حسام كمال النجار
تصدير المادة
المشاهدات : 3175
شـــــارك المادة
حين يكثر الظلم ويمر ككأس يشرب منه معظم من حولك تنتفض كل خلاياك معلنة رفضها لهذا الظلم متمنياً زوال الظالم وكل من أعانه، سائلاً الله أن تكون ممن يساهم في أي خطوات حقيقية نحو العدالة، تلك الخطوات التي ينصر بها المظلوم ويقتص بها من الظالم.
فلابد كخطوة أولى أن يجد الظالم من يواجهه وينكر عليه ظلمه ويعلنها في وجهه أنك ظالم، هكذا مدوية قوية كقوة الحق. ولم لا، أليس هذا الظلم من المنكر المأمورون بإنكاره في حديث أبو سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : "مَن رأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ"!
وأكثر المنوطين بهذا الدور هم العلماء وطلبة العلم فمن المفترض أن يكونوا هم قادة الأمة وعليهم أن يتصدروا ويسيروا مع الأمة في شدائد ظُلمها، كما تصدروا وساروا معها في رحرحة عيشها، لابد أن لا يهنأ لهم جفن بنوم حتى يعينوا المظلوم في خطوات استرداد حقه المسلوب من الظالم، والأمثلة عبر التاريخ الإسلامي لأمثال هؤلاء العلماء وطلبة العلم كثيرة.
وبعد خطوة إعلان إنكار الظلم المستفحل -الذي وصل إلى حد لا يمكن تقويم مرتكبه أو إصلاح آثار ظلمه-، تأتي خطوة هدمه، التي تستهلك وقتاً وجهداً ليس بالقليل،فلابد من عدم ترك الظالم يهنأ بظلمه ولابد من الاستمرار في تقبيحه وظلمه وفضحه وإظهار حقيقته ومن معه دون كلل أو ملل فكل هذا من وسائل هدمه، ولابد من نشر الوعي بين العقلاء والمنصفين وضمهم في صفوف الهجوم أو على الأقل الدفاع، في تلك المعركة مع الظلم والظالمين.
وعلينا في هذه الخطوة بعدم الالتفات للمرجفين فإنك سترى فيهم قول الله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} فهم يسارعون بكل معاني وأشكال الخنوع وإيثار السلامة إلى الظالمين يسترضونهم ويطلبون منهم الأمان بتقديم الأقوال والأفعال التي تزيدهم رضاً وقبولاً بين أوساط الظالمين، وسنجد من أهم أدوارهم المكلفون بها وضع الهالات القدسية على الظالمين والتبرير لهم والتهديد الدائم بأنه لا يمكن هدم هؤلاء الظالمين وأنه إن حدث وتم هدمهم فسيكون هدمهم السبب الرئيس في هدم المجتمع بأكمله.
ثم تأتي بعد خطوة هدم الظلم خطوة إيجاد المناخ والبيئة المناسبتين للعدالة وهذه خطوة الانطلاقة فالمجتمع الذي تعود على الظلم ومعاشرة الظالمين يسكن الظلم عادة بين جميع طبقاته فالقوي في أي مكان يظلم من هم دونه فالمدير العام الظالم في مؤسسة ما يظلم مديري الأفرع ومديري الأفرع يظلمون من تحتهم من موظفين وهكذا، ولنزع منظومة الظلم هذه لابد من إجراءات صارمة حاسمة تطال جميع الطبقات بخطوات فيها من التدرج ما يراعي المصلحة العليا للمجتمع دون تباطؤ حيث أن معالجة البيئة والمجتمع لإرساء دعائم العدالة أهم مصلحة عليا لابد من تحقيقها دون الالتفات لدعاوى احتواء الفاسدين والظالمين لاسيما وإن كانوا من المصرين على العبث بالمجتمع والاستمرار في الفساد والظلم.
ثم تأتي أهم الخطوات نحو العدالة، وهي القصاص ولأهمية هذه الخطوة في إرساء العدالة ودفع الظلم قال الله تعالى واصفاً الأثر الحيوي للقصاص: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فالقصاص حياة ملؤها العدل فالمظلوم يشف الله ما بصدره والظالم يعاقب وبعقابه يُردع غيره.
لذا إذا نظرنا إلى الخطبة التي خطبها سيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) لما بويع بالخلافة بعد بيعة السقيفة سنجده قد أدرك تماماً مثل هذه الخطوات التي ذكرتها آنفاً. فبعد أن حمد الله وأثنى عليه قال: "أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم"
هكذا كان الصديق (رضي الله عنه) خير من تَأَسَّى بخير من يُتَأَسَّى به سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) فنسأل الله أن نكون ممن يساهم في خطوات نحو العدالة.
فراس حج محمد
كنانة الشام
وليد الحارثي
مالك فتح الله
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة