المواطنة للمهجَّرين الحمويين وباقي السوريين.. حتى الجيل الثالث.. فهناك عشرات الآلاف من الأجيال التالية، لا تعترف السلطات عليهم حتى الآن أنهم مواطنون سوريون، فلا جنسية ولا وثائق سفر ولا هوية شخصية ولا اعتراف بزواج.. ولا أي نوعٍ من الاعتراف بهم.. فهل هناك مظلمة أشد من هذه التي يعاني منها السوريون، جرّاء الممارسات الطائفية الحاقدة للنظام الأسديّ الحاكم؟!..
خامساً: التدميرُ الشاملُ وانتهاكُ المقدّسات لم يكن النظام الأسديّ الحاكم يتعامل مع حماة على أنها إحدى المحافظات السورية الكبرى، ولم يكن يتعامل مع سكانها على أنهم جزء من الشعب السوريّ.. وهذا في الحقيقة ينسحب على الشعب السوريّ كله الذي ابتُلِيَ بهذا النظام الجائر الاستبداديّ.. لذلك، فقد كان سلوكُه يُمَاشي سلوكَ أي محتلٍ للوطن أو مستعمرٍ خارجيٍ غريبٍ عنه، وكانت وسائله للحفاظ على سلطته التي سلبها بالقوة والانقلابات العسكرية، مبنيةً على سياسات الأرض المحروقة، وعلى القمع العنيف، والاضطهاد الدمويّ، والإرهاب، ونشر الخوف والرعب، والتصفيات الجسدية، والإقصاءات الظالمة.. وهذا بالضبط ما كان يسلكه النظام في (حماة) خلال عمليات صنع مأساتها العظمى، والمآسي المتفرقة التي سبقتها أو تبعتها!..
خلال اشتداد احتجاجات الشعب السوري واعتصاماته وإضراباته، التي شملت المحافظات السورية كلها في عامي 1979م و1980م.. قام (رفعت أسد) شقيق رئيس النظام وقائد سرايا الدفاع (عن النظام وشخصياته) ونائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية لاحقاً، بإطلاق خطةٍ فاشيةٍ للتطهير الوطنيّ، وذلك خلال المؤتمر القطريّ السابع لحزب البعث، المنعقد بتاريخ (6/1/1980م)، وفحوى هذه الخطة الإجرامية هو: جمع الألوف من نخب الشعب السوري المعارضين للنظام، في معسكرات اعتقالٍ جماعية، تحت ظروف الأعمال الشاقة وعمليات غسل الدماغ، لتنفيذ ما أطلق عليه (زوراً) اسم: (تخضير الصحراء)!.. ومما جاء في خطاب ذلك المعتوه في المؤتمر نفسه: [إنّ ستالين أيها الرفاق، قضى على عشرة ملايين إنسانٍ في سبيل الثورة الشيوعية، واضعاً في حسابه أمراً واحداً فقط، هو التعصّب للحزب ولنظرية الحزب، ولو أنّ لينين كان في موقع وظرف وزمان ستالين لَفَعَل مثله، فالأمم التي تريد أن تعيش أو أن تبقى، تحتاج إلى رجلٍ متعصّب، وإلى حزبٍ ونظريةٍ متعصّبة]!.. وهذه العقيدة الحزبية هي بالضبط ما نفّذه (رفعت أسد) وشقيقه (حافظ) في سورية، لاسيما في حماة.. فقد كان الجنود ينفّذون أوامر الجهات العليا (بدءاً من رئيسهم حافظ أسد) بالتدمير الشامل للمدينة، واتّباع سياسة الأرض المحروقة، قتلاً وحرقاً وتدميراً وإبادة!..
لقد دمّر جنود (الصمود والتصدي) الأسديون مساجد المدينة، ومعظم تلك المساجد دمِّرَت تدميراً كاملاً، وبعضها دُمِّر على رؤوس مَن فيها، وقد نقلت الأخبار أنّ التدمير شمل (88) مسجداً، مع المراكز الإسلامية التابعة لبعضها، وقد أحصت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في تقاريرها (63) مسجداً تم تدميره.. وأدى هذا التدمير الشامل لمساجد المدينة، المترافق مع قتل الأئمة والعلماء والخطباء والمؤذّنين.. إلى غياب الأذان عن المدينة حوالي ثلاثة أشهر، ومن أشهر المساجد التي دُمِّرت: (جامع الكيلاني والجامع الكبير ومسجد سعد بن معاذ وجامع السلطان ومسجد بلال بن رباح وجامع عمر بن الخطاب وجامع الشريعة.. وغيرها)!..
كما أدّت سياسة الأرض المحروقة التي سلكها النظام، إلى تدمير أربع كنائس، ونهبها، أشهرها كنيسة (حماة الجديدة) التي كانت تعتبر تحفةً معماريةً فريدة، واستغرق بناؤها سبعة عشر عاماً.. وكذلك تدمير أحياء كاملةٍ (مثل حي الكيلانية)، فضلاً عن تدمير مئات المنازل والمحالّ التجارية والمشاغل الحرفية والمصانع والمعامل والأسواق، بما في ذلك عيادات الأطباء (حوالي 40 عيادة) والصيدليات والمشافي والمراكز الصحية.. ما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من سكان المدينة بلا مأوى أو مصادر للرزق أو مراكز صحيةٍ للعلاج!..
أما المدارس فقد دُمِّرت كلها تدميراً كاملاً أو جزئياً، إما بالتفجير المتعمَّد (مثل: المدارس الشرعية ومدرسة زنوبيا ومدرسة العفاف والمدرسة الزينية.. وغيرها) بما في ذلك مدارس الأطفال والروضة.. أو بالقصف العشوائيّ (مثل مدارس: سعيد العاص وعمر بن الخطاب والبحتري، وروضة العنادل، وإعدادية بسام حمشو، وثانوية غرناطة للبنات.. وغيرها)، فضلاً عن تدمير كلية الطب البيطري!..
لقد طال التدمير أيضاً، كلَّ المعالم الأثرية والسياحية والثقافية في المدينة، كما جرى لحي الكيلانية القديم، الذي دُمِّر تدميراً كاملاً بكل قصوره ومعالمه الثقافية والأثرية التي تعود للعهود الأيوبية والمملوكية والعثمانية.. فضلاً عن تدمير الزوايا القديمة والحمامات والمضافات والأقبية الأثرية.. وكذلك تدمير المقامات والمقابر، ومرابض الخيول العربية الأثرية، وناعورة واحدة في الأقل من نواعير حماة الأثرية أيضاً.. مع نهب كل محتويات (متحف حماة الوطني)!..
لم يكن التدمير الذي طال البيوت السكنية أو المساجد أو الكنائس أو المعالم الأثرية أو المرافق العامة أو المدارس أو المراكز الصحية والعيادات والصيدليات.. لم يكن عشوائياً كله.. بل كان يتم بالتفجير المنظم في معظم الأحيان، بوضع عبواتٍ ناسفةٍ يقَدَّر وزنها أحياناً في بعض المساجد بآلاف الكيلوغرامات من مادة الـ (تي إن تي) شديدة الانفجار، وكانت مثل هذه التفجيرات لدور العبادة تنال من المساكن أو المدارس المجاورة، كما وقع لمدرسة (الراهبات) وبعض البيوت المجاورة أثناء قيام الجنود الأسديين بتفجير (الجامع الكبير) في المنطقة.. ولم يكن التدمير يحترم حرمة المسجد أو حرمة المصاحف والكتب الدينية التي بداخله.. بل كان يُفَجَّر ويُمتَهَن بكل ما فيه!..
لقد تغيّر وجه المدينة كلياً بعد التدمير الشامل لها ولمرافقها.. وقام النظام الجائر فيما بعد بعمليات إحلال مرافق عامةٍ حديثةٍ مكان المعالم الأثرية أو دور العبادة، كما جرى لجامع (المسعود) الذي تم تدميره وتحويله إلى ساحة مواقف لسيارات الأجرة.. وفي هذا يقول الكاتب الصحفيّ البريطانيّ (روبرت فيسك) الذي تمكّن من دخول مدينة حماة خلال الحصار وأحداث المجزرة الكبرى (في شباط 1982م) ونقل صور بعض الجرائم التي شاهدها هناك، ثم عاد بعد عامٍ تقريباً إلى المدينة ليقول: [.. وحقيقةً، عندما زرنا حماة في عام 1983م.. كانت المدينة القديمة، وأسوارها وشوارعها الضيقة، ومتحف قصر العظم.. قد اختفت كلها، والمشاهد الأثرية القديمة دُكَّت وسُوِّيَت بالأرض، وأصبحت موقفاً ضخماً للسيارات ..] !..
إنّ مأساة حماة التي ارتكبها النظام الأسديّ الحاكم.. أضخم بكثيرٍ من أن تُغَطّى على حقيقتها الكاملة، مهما كتبنا وتحدثنا.. وبما أنّ النظام القمعيّ المجرم ما يزال يحاول طمس معالم جرائمه، فإننا نرى أنّ العرب والمسلمين والعالَم كله.. مطالَب اليوم بالتحقيق في هذه الجريمة الإنسانية المركّبة البشعة، وفي كل جرائم النظام السوريّ التي اقترفها بحق سورية وشعبها طوال أكثر من أربعة عقود.
ستبقى مأساة (حماة) ومجازرها المروّعة وأحداثها الإجرامية التي ارتكبها النظام الأسديّ الفاجر.. ستبقى وصمة عارٍ في جبين الإنسانية، إلى أن يعمل الشرفاء على إحقاق الحق، وإزهاق الباطل ومحاسبة أهله.. وسيبقى النظام الأسديّ المتسلّط على رقاب شعبنا السوريّ.. مسؤولاً وحده عن كل قطرة دمٍ سُفِكَت في حماة، وعن كل روحٍ بريئةٍ أُزهِقَت، وعن كل قرشٍ أو متاعٍ نُهِب، وعن كل معاناةٍ لأبناء حماة وبناتها، وعن كل مأساةٍ سبّبها التهجير أو الاعتقال أو الإخفاء أو حملات الإبادة الشاملة، وعن كل ثروةٍ وطنيةٍ أثريةٍ وسياحيةٍ أو مُقَدَّسٍ دمّره الطغاة الأسديون، وعن كل انتهاكٍ لحقوق الإنسان السوريّ، اقترفه الأسديون الطائفيون المجرمون.
المسلم
إياد أبا زيد
إيراهيم صالح
محمد سرور زين العابدين
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة