مهدي الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 6934
شـــــارك المادة
لماذا انتفاضة شعبية، ولماذا مسلحة، لماذا ليس انقلاباً عسكرياً؟ ولماذا الإسلاميون، ولماذا مجزرة حماه؟ لماذا كانت أحداث الثمانينات وما قبلها؟ هل قرر الإسلاميون لحظة الصفر أم هي السلطة؟ هل كانت انتفاضة مستمرة منظمة أم مرتجلة، وماذا خلفت وراءها؟ سأجيب على ذلك كله في عدة مقالات تحمل اسم: (انتفاضة الثمانينات ومجزرة حماه). بعض الأسباب الغير مباشره للثورة على النظام: الحرية والمقدس الديني والشرف والخبز والوطن أشياء خمسة لا يمكن استلابها من الإنسان الشرقي، لقد جوعنا البعثيون بنهبهم وبالمبادئ التي طبقوها، وصادروا الحرية بقانون الطوارئ والأحكام العرفية وسجنوا عشرات الآلاف، وكان الحزب الواحد وتسخير الدولة لمصالحه الأنانية، وكانت كلمة الحق ممنوعة؛ من صحيفة تكتب، أو من شيخ كلمة حرّة على منبر في مسجد مهما صغر. وأخزى ما فعلوا هو التمييز الطائفي البغيض. وبلغ عدد المغتربين ما يقارب عدد الباقين في الوطن بحثاً عن لقمة العيش وتعليم الأبناء والصحة، وكذا البعض طلباً للحرية فقد قدّر المطاردون وعوائلهم بـ (150000) إنسان سوري عاشوا مشتّتين يبحثون عن وطن يشبه وطنهم الذي يحملوا صورته في وجدانهم وجيوبهم وحقائبهم، ويوعدون أطفالهم وحتى المسنين من والديهم بالتلاقي ضمن أرض الوطن، ومات منهم الألوف دون أن يروه -كأربعة من أسرتي-، ومنعت عنهم جوازات السفر. (آآآآه... كم تعب المغتربون من ذالك، وكم طرد وسجن الآلاف بسبب تزوير جوازاتهم من دول تلقت الفسادات من النظام السوري، وكم رحلوا وأقاموا حتى ملتهم الحقائب، وكم تعذبوا ليحصلوا على الجواز الأجنبي لحرمانهم من السوري)، ولولا أن صنع الإخوان الجوازات لكانت الكارثة أكبر. وقد كان الحمويون من أشد المعانين،، فلماذا كان ذلك؟ الأسباب المباشرة في مدينة حماه بالذات: في عام 1981م قتلت سرايا الدفاع والوحدات الخاصة المدربة على القمع الداخلي الكثير من الحمويين المعارضين خلال مهاجمة أحياء معينه لم يكن بها دفاعات للمجاهدين كما في بستان السعادة وغيرها، وبلغ مجموع الشهداء 335 شهيداً، قتلهم النظام الذي يستمد وجوده من التخويف وليس من محبة الناس، وبقيت الجثث أربع أيام في الأرض، كما تم تفجير بيوت الآمنين المعارضين دون إنذار، وهي: بيوت آل قصاب ومريوما، عمرين، قنفود، خرسه، بوظان، شققي، علواني، صمصام، غرابيلي، بارودي، دبش، حواضريه، عرواني... بدل أن تطرح الحوار العاقل، وقد أصدرت جلسة المجلس الأمني الأعلى في إيلول 1981م قرار رقم 184 بتعيين رفعت الأسد آمراً عرفياً لدمشق وحماه وحلب، ونقل 1200 عنصر من سرايا الدفاع لحماة وأذنوا لهم بإطلاق النار، واشتد الضغط على الأسر لتسليم المطلوبين، وقد تم اعتقال أعداد كبيرة من الرهائن، كما وزع الطائفي علي ديب مجموعات الوحدات الخاصة على أسطح البنايات والدوائر الحكومية والأرصفة تتحرش بالناس وتهينهم، وتمادت المنظمات الطائفية العسكرية من السرايا والوحدات حتى خطفت بنتاً من حي البرازية -أعتذر عن المزيد من الشرح لحساسية الموضوع-، واقتادتها من الطريق دون أن تسألها عن اسمها، وأغلقت على عيونها وردّتها بعد ثلاثة أيام، وأشارت الفتاة إلى ما يفيد... وأنهم من القوات الآنفة الذكر، وقد كان حدثاً هائلاً في بلد مثل حماة، وإليك قصة توضح أهمية ذالك: في منطقة باب الجسر في حماة وخلال المجزرة؛ دخل الجنود على مجموعة من حوالي أربعين امرأة من آل الشامي، وأرادوا أن يأخذوا فتاة، فصاح جميع النساء رافضين ذلك، وقالوا: خذ ما تريد واترك البنت، وتم الاتفاق على أن تعطي كل النساء ذهبها مقابل ذلك وتم ذلك فعلاً.. ومن الأسباب المباشرة كذالك عمليات التمشيط في نيسان 1980م، والتي فتشت حماة بيتاً بيتاً، ونهبت الناس، والتي قال فيها العقيد علي ديب لابن عمي: "إنها من أجل اعتقال سبع معارضين، فلماذا لا تسلموهم؟"، فهل كل هذا الإيذاء لسبعة أشخاص أم للتخويف بقصد الانصياع! واعتقلوا الكثير من غير المطلوبين سابقاً، وكان منهم صديقي غسان زين العابدين -وليس عنه خبر حتى بعد 30 عاماً-، وشخص من آل النشار... وكانت فرصة للنهب بحجة التفتيش والاعتقال العشوائي، وبقي الرصاص يلعلع أياماً، وهناك نساء أجهضت من الرعب. وإليكم هذه القصة التي تبين ما فعلوا بالتمشيط -لترى الضغط الذي يولد الانفجار-: لما جمعوا الناس في ساحة باب طرابلس، طلبوا منهم السجود لحافظ أسد، ولم يستجب أحدهم؛ لأنه أخرس لا يعلم المطلوب، فقلعوا عينيه وقتلوه، وكان الآخر إمام مسجد عين اللوزة من آل الهنداوي، والذي رفض السجود كذلك، فأمر الضابط الجندي بقتله، فسحبه الجندي وأطلق النار في الهواء، ثم قال له: "اذهب لبيتك عندما يحل الليل ففعل". وكنت أنا وأخي نقفز من زقاق إلى آخر لنتلافى الاعتقال العشوائي في التمشيط؛ لأننا كنا سجناء سابقين، فقد شيع أنهم سيعيدون اعتقال كل من أطلق سراحهم. كما أنهم اتخذوا خلال التمشيط معتقلاً عند مصافي حماة خاص بالإهانات وعلى سبيل المثال: فقد جمعوا عدداً كبيراً من الناس وغطوهم بالبطانيات، وطلبوا منهم أن يلوطوا ببعضهم –عفواً! ولكنها وساخة النظام-، وقد حزنت أن كان منهم شيخ هو ابن الشيخ محمود الرواس (أمير جماعة التبليغ في سورية وما حولها)، وقد رأيت بعيني منهم مسناً عائداً من آل شمطية -بائع حمص في سوق الطويل- وقد ضربوه حتى شقوا رأسه، وكدت أبكي عندما رأيته وهو حزين جداً وقد لف رأسه بالشاش. والسبب الأقوى الذي يشجع المجرمين هو أن الدستور لا يجرم رجال الأمن أو الرئيس. لماذا حماة؟ لقد ذبحوا حماة في 2/ شباط/ 1982م بحجج مختلفة، وكان أهمها؛ أن أهالي حماة يكرهون السلطة وأنهم قاوموها. لقد كان الحقد كبيراً على حماة، فكما كانت الشرارة الأولى للثورة ضد الفرنسيين من حماة، فقد كانت حماة شوكة في حلوق البعثيين دائماً تهدد حكمهم، وكان كل من يتسلم محافظاً لحماة يكرم في منصب كبير في الدولة لصعوبة انصياعها للنظام الاستبدادي، فحماة مهد انطلاق انتفاضة 1964م، واعتصام مسجد السلطان، وهي أول من تحدى البعث منذ أوائل حكمه، ومنها خرج الشيخ سعيد حوى يأخذ التواقيع من أهم 32 عالم في سورية ضد الدستور، وقد كشف أمره واعتقل خمس سنوات، وقد قمنا نحن طلاب الجامعة الحمويون فقط بتوزيع المنشورات في مساجد وشوارع دمشق على ثلاث دفعات، وكنا نحن طلاب الجامعة كذلك نكتب على الجدران بخط عريض عبارات الاستهزاء بالرفاق السراق ونضالهم، في حملة لإسقاط هيبة السلطة في دمشق بالذات، ونحن من قتل أول مجرم أمني متمادي وهو الرائد/ محمد غره مسؤول الأمن في حماة، وهو الذي كان يعذب ويقتل ويسحل المعتقل، ومن حماة كانت شرارة الدعوة للنضال السلمي، ولما سدت الأبواب كانت منها الدعوة للنضال المسلح، وكان القضاء على حماه ضربة لإنهاء المعارضة في سورية، ذلك أن أقوى تنظيم إسلامي في سورية كان في حماة، كما أن المعارضة الرئيسية في سوريه كانت إسلاميه -ليس في سوريه فقط، بل إن المعارضة الإسلامية هي الأقوى بكل الدول العربية؛ بدليل نجاحهم بالانتخابات بشكل ساحق بعد الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا ليخدموا الناس-، وبهذين العاملين المتوفرين في حماه فقد تحتم عند حافظ أسد ضربها، وكما أن منها الشيخ المهندس القائد/ مروان حديد (مؤسس تنظيم الطليعة المقاتلة، وكذلك من تسلم القيادة بعده في سورية -في الغالب-، وكانت حماة غالباً منبع رياح التغيير في سورية، وقد ثبت أن النوى التنظيمية للطليعة في كل المدن كانت من الحمويين أو بدفع أو تأسيس منهم. إن حماه كانت رمزاً للنضال، وكان كسر شوكتها إنهاء للمعارضة في كل سورية -آسف للتركيز على حماة فهي الموضوع الرئيسي في هذا المقال وفيها مشاهداتي-. هل كان يجوز إسقاط النظام بالقوة؟ 1 ـ لقد تسلم النظام السلطة بانقلاب عسكري وليس بواسطة الشعب، لذا فلا مشروعية له، وكان عدد البعثيين هو 350 إلى 400 عنصر أغلبهم من العسكريين سطوا على السلطة بالقوة المسلحة وباستغلال وجودهم بالجيش، وهم على قلتهم وعدم شرعيتهم واختطافهم السلطة؛ مارسوا هواية النهب، فما هم إلا عصابة مجرمة ليس لها أي وجه شرعي يبيح وجودها أو يعطيها الحصانة القانونية لجعل محاولة إزالتها عدواناً، فهي ليست الحكم الصالح وليست ديمقراطيه. ولو حّولوا الحياة السياسية للديمقراطية بعد انقلابهم بشهر أو سنة لكان من غير الجائز الثورة عليهم، ولكنها عشرات السنين وقد وصلت الآن إلى خمسون عاماً بثقلها المرير ولم نر غير الشعارات البراقة والكاذبة والقتل والدمار. 2ـ لقد سبق الصراع مقاومات سلمية هائلة منذ 1963م، وكانت السلطة تقابلها بالعنف، ومنها اعتصام مسجد السلطان في حماة، فتم قصفه وإزالته، وكذلك الإضراب العام للمحلات التجارية عام 1964م في كل من دمشق وحمص وحلب واللاذقية وحماة -وكان إضراب المدارس الخاصة والعامة في حماة كذلك وربما غيرها-، وكذا خطابات واحتجاجات المشايخ؛ كالشيخ/ علي الطنطاوي، والذي توفي بالسعودية مطارداً لأربعين عام تقريباً، والأستاذ/ عصام العطار الذي منع من دخول البلاد بعد حجّه منذ 1963م وحتى الآن، والجهاد السلمي للشيخ المجاهد العظيم/ حسن حبنكة في دمشق، والذي سجن وجرجر للمخابرات وكاد يحكم بالإعدام، والشيخ/ محمد عوض، والشيخ/ سارية الرفاعي، والشيخ/ أسامة الرفاعي -الذين لوحقوا سنوات في الخارج-، والشيخ/ محمد علي مشعل الذي توفي مطارداً، والشيخ وصفي المسدي... وغيرهم الكثير في حمص. وفي حماه هرب الشيخ/ محمد علي مراد، والشيخ/ سعد المراد، والشيخ/ محمود الحامد، وأخواه الشيخين -الذين أعدم أخوهم سالم-، وأعدم الشيخ بشير المراد مفتي حماة، والشيخ/ أحمد مراد، وطورد الشيخ/ غسان حمدون والشيخ موفق عيسى...، وفي حلب لوحق وطورد الشيخ/ ناصح علوان، والذي توفي مطارداً خارج سورية، والشيخ الصوفي/ عبد القادر عيسى، والذي توفي في تركيا. أما عن الأحزاب التي عارضت النظام، فقد سجن وهرب منهم عشرات الألوف للخارج، وتم اقتحام مسجدي الجامع الأموي، وجامع خالد بن الوليد بالدبابات لإنهاء الاعتصامات، وكانت منذ 1963م وحتى الآن تحلق فقط نصف لحية الملتحي المتدين في الاجتماع الصباحي في الجيش ثم يترك مهناً ليقف بالصف مع الجنود. كما لا تراعى الصلاة ولا يخصص مكان صلاة في الثكنة بينما هو موجود في مطارات الدول البوذية. واعتقل الكثير؛ لأنهم وجدوهم يصلون فاتهموهم بالانتساب للإخوان أو تأييدهم، وهرب البعثيون المنشقون كذلك مثل: ميشيل عفلق ومات في بغداد، ومنيف الرزاز ومات في الأردن، ومن رفاق الأمس أكرم الحوراني الذي توفي بالأردن، ومن كل الأحزاب وكل الأديان. حتى أنهم كانوا يأكلون آباءهم في الحزب حين كانوا جائعين لضحايا فرئيسهم؛ أمين الحافظ طورد مدة 35 عام، وكذا شبلي العيسمي، وصلاح البيطار -الذي اغتالوه بالخارج-، وكان كل هذا بسبب كلمة لا للاستبداد، وقد كان نضالاً سلمياً. وفي نهاية السبعينات قامت المظاهرات، وأخرجت جميع نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة والمعلمين.. بيانات تدعوا للحرية والديمقراطية والمحاسبة ووقف الفساد -انظر النص على المواقع-، فقررت السلطة إلغاء قياداتها، وعينت المنتفعين والمنافقين، حتى أن عضو نقابة في حلب قد قطعوا أعضاءه... وقتلوه. إذاً من يستطيع القول والمناداة بالنضال السلمي فعليه أن يعرف أن الرد هو عسكري. وحتى الحجاب فقد بدؤوا بنزعه بالقوة في الشوارع، ولولا ردة الفعل لاستمر. 3 ـ أثبتت الفترة قبل المجزرة بـ 19عاماً، وبعدها بـ 28 عاماً؛ أن النظام لا يتنازل للشعب إلا بالقوة، وحتى حين اجتهد الإخوة في إعلان دمشق للحل بعيداً عن العنف، لم يفلحوا وأصبحوا يطالبون في 2012م بالتسلح. 4 ـ كان التأخر في الثورة ضرراً أكبر كلما تأخرنا بالمقاومة المسلحة الجماعية، فلو تآزرنا في 1964م واستمرينا في كل سوريا؛ لانتصرنا وعشنا كراماً، ولم ندفع الخسائر التي تلتها في الثمانينات و2011م و2012م، كذلك لأن السلطة كانت تزداد قوة كل يوم، وكذا لو شاركنا جميعاً أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات لكانت الخسائر أقل والشرف أكثر.
(لو أن كل معد كان شاركنا في *** يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف)
5ـ وهل نفع الحوار مع هذا النظام السارق المارق الدموي منذ عام 1982م وحتى الآن كذلك؟؟؟ لقد دعا النظام للحوار في حماة خلال الانتفاضة الثانية عبر العميد/ وليد حمدون، ثم قتل كل من تكلم منهم من وجهاء حماة. –ومنهم: د. عمر شيشكلي، د. عبد القادر قنطقجي، الوجهاء: خضر شيشكلي، وأحمد قصاباشي). 6 ـ خلال عشرة أشهر من الثورة السلمية في 2011م نجد أن النظام يدفع بالعنف ولا يفهم إلا القتل، وها نحن نطلب العون معنا، ولم نكن نتوقعه بهذا الإجرام تماماً كما حصل قبل وبعد الثمانينات، فقد كانت في حماة عام 1980م ما سمي سيارة عزرائيل السوداء من قبل السلطة تطوف ليلاً، وتخطف الناس من بيوتها وتقتلهم وترميهم، كما حصل مع إخوان من آل الأحدب، ومع الدكتور/ طاهر الحداد، ومع من حاوروا النظام -كما سبق القول-. فهاهي خمسون عاماً مرت ومراراتنا تزداد، ووضعنا لا يطاق، وحريتنا مسلوبة، ومستقبلنا مخيف، ومشانقنا جاهزة، ولقمتنا تسرق، وجولاننا مسلّم، ومخبر يلحق بنا ورجل مخابرات يسحقنا.. وعشرات الألوف من الضحايا ومئات الألوف من المعتقلين.. فقل لي بربك: متى متى نقاتل؟؟!! ومتى يباح القتال؟؟ وقال الشامتون: إن الثورة على النظام بقيادة الإسلاميين هي المسؤولة عن قتل الناس في مجزرة حماة، وكذلك تدمر وسرمدا والجسر والمشارقة.. وأنا أريد أن أسأل هؤلاء المتصيدين: هل ممارسات السلطة أسبق أم مقاومتها! وماذا أجرمت المحلات التجارية التي سرقها جنود النظام، وهل كان الذهب هو العدو المقاتل الذي نظفوه من المدينة واصطحبوه معهم؟ لماذا جمع 2500 شخص من الشوارع -في جمعة حماة الحزينة- بعد انتهاء الأحداث، وبعد فتح التجول اقتيدوا وقتلوا؟؟ لماذا فجر مسجد في البارودية بعد 6 شهور من الأحداث؟؟ ولماذا فجر 55 مسجداً بدم بارد ولم يكن بهم مقاومة إطلاقاً بل لم يكن بهم أحد؟؟ ولماذا قتل 1500 في حي جنوب الملعب في مذبحه جماعية دون أن تطلق فيه طلقة واحده -انظر مقال حارة الأرامل لنفس الكاتب-؟ ولماذا يجمع الأطفال ويقتلون كآل الوسى، ويضرب رضيع من آل لطفي بالجدار فيقع ميتاً!! ومليون لماذا... وبدون مبرر إلا بناء السلطة على جثث الشعب المستعبد وإذلاله، وهذا لا يفهمه ولا يعرف مقتضياته إلا أصحاب الكرامة والإباء، ولماذا لم يحاسب النظام أحد؟ والله لو كنت صاحب مدجنة لحاسبت القتلة، (ألا تعرفون في حيكم من يوصف بالأزعر الوسخ المعتدي بـ أو بدون مبرر فهذا هو النظام وأضف عليه طائفيته). لماذا لم تكن انقلاباً عسكرياً وفقط؟ منذ وصول البعثيين للسلطة أدركوا أهمية المدخل الذي توصلوا به إلى السلطة فسدّوا الباب بعد دخولهم، وتعلموا من أنفسهم كيف سدّه، فكان سداً مدروساً جداً، فالأمن يدرس المتقدمين بطلبات الانتساب للجيش، فيتهموا بالناصرية والإخوانية والشيوعية.. ويقبل الموالون لأسباب طائفية ثم حزبية -بتقديم طلب حينها-، وإذا مر البعض بالخطأ أو كانوا حياديين متعيّشين فيفرزوا لقطاعات غير مسلحة. أو تدبر لهم مكائد كاذبة.. -انظر التفاصيل في مقال الجيش السوري خائن لنفس الكاتب-. وقد لمس البعض الخطر المستقبلي؛ كالمشايخ والإخوان المسلمون فشجعوا على دخول الجيش، لكن الأمن كان للمتقدمين بالمرصاد، عدا قلة نادرة من الشرفاء الذين أخطأهم الرقيب. وأريد أن أسأل: من قال أن الانقلابية العسكرية أكثر شرعية من الحرب الشعبية! أليست الحرب الشعبية أكثر أماناً من أن يتسلم عسكرنا السلطة فلا يتركوها! ولا تنسوا أن المخابرات العسكرية والجوية وغيرها تضع تعرية الجيش من الشرفاء في المقام الأول، وهي حامية النظام، وتستهدف الشعب لا العدو الإسرائيلي. لماذا أخذت الثورة منحى العنف الشديد؟ لقد كان العنف المبالغ فيه جداً من السلطة عملاً غير مبرر، (وببساطة: لو كان لك دين على شخص وطالبته به فاستل رشاشه وقتل عائلتك وجيرانك.. فهل تكون أنت المتسبب في قتل عائلتك؟ وإذا كان بمتناولك مسدس ألا تقتله)؟ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا...}[الحـج:39]. هل كانت القوة كافيه لإسقاط النظام؟ هل توقعنا أن يقتل النظام ما قتل في 2011م و2012م!!! ولا يسقط! من خلال الثورة الكوبية نرى أن الحاكم باتيستا قد أعلن استقالته مجرد أن احتل كاستروا وجيفارا الثكنة العسكرية، (ولكن جيفارا ظن أن حاكم بوليفيا بنفس الأخلاقية فذهب ليحرر بوليفيا، لكنه فشل لأن النظام الحاكم في بوليفيا كان وقحاً وحقيراً وليس عنده خلق أو وطنية)، وكذا حين أعلن العقيد مصطفى حمدون الانقلاب على الشيشكلي؛ (وقد ندم العقيد مصطفى ندماً شديداً على فعلته لما آلت إليه الأوضاع، وطورد وانضم للتحالف الوطني لتحرير سورية وظل بالخارج مدة 35 عاماً)، فتنازل الشيشكلي حقناً للدماء وغادر للبرازيل.. وكذا تنازل المجرم زين العابدين في تونس بعد قتل محدد وكذا حسني مبارك. إذاً فالأمر متعلق بمدى وقاحة وإجرام الحاكم وليس بمدى توفر القوة لوحدها دائماً، فأنت لا تدرك مدى تحمل النظام، فها هي 11 شهراً ونحن نقتل في ثورة 2011م ولم نكن يتوقع وقاحة النظام بهذا الشكل، فلا تلوموا من قاتل النظام في أي مرحلة، بل ترحموا عليهم؛ لأنهم كبش الفداء لنا.. لماذا ليس اغتيالاً للرئيس؟؟ وهل الرئيس يحكم لوحده أم هي عصابة! وهل موت حافظ الأسد أنهى المشكلة! ومع ذلك كان هناك محاولات اغتيال له ولأركانه -اقرأ قريباً أبو حمزة ومحاولة اغتيال حافظ الأسد لنفس الكاتب-. إنه الانسداد السياسي عشرات السنين، والذي يجب فيه بذل المحاولات والتفتيش عن حل عندما لا يكون هناك حل، فكان الخيار هو الشعب والبندقية، فالشعب معاد للنظام؛ لأن النظام عامله كعدو دائم، حتى ترحم الناس على المحتلين الأجانب مع الأسف. وكان الانسداد في كل دول العرب حتى أتى البوعزيزي البطل، وقرر الحرب العارية الصدور، وطرحت نظرية جديدة لم تكن مقنعة لإسقاط الأنظمة فنجحت، ولكن نظامنا لم يتنازل وهو مستمر بالقتل، وهكذا كان أبوه كذلك ولا ينفع معهم إلا السلاح مع الأسف. إن علينا أن نضع كل شيء في ضوء المعطيات المتاحة في وقتها، وكذلك الظروف التاريخية، فقد كان وقتها عصر الثورات التحريرية الشعبية في العالم، وخاصة الثورة الفلسطينية القريبة. لماذا الإسلاميون؟ لقد استقطب النظام وأغرى كل الأحزاب القومية والعلمانية في الجبهة التقدمية عدا القلة القليلة جداً، والتي كانت ضد النظام ولم تغادر البلد، (وكان المناضل رياض الترك من أبرزهم وقد أيد الإسلاميين في صراعهم مع السلطة، وكصراع مسلح كذلك، ولذا سجنوه 18 عاماً)، وبسبب بطش النظام وعدم شرعيته فقد اتخذ الإخوان المسلمون العمل السري والاجتماعات بالمجموعات الصغيرة، وتغيير موعد ومكان الاجتماع، وتغيير طرق الوصول للاجتماع في كل مرة، فحافظوا على وجودهم، (وكان العمل السري مشروعاً عندما لا تتاح الحرية)، وكانت قاعدتهم العريضة تؤهلهم أكثر من غيرهم لقيادة المعركة ضد النظام. ولا أعني أنه لا يوجد هناك أخطاء في تكتيك الصراع، لكنه ليس في الإستراتيجية، فكل المضحين من كل الأطياف وفي كل الأوقات هم إخوة منا وبشر مثلنا، كما أن المستقبل لنا وسنحقق أهدافنا مهما عمل النظام. وأخيراً: هل من الضروري أن نشاهد النصر؟ بل وهل انتهت المعركة؟ لقد استشهد الشهداء ولم يشاهدوا النصر لكنهم؛ {يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}[آل عمران: 170]. نعم، سيفرح حتى الشهداء في مثواهم، ويتلقون بشارات النصر العظيم القادم، ولهم العرفان والفضل.
ليس العار إن في النضال عسرنا *** إنما العار في اجتناب النضال
وسنخرج للحرية والعدالة والوحدة الوطنية، ونكافح الفقر والبطالة والمرض والجهل والتباغض، ثم نتوحد لنكون خير أمة أخرجت للناس، وبكل مكوناتنا. ــــــــــــــــــــ تنبيه: يرجى متابعة مقالي: (الصراع حول لحظة الصفر)، وكذلك (ما خلفته المجزرة) وغيرها تحت نفس العنوان.
محمد بسام يوسف
غسان الإمام
فتحي حمادة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة