راني جابر
تصدير المادة
المشاهدات : 2683
شـــــارك المادة
في اللحظات الأخيرة التي سبقت انهيار النظام في معظم الجبهات، بدأت روسيا حملتها العسكرية لتعدل كفة الميزان وتقلبها لصالح النظام. فعلى الرغم من استمرارها بإرسال القوات والأسلحة، سواء لتستخدمها قواتها أو ليستخدمها النظام، لكن حجم القوات الروسية الحقيقية المنشورة في سوريا ما يزال مبهما وفي الحدود الدنيا، حيث تتحدث معظم التقديرات عن ما لا يزيد عن 5000 جندي ومرتزق، وعدد محدود من العربات المدرعة والدبابات، ومنظومات الدفاع الجوي، إضافة لقرابة 80 طائرة متعددة الأنواع منشورة في مطار حميميم بين مروحية ونفاثة ونقل واستطلاع، والتي تؤكد اعتماد الروس على قدراتهم الجوية بشكل أساسي، لدعم النظام والميليشيات الشيعية التي تعوض كثرتها العددية عن الكفاءة خلال المعارك خصوصاً بوجود الطيران.
فروسيا التي أرسلت حاملة الطائرات اليتيمة لديها، إضافة للطراد النووي بطرس الأكبر ومدمرتين، مرفقة بغواصتين من بين أفضل ما تمتلك من الغواصات، تدرك أن تأثير هذه القطع البحرية على مسار العمليات البرية سوف يكون محدوداً لأسباب كبيرة، أولها عدم حملها للكثير من الأسلحة المناسبة للاستخدام ضد أهداف برية، خصوصاً مع عدم وجود تأثير حقيقي للصواريخ الطوافة التي تحمل منها هذه السفن أعداداً محدودة جداً، فحتى لو أطلقتها جميعاً دفعة واحدة فلن تكافئ في تأثيرها الكلي تأثير يوم واحد من الغارات التي تنطلق من مطار حميميم، وخصوصاً مع انعدام وجود أهداف مناسبة لهذه الصواريخ من مقرات قيادة وسيطرة ومنشآت عسكرية مهمة، ومستودعات أو مطارات أو أي شكل من أشكال البنية التحتية، التي لم يقصفها الطيران خلال عام من الغارات.
الحاملة اليتيمة: على الرغم من عدم وجود فائدة حقيقية لإرسال معظم القطع البحرية الروسية إلى سوريا، لكن الاستثناء قد يكون في حاملة الطائرات الروسية اليتيمة التي أرسلت إلى شرقي المتوسط، ويتوقع منها تنفيذ عمليات ضد السوريين، باستخدام طائراتها القاذفة الاثنين والثلاثين التي تحملها. والتي إذا استخدمت بنفس الكثافة التي تستخدم بها طائرات حميميم، فسوف تؤدي إلى تضاعف مستوى القصف الروسي تقريباً، على المناطق غربي سوريا، وبالأخص في الأيام ذات الجو الصحو، التي لا تعطل حالة الجو فيها، عمليات إقلاع وهبوط الطائرات على متن الحاملة، لكنها سترفع التكلفة لعدة أضعاف خصوصاً مع تزايد المتطلبات التشغيلية للقصف من البحر والتي لا تمتلك روسيا أي خبرة فيها خصوصاً أن هذه عمليتها "البرمائية" الأولى.
تسعة أطنان! لم تضف روسيا الكثير من أنواع "الذخائر الجوية" إلى الأنواع التي تنوف عن الأربعين ، التي استخدمها نظام الأسد خلال حربه على السوريين، فكل ما زادته من أنواع الذخائر الجوية، لم يستخدم ليصل لمرحلة متقدمة، ليشكل فرقاً حقيقياً على الأرض، خصوصاً أسلحتها "الذكية"، التي تباهت بها روسيا خلال الأيام الأولى لحملتها في سوريا.
فنفس أنواع القنابل زنة 250 و500 كغ (الشديدة الانفجار والمتشظية والفراغية والعنقودية بأنواعها)، تابعت روسيا استخدامها في سوريا بعد أن استخدمها النظام لقرابة خمس سنوات.
وحتى عندما استخدمت قاذفاتها الاستراتيجية، والتي دارت نصف الكرة الأرضية لقصف السوريين، فقد استخدمت معها نفس أنواع القنابل هذه، بدون أي إضافات تذكر، حتى الصواريخ الجوالة التي أطلقتها سفنها من قزوين لم تحمل معها أي جديد يذكر. فالصواريخ الجوالة التي أطلقتها من بحر قزوين أو من قاذفاتها الاستراتيجية، تشهد على عدم جدوى استخدامها، فهي في النهاية محملة برؤوس حربية تقليدية، ولا تتجاوز في فاعليتها عموما قنابل زنة 500 إلى 1000 كغ في أحسن الحالات، ما يعني أن استخدامها بهذا الشكل ضد أهداف "معدومة القيمة العسكرية" يعتبر هدراً للموارد بشكل غير مبرر.
ماذا بقي لروسيا لتستخدمه في سوريا؟ استخدم الروس معظم أنواع الأسلحة التقليدية التي في حوزتهم في سوريا، بداية بالأسلحة الفردية، وصولاً إلى القاذفات الاستراتيجية، مروراً بمعظم أنواع المدفعية والمدفعية الصاروخية، ولم يبق فعلياً غير مجموعة من الأسلحة التقليدية، التي تفصل روسيا عن البدء باستخدام الأسلحة "غير التقليدية".
تتركز هذه الأسلحة في بعض الذخائر الجوية، وبخاصة القنابل زنة فوق 1500 كغ، والتي لم يثبت استخدامها في سوريا حتى الآن، حيث تخزن روسيا عدداً من أنواع القنابل التي تبلغ أوزانها بين 3000 كغ إلى 9000 كغ، والمصنعة في الحقبة السوفيتية، وهي مخصصة للإلقاء من القاذفات الاستراتيجية، التي استخدمتها روسيا في سوريا مراراً.
يعود السبب الحقيقي في عدم استخدام هذه القنابل، إلى عدم وجود هدف حقيقي يستطيع الروس استخدامها معه، وخصوصاً أنها بحاجة لأهداف ضخمة، وذات أهمية لإلقائها عليها، مثل المصانع والمعسكرات ومناطق تحشد القوات والمطارات، والتي لا توجد لدى الثوار، إضافة لتفضيل الروس للقصف "السجادي" على المناطق المستهدفة، بسبب تغطيته لمناطق أكبر عند استخدام ذخائر بزنة أقل وعدد أكبر، وكون الهدف الأساسي هو العامل البشري وليس المنشآت والأعتدة، ما يظهر استخدامهم الكثير للذخائر العنقودية وبخاصة في المناطق الريفية.
كذلك لم يسجل استخدام روسيا لقنابل "FOAB" أو ما يعرف بأبو القنابل ، والتي تعتبر أكثر القنابل التقليدية غير النووية فعالية، والتي يبلغ وزنها ثمانية أطنان، لكنها بفعالية أربعين طناناً (على حد زعم الروس)، فعلى الرغم من ورود بعض الإشاعات عن استخدامها في سوريا، لكن العديد من الشواهد الميدانية نفت ذلك بطريقة قطعية.
ما يعني فعلياً أن روسيا استخدمت معظم ما لديها من ترسانة تقليدية في سوريا، مع بعض الاستثناءات، التي حتى لو استخدمت لن تحدث فرقاً حقيقياً، فلم تبقي الحرب السورية إذا أمام روسيا في ترسانتها سوى الأسلحة غير التقليدية لتستخدمها، بداية بالسلاح الكيماوي بأنواعه، والسلاح النووي الذي يعتقد الكثيرون أنه لا يمكن أن يستخدم!.
هل تستطيع روسيا استخدام السلاح النووي في سوريا؟ دخلت روسيا إلى سوريا لعدة أهداف، من بينها رد اعتبارها كقوى عظمى في العالم، وفرض وجودها في المنطقة التي سيطرت عليها أمريكا لفترة طويلة، فمن المعروف أن روسيا نشرت مجموعة من الصواريخ الباليستية التكتيكية "إسكندر" في قاعدة حميميم، والتي تعرف أنها قادرة على حمل رؤوس نووية في إشارة غير مباشرة إلى نشرها لأسلحة نووية في سوريا، وسمحت بنشر صورها خلال إحدى مراحل معركة "تدمر"، حيث عرضت تلك الصور في ذروة التوتر الروسي التركي في سوريا، والتعثر الشديد في معركة مدينة "تدمر" في الصحراء السورية.
اعتبر ذلك الاعلان كذلك بمثابة تهديد غير مباشر للمدافعين عن مدينة "تدمر"، بأنهم قد يكونون هدفاً للأسلحة النووية الروسية، ما قد يكون ساعد في تسريع انسحابهم من المدينة، فاستخدام الأسلحة النووية في سوريا ليس مستحيلاً بالنسبة لروسيا، خصوصاً أنه لن يحدث بالأسلوب الذي رسخ في العقل الجمعي للشعوب عن التدمير الشامل لكل شيء.
فعلى الرغم من وجود الكثير من العوائق أمام روسيا، قبل استخدامها للسلاح النووي، والمتعلقة بالرفض الدولي بشكل أساسي، تستطيع روسيا تجاوزها في حال قدمت "تطمينات وضمانات" حول أن استخدام السلاح النووي سيكون "تكتيكيا ومحدودا"، وفي رقع جغرافية محددة وضيقة، وضد مناطق فيها قوى لا يسبب استهدافها أي اعتراض من قبل أحد، خصوصاً أنه لن يختلف عن الكثير من التسريبات والروايات عن الاستخدام الأمريكي له في العراق 2003.
ما يجعل هناك عدداً من المناطق و المدن وبخاصة في الصحراء السورية، مؤهلة جداً للتعرض للقصف بالسلاح النووي، وكانت مدينة تدمر إحداها (قد يكون غنى المدينة بالآثار والمقتنيات القابلة للنهب ساهم في منع قصفها بالنووي)، والتي تعثرت معركتها جداً على الرغم من أنها تعرضت على الأقل إلى 1000 غارة جوية روسية، عدا عن القصف المكثف بالمدفعية والمدفعية الصاروخية، وكونها مكشوفة تماماً لوسائط الاستطلاع الروسية.
ما يجعل مناطق مثل ( السخنة، وبعض قرى ريف دير الزور الغربي، والشمالي، وبعض المناطق على الحدود العراقية السورية ، وبعض قرى ريف حماة وريف إدلب وريف حلب) مؤهلة للقصف بالنووي بناء على الموقع والمنطقة المحيطة بها، حيث قد تقدم روسيا على قصف تجمعات سكنية محدودة الحجم، بهدف استعراض قوتها أمام خصومها على الأرض، بدون أن يكون هناك الكثير من الضوضاء الإعلامية عن الموضوع ، وقد تحصل عمليات تعتيم إعلامي على الموضوع.
فروسيا في حال قررت استخدام السلاح النووي في سوريا فهي ستستخدم رؤوساً تكتيكية صغيرة (من رتبة واحد إلى 10 كيلو طن) فقط، أي أصغر بكثير من تلك التي استخدمت في هيروشيما، ولكنها كافية لإحداث أثر كبير ومدمر ضد مناطق صغيرة ومحددة.
أورينت نت
العربية نت
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
زمان الوصل
شبكة شام الإخبارية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة