حسام السباعي
تصدير المادة
المشاهدات : 6106
شـــــارك المادة
الشعب.. النظام.. المعارضة.. العالم
هذه هي المحاور الأربعة للثورة السورية، ومركز هذه المحاور هو الشعب السوري العظيم الذي حرك باقي المحاور الثلاثة، هذا الشعب الذي قام بعد 50 سنة من الظلم والقهر والاستبداد، وخرج إلى الشوارع، ونادى بأعلى صوته أمام العالم، وأمام جلاديه ليقول وبصوت واحد: الله - سوريا - حرية وبس. قالها وبصوت عال، لم نعد نحتمل الظلم الذي نحن فيه، لم نعد نحتمل القهر والعبودية التي فرضتموها علينا 50 سنة، لم نعد نرضى بحياة الرق والعبودية، نريد أن نعيش بحريتنا ونشعر أننا بشر كباقي شعوب العالم. كان الرد من النظام المجرم، أنا ربكم الأعلى، لأقتلنكم، ولأشردنكم، ولأذبحنكم ذبح النعاج، ولأهجرنكم، ولأحرقن بيوتكم ومحاصيلكم، ولأدمرن بيوتكم وأسواقكم ومساجدكم وكنائسكم ومدنكم، ولأغتصبن نساءكم وأفضحكم بأعراضكم، ولأقتلن أطفالكم، ولأحرمنكم الغذاء والهواء والماء والدواء، ولأسجننكم، ولأعذبنكم، ولأمحقكم وأسحقكم من الوجود أيها العبيد الأذلاء. من أنتم أيها العبيد؟ أنسيتم أنكم العبيد أفتتمردون على ملكي! أتتجرؤؤن أن ترفعوا أصواتكم فوق صوتي، ياللعار، ويا للكبرياء والربوبية التي أنا فيها. فعل النظام المجرم كل ذلك وأكثر، وتصاعدت ألسنة الأحرار في سوريا لترد على هذا النظام المجرم وبصوت أعلى وأقوى: الموت ولا المذلة.. الشعب يريد إسقاط النظام.. الشعب يريد إعدام الرئيس.. لن تهزم إرادتنا.. لن تستطيع.. نحن الباقون وأنت الزائل.. وبدأت ردود أفعال العالم حول هذا الشعب العظيم، وأربكت مواقفهم، وقالها رؤساء العالم: يجب على الرئيس أن يتنحى.. فقد الرئيس شرعيته.. لن نسمح بمجازر كحماة.. يجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويحمي السوريين.... إلخ عبارات التنديد والشجب والتنكيل التي لم تتعد الأفواه، وبدأت المعارضة السورية بالحراك، وحاولت أن تبذل جهدها بدعم الشعب على الصعيد السياسي والإغاثي والطبي، ولكنها لم تستطع حتى هذه اللحظة أن تفعل دول العالم لتدعم الشعب السوري لتحقيق مطالبه الواضحة. دول العالم المماطلات والخطط الدبلوماسية للعمل على إبقاء هذا النظام، وتوجيه العالم بأسره أن يتقبل الحوار مع هذا النظام، وابتلع العالم هذا المخدر البطيء، لأنه يريد الخلاص من الأزمة التي أربكته وهزت مضجعه، وبدأ العالم يلقي اللوم على المعارضة وأنها غير موحدة، (مع أنه لا يوجد في الدنيا معارضة موحدة)، وأنها هي السبب في الأزمة، وبدأ العالم يسير في اتجاه واضح، يريد من خلاله أن يقنع المعارضة السياسية بأن الحل الوحيد يكمن في الحوار مع النظام، وأنه المخرج الوحيد من هذه الأزمة، وهو يحاول بكل الوسائل على العمل على محورين رئيسيين: - الأول: إعطاء الضوء الأخضر مع الصمت المبكي والمؤلم، إعطاء العصابات الأسدية المجرمة أن تتوغل بالإجرام والقتل وإخماد الثورة وبأسرع وقت ممكن. - والثاني: العمل الدبلوماسي اللا أخلاقي على تمييع المطالب الرئيسية للثورة، وتحويلها إلى مساعدات إنسانية وطعام ودواء -وليتهم فعلوا ذلك فهو كلام حتى الآن-، والذي ينتج من هذا التمييع الممنهج هو إذابة الثورة وخنقها والعمل على إقناع المعارضة بالجلوس على طاولة الحوار مع النظام المجرم، وهذا جل مطالبهم الآن. الذي أريد أن أحذر منه وأبينه لكل أطياف المعارضة السياسية، أن تتوحدوا في المطالب التي ينادي بها الشعب السوري كله، وأنتم تعرفونها بالكامل، وأن قبولكم بالجلوس على طاولة الحوار مع المجرمين يعني ابتداءً أنكم: - أعطيتم الشرعية للنظام المجرم بعد أن فقد شرعيته، وهذا اعتراف منكم بذلك، وهو ما يريد كسبه منكم ومن العالم، فإنكم ستبثوا فيه الحياة والآمل اللذان يبحث عنهما، وهو مستعد لدفع المليارات لتحقيقهما، وسيكون ذلك أكبر مكسب سيكسبه منكم ليلتقط أنفاسه، ويبدأ بإعادة ورسم خططه الشيطانية، وكيف سيسحق الشعب ويستعبده للأبد، وسيبدأ ليرسم هو والشياطين الذين معه خططاً مستقبلية تعالج كل الاحتمالات الممكنة. - قبولكم بالحوار يعني وفاة وموت الثورة السورية التي دفع ثمنها الشعب العظيم، والذي فوضكم لتنصروه وألا تخذلوه، واعترف بكم مجلساً يمثله، وقبولكم بالحوار يعني أنكم صرتم جزءاً من المؤامرة على الشعب، وصرتم سبباً مباشراً في إبقاء النظام. الحوار يعني حكم الأسد وعصابته 50 سنة أخرى، ولكنها ستكون أكثر ذلاً من الخمسين الماضية، يعني خسارة كل هذه التضحيات والدماء والشهداء من هذا الشعب العظيم. اعلموا أيها الحكماء في المعارضة السياسية أن ثورات الحرية والكرامة في العالم كله، تولد مجنونة ولا تحتكم إلى العقل، ولو احتكمت إلى العقل في قيامها لما قامت ثورة على وجه المعمورة، لأن العقل يقول فكر قبل أن تتقدم، أحسب وشاور قبل أن تخطو، لأن العقل يطغى عليه الجبن والبخل والخنوع والركوع، وأما القلوب والمشاعر والإحساس المستمر بالذل والهوان والظلم والاستبداد فلا يتحكم بالتحرر منها العقل، وإنما الذي يتحكم بها الجنون الإيجابي والتضحيات، والعقل لا يعرف الجنون والتضحيات، ولو كان العقل هو المتحكم بالثورة السورية لما قامت هذه الثورة. العقل يكون دوره بعد إزالة الجبروت والظلم ليبدأ بالبناء والتنمية، والتثقيف والنهوض. إذن؛ من واجب المعارضة السياسية في هذه المرحلة أن تسير على نفس المنوال، وتترك العقل جانباً في هذه اللحظة، وتتعامل بجنون وتضحيات الثوار والأحرار، الذين لم يعد يهمهم أي شيء، حيث استوت عندهم الحياة مع الموت، فإما حياة كريمة، وإما موت مشرف. وإذا أخذت المعارضة السياسية هذا المنحى، منحى الجنون الإيجابي والتضحيات، ويكون هذا الموقف واضحا لا تنازل فيه مع كل قوى العالم، فستهابها الدول جميعاً، وستفرض المعارضة احترامها على الجميع عندما تشعر هذه الدول أن زخم المعارضة وحراكها نفس زحم الشعب وحراكه، وستبدأ الدول كلها بالعمل على تحقيق مطالب الثورة، وستقول للأسد وعصابته: لقد فعلنا كل ما بوسعنا، ولم نتمكن أن نبقيك فلا بدّ أن ترحل، وزمانك انتهى، ودولنا مفتوحة لك لتقضي باقي عمرك مع من شئت من عائلتك وأصدقائك. هذا الذي سيحصل من مواقف الدول، لأنها إذا رأت الجنون من المعارضة، وأن هذه المعارضة السياسية على استعداد أن تقدم التضحيات كما يقدمها من تمثله من الشعب البطل، وأنها ستهجر بيوتها وأعمالها وتنزل إلى ساحات العالم كل يوم لتنادي كل السوريين في أنحاء العالم أن انزلوا إلى الشوارع، ولم تعد تقبل بعد اليوم أي مهل أو خطط مخزية، وتنادي بحناجر القاشوش والأحرار: ارحل أيها المجرم بشار، الشعب يريد إسقاط النظام، الشعب يريد إعدام الرئيس، الموت ولا المذلة، عندئذ ستعيد كل الدول حساباتها وستقوم دول العالم حتماً بالتعامل مع هذا الشأن بالحكمة والعقل؛ لأنها لا تريد الفوضى، ولن تتصرف بجنون الشعب وجنون المعارضة، لأن الجنون مع الجنون -كالسالب مع السالب- سيولد كارثة إنسانية يكون الخاسر فيه المتآمرين وأصحاب المصالح والأموال، وليسوا أصحاب الحق الذين هم الكاسبون في كلا الحالتين عاشوا أم ماتوا. فهل تستطيع المعارضة في هذا المؤتمر أن تتخذ هذا القرار، قرار الجنون والتضحيات والنهوض، وتبدأ التفاعل الحقيقي مع الشعب، لتثبت للعالم أنها على قدر من المسئولية، فإن فعلت ذلك فصدقوني ستكتسب قوة هائلة لا يمكن وصفها، ولن يستطيع أحد أن يقف أمام هذه القوة، وسيخضع العالم لتحقيق مطالب الثورة. وإن لم تفعل، خسرنا كل شيء، وستكون السبب في إفشال الثورة، وسيسألها التاريخ ويحاسبها الشعب والعالم والأجيال على أنها لم تكن بمستوى المسؤولية وخانت الأمانة التي حملتها على عاتقها.
ولكم تحياتي،،
المصدر: رابطة العلماء السوريين
محمد بسام يوسف
رضا خليل الجروان
هديل عرجة
محمد إبراهيم السعيدي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة