..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


سوريا المعاصرة

العلاقة بين علماء السلطان و طغاة نظام الحكم في الشام (1)

محمد حمادة

٣١ مارس ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4353

العلاقة بين علماء السلطان و طغاة نظام الحكم في الشام (1)
-الأسد-يتلقى-سيف-من-وفد-علماء-المسلمين-بينهم-البوطي-550x375.jpg

شـــــارك المادة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين:
أما بعد:
فإن ثورة أهل الشام المباركة قد كان لها من الفوائد و الخيرات على مستقبل أمتنا وصياغة خطواته ما لو سجدنا لله رب العالمين من الآن حتى نلقى الله عز وجل لم نقدر لله قدره، ولم نشكره حق شكره.

 

 

وفي مقدمة ذلك أنها فضحت على رؤوس الأشهاد من خدعونا زمنا طويلا بذريعة أن اتصالهم بالنظام إنما كان لخدمة الإسلام!

فإذا بثورة المساجد في الشام تميط اللثام عن فساد طويتهم, وتنشر على رؤوس الأشهاد خبيئة نفوسهم، وهو الأمر الذي لم تنفع معه كل المحاولات اليائسة التي بذلوها لإصلاح صورتهم، وستر حقيقتهم عقب انفجار تلك الثورة المباركة في وجوههم و وجوه أسيادهم من فوقهم!
وفي هذا يحضرني قول الإمام ابن عطاء الله السكندري -رحمه الله- في إحدى حكمه العطائية حين قال: (من أسر -بتشديد الراء- سريرة ألبسه الله رداءها),إشارة إلى أن الله عز و جل لا يمكر به أبدا, وإلى أن ما يبدو للوهلة الأولى أنه خداع لله تعالى و عباده ما هو سوى إمهال من المولى و استدراج, وأن مكره -جل وعلا- يبطل كيد الخبثاء الماكرين من خلقه, و يجعله يتبخر كأن لم يكن يوما ,و كأن لم يغن طغاته بالأمس!.
هذه الحقيقة الجلية التي هي إحدى أسرع مكتسبات الثورة السورية في الشام حضورا، ما تزال معالمها غير واضحة عند بعض المسلمين, لأنهم طيبون, فهم يتورعون عن الوقوع في لحوم هذا الصنف الفاسد من العلماء بدعوى أنها مسمومة!
غافلين عن حقيقة أن العالم_بكسر اللام_ الذي يدخل في عموم قول الإمام ابن عساكر:
"اعلم أخي المسلم وفقني الله وإياك لطاعته وسلك بنا سبيل أحبائه أن لحوم العلماء مسمومة, وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق عليهم لسانه بالثلب_أي: بالعيب_ ابتلاه الله قبل موته بموت القلب, فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" _عن كتاب التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي_ إنما هو العالم الذي وقف على ثغر من ثغور الإسلام أمينا عليه,يفتديه بروحه و ماله و عياله, يذود عنه بوقته وجاهه وحياته ورخائه,
أما الذي سلم أمانة الثغر الإسلامي لأعداء الأمة لقاء عرض من الدنيا قليل, فأهان نفسه, وأهان علمه, وعرض أمته وإسلامها وعقيدتها وحاضرها ومستقبلها لخطر العدو الداهم الذي يتربص بها, حين تقدم إلى هذا العدو متزلفا إليه بمفاتيح الحصون المنيعة! موجها إلى أبناء عقيدته الطعنة القاتلة من الخلف, ثم رضي أن يجعل من نفسه جسرا حقيرا يطؤه الأعداء للوصول إلى قلب القلعة والعرض والدار, فهذا العالم لا يدخل في عموم النص السابق, وإنما في خصوص نصوص شرعية أخرى تحذر من علماء الدنيا الذين يعشقون المال والجاه والسلطان ولو على حساب المسلمين وعقيدتهم وإسلامهم في غفلة تامة عن مقام وسطوة الديان الذي يعلم السر وأخفى, والذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا ويحصيها عليهم, ثم يقاضيهم عليها!
نصوص شرعية تكتمل بها الصورة, وهي تتناول العلماء المفتونين الضالين غير الملتزمين, من نحو قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه البخاري في صحيحه: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فتندلق أقتابه, فيدور حولها كما يدور حمار الرحى, فيجتمع عليه أهل النار, فيقولون: ألست فلانا الذي كنت تأمرنا بالمعروف ,و تنهانا عن المنكر؟
فيقول:كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه, وأنهاكم عن المنكر و آتيه!"

ومن نحو الحديث الصحيح الذي يقول فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا ليذادن قوم عن حوضي كما يذاد البعير الضال!
فأقول: ألا هلم, ألا هلم,_وفي رواية: أمتي, أمتي _, فتقول الملائكة: لو تدري ما بدلوا من بعدك؟ فأقول:سحقا سحقا",
ووالله الذي لا إله غيره إن لم يكن الوقوف إلى جانب نظام علماني بعثي طائفي نصيري إلحادي إرهابي مجرم, وتسويغ حربه على الإسلام, وإعطاء تلك الحرب الحاقدة صبغة المشروعية... إن لم يكن ذلك العمل الخياني تغييرا و تبديلا لما جاء به المصطفى عليه السلام, فلا حاجة لنا في  أن نبحث عن تطبيقات أخرى لهذا الحديث, لأن ما يجري على أرض الشام اليوم من محرقة, إنما يندرج تحت عنوان: (انحياز علماء السلطان في الشام لأشرس حملة صهيوصفوية عرفتها أمة الإسلام)!!!
فهل بعد هذا الانحياز من تبديل و تلاعب و تأويل فاسد؟
وهل يعقل هذا الانحياز السافر بعد أن عمد النظام إلى محاولات حثيثة في سبيل تغيير هويتنا الإسلامية من خلال مؤسساته التي رمى بها عقيدة شبابنا في مختلف مراحلهم بداية مما سماه:"طلائع البعث" لأطفالنا, ومرورا بما أطلق عليه:"اتحاد شباب الثورة"لشبابنا, و"الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" لأبناء جامعاتنا, وانتهاء بالكذبة الكبرى لحزبه الماسوني الذي خدع به أمتنا يوم نسبه للعروبة ولبعث نهضة الأمة من جديد, حين سماه:"حزب البعث العربي الاشتراكي"!
وإلى لقاء في انتظار الحلقة الثانية بإذنه تعالى.

كتبه  خادم العلم الشريف محمد حمادة _الدمشقي الميداني_ نزيل المدينة المنورة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع