أبو مضر
تصدير المادة
المشاهدات : 6832
شـــــارك المادة
منذ حوالي مائة سنة وحتى يومنا الحاضر يحتفل الشعب السوري والشعب اللبناني في السادس من أيار/ مايو 1916 بذكرى أكبر قافلة لشهداء الحرية وتم تسمية ذلك اليوم بعيد الشهداء. ومنذ بداية أيار/ مايو تبدأ الاستعدادات للاحتفالات بهذه الذكرى، فتكتب الصحف عن الاحتلال التركي للوطن العربي – هكذا علمهم البعثيون – وعن ظلم الأتراك وإرهابهم، وعن الشهداء وتضحياتهم.
ولا ينسى الشعراء أبياتا يخلدون فيها بطولاتهم... ويقوم عدد من الضباط مع قائدهم بزيارة مقبرة الشهداء وقراءة الفاتحة على أرواحهم ... ومع أنني لا أثق بالتاريخ الذي زور حقبة الخلافة العثمانية من خلال حملات عنيفة ضدها كانت في ظاهرها تدعو لمحاربة الظلم والفساد، وفي باطنها تهدف إلى التشهير بها وصولاً إلى سلخ الشعوب التابعة لها بهدف تفتيت وحدتها والقضاء عليها. كان ذلك واضحاً في كثير من كتب التاريخ بل وحتى المسلسلات التاريخية وكلها تحمل حقداً دفيناً على الخلافة العثمانية وربما لكونها تحمل شعار الإسلام!! بيد أن رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام يمتدح الفاتح العثماني كما في مسند الإمام أحمد بقوله: ((لتفتحن القسطنطينية على يد رجل، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش)). إلا أنني لا أنكر فترة مظلمة من تاريخ الخلافة حدث فيها من الظلم ما حدث، ومن ذلك ما قام به والي الشام: أحمد جمال باشا الذي كان يمثل الديكتاتورية على أشدها. في الثاني من شباط/فبراير 1915 قاد جمال باشا حملة لاسترداد مصر من الإنكليز ولتخفيف الضغط عن حلفاء الدولة العثمانية في أوربة، وتوقع أن جماهير مصر سوف تنتفض معه للقضاء على الوجود البريطاني، لكن العرب آزروا القوات البريطانية التي وعدتهم بالإمارة والملك، فعاد الباشا مهزوماً مقهوراً معتبراً كل من يدعو للانفصال عن الخلافة خائناً وعميلاً لأمريكا وبريطانيا !!. وفي 21 آب/أغسطس قام بإعدام أحد عشر عميلاً- كما يعتبرهم- وبنفس التهم راح يعتقل الأحرار والوطنيين، وفي السادس من أيار/مايو 1916 قام بإعدام أكبر عدد من المواطنين الأحرار حيث بلغ عددهم واحداً وعشرين رجلاً ((عشرة من دمشق، واثنان من حمص، واثنان من فلسطين، وسبعة من لبنان)). فأعدم سبعة منهم في ساحة المرجة بدمشق، وأربعة عشر في ساحة البرج في بيروت. هذه الجرائم النكراء- ولا شك هي كذلك- كانت السبب الرئيس في إضافة السفاح إلى اسمه ليكون ملاصقاً له فلا يعرف إلا به، بل ليكون لعنة تلاحقه إلى يوم الدين ....!!. بضع عشرات من الشهداء كانت سببا في وصمة عار لاحقت والي الشام أحمد جمال باشا السفاح حيثما ذكر وأينما كتب اسمه ... فيا ليت شعري ما اللقب المناسب الذي ينبغي للتاريخ أن يخلده لسفاح الشام الذي لم يرع لطفل ولا لشيخ ولا لامرأة عهداً ولا حرمة. لفق التهم المتوالية لأحرار الوطن فوصفهم بالمندسين والمتآمرين والسلفيين والإرهابيين والمخربين والعرعوريين والقاعديين وإخوان الشياطين و.....الخ. كل ذلك من أجل أن يُعْمل فيهم القتل والفتك والتدمير وبطرق لم يعرفها التتار ولا البربر ولا اليهود ولا الصليبيون .. لم يعرفها إلا الفرس المجوس الحاقدين أصحاب المثاقب وتقليع الأظافر والعيون وطرق من التعذيب يقشعر لذكرها جلد إبليس اللعين!!. حتى بداية العام الجاري 2012 كان عدد الذين استشهدوا على يد سفاح الشام مايزيد عن ستة آلاف طفل ورجل وامراة، وهم الذين وثقتهم الهيئة العامة للثورة السورية بأسمائهم الثلاثية وتواريخ استشهادهم والمناطق التي قضوا فيها، بينهم 419 طفلا منهم 107 دون سن العاشرة، وبينهم 281 امرأة، وبينهم 84 شيخاً كبيراً تجاوز الستين من عمره، وفي المعتقلات ما يزيد عن الثلاثين ألفاً، وفي خيام اللاجئين أكثر من عشرين ألفاً، وما خفي أعظم !!. قتل سفاح الشام الأطفال وقتل الرجال وقتل الجمال وقطع الأوصال!!. دمر البيوت على رؤوس ساكنيها ودمر معها المساجد والمزارع والشوارع. إن كان جمال السفاح جعل من المرجة والبرج ساحتين للشهداء فإن وحش الشام وسفاحها لم يترك في سوريا مدينة ولا قرية ولا منطقة إلا وروّى ساحاتها بدماء الأبرياء الأنقياء الأصفياء . لكنها – الإمارة- لو دامت لغيره ما وصلت إليه ؟؟ فما دامت لوالده السفاح الأكبر الذي يتلقى كل يوم من اللعنات – يلعن روحك يا حافط – ما لم يتلقه أبو رغال ولا أبو جهل ولا حتى فرعون وهامان، وما أظن أن نصيبه من هذه اللعنات سوف يكون بأقل من والده، بل وستستمر إلى يوم يبعثون. لن ينس التاريخ الجديد أولئك الأحرار الأبرار الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل الله والحرية والوطن، ولئن قضوا بأجل فلا شك أنهم أحياء عند ربهم يرزقون ... ولكن يا ترى أي يوم سنجعله عيداً لشهدائنا وهل تكفي أيام السنة كلها لتكون لشهدائنا أعياداً ... ولعلي استعير أبياتنا قيلت في شهداء أيار/مايو 1916 لأرثي بها اليوم شهداء الحرية والكرامة والإنسانية والدين:
يوم الشـــــهيد تحيــــــــة وسلام بك والنضال تؤرّخ الأيام بك والذي ضمّ الثرى من طيبهم تتعطر الأرضون والأيام وبك الغزاة سيحشرون وجوههم سود وحشو أنوفهم إرغام
سماح هدايا
غزوان المصري
محمد الغزالي
أبو عبد الله عثمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة