فرح الزمان شوقي
تصدير المادة
المشاهدات : 3184
شـــــارك المادة
تحضيراً لجولة جديدة من مفاوضات جنيف السورية، وصل المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا، إلى العاصمة الإيرانية طهران أمس الثلاثاء، آتياً من العاصمة السورية دمشق، ليبحث مع المسؤولين الإيرانيين آخر التطورات المتعلقة بالمفاوضات الجديدة.
في هذا السياق، وصف دي ميستورا حواره مع المعنيين في طهران بـ"المفيد والضروري"، قائلاً إنه "ركز خلاله على عدد من الملفات، أولها ضرورة تحقيق تقارب من خلال حلحلة الخلافات بين الأطراف السورية، وثانيها ملف إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة في سورية، وآخرها ملف تكثيف بذل الجهود للتوصل لحل سياسي ينهي أزمة هذا البلد". حوار سورية يتقدم: من جهته، اعتبر رئيس الدائرة العربية والأفريقية التابعة للخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، بعد لقائه المبعوث الأممي، أن "الحوار حول سورية يتقدم ويقترب من الحل السياسي"، مضيفاً أن "طهران راضية عن هذا الوضع وتأمل الوصول لنتيجة"، حسب تعبيره، لكنه اعتبر أن "النتيجة المرجوة تعتمد على تقوية السبل الحقيقية لمكافحة الإرهاب، فضلاً عن اعتمادها على استمرار الحوار بين من وصفهم بـ"الممثلين الحقيقيين عن الشعب السوري". وهنا تبرز نقطة التحفظ الإيرانية، التي سبق أن اعترضت علناً على مشاركة بعض شخصيات المعارضة السورية، التي تعتبر أنها تنتمي لـ"تنظيمات إرهابية"، وهو ما يعني أنه لا يحق لها الجلوس على طاولة الحوار السياسي، بحسب مسؤولين إيرانيين، أما عن رسائل دي ميستورا وتحفظات طهران، يقول الصحافي الإيراني عماد آبشناس، لـ"العربي الجديد"، أن "المبعوث الأممي يعمل بالأساس لإحداث تقارب بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، وهو ما قد يبدو خلال هذه المرحلة أكثر أهمية من التقارب المتعلق بالأطراف السورية، ولاسيما أن الفاعلين الإقليميين والدوليين قادرين على التأثير بشكل مباشر على طاولة الحوار". ويضيف آبشناس، أن "ما يطرحه دي ميستورا في الوقت الحالي قريب جداً من المبادرة الإيرانية والروسية للحل في سورية، التي طُرحت في وقت سابق، على الرغم من وجود تحفّظات إيرانية، وهو ما يجعل طهران راضية نسبياً عنها". ويشير إلى أن "أبرز التحفظات هي تلك التي تحدث عنها عبد اللهيان صراحة والتي تتعلق بمشاركة شخصيات معارضة دون غيرها".
في سياق متصل، يرى الدبلوماسي السابق في الخارجية الإيرانية هادي أفقهي، أن "دي ميستورا لم يحمل مقترحات جديدة خارج الإطار العام الذي يدور الحديث عنه منذ أشهر قليلة، لكن تحقيق التقارب هو الهدف الرئيس، فالتباين في الآراء كان واضحاً للغاية خلال اجتماع جنيف الأخير". ضرورة الوصول لمرحلة انتقالية: ويردف أفقهي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "دي ميستورا يحمل لطهران تأكيداً على ضرورة الوصول لمرحلة انتقالية، سواء بوجود الرئيس بشار الأسد أو بعدمه، وبالتالي من المحتمل أن يكون دي ميستورا قد قدّم طلباً لطهران، من أجل بذل ضغوط معينة لتحقيق الأمر، لكن إيران بالمقابل ترى ألّا تصوّر واضحا لدى دي ميستورا عن المرحلة الانتقالية، وترفض مناقشة مصير الأسد باعتبار أنه أمر يتعلق بالسوريين أنفسهم، وهو ما صدر على لسان مسؤولين إيرانيين كثر". "بالنسبة إلى قضية الهدنة أو وقف إطلاق النار الهش، بحسب وصف دي ميستورا، فهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لهذا الأخير"، وفقاً لأفقهي، إذ تركّز طهران على الإضاءة على اختراقات المعارضة المسلحة، وهذا أحد التحفظات التي نقلتها وأبلغتها للمبعوث الأممي". وفي الموضوع العسكري، يقول أفقهي أن "إرسال القوات جاء بناء على طلب الحكومة السورية التي تحتاج لدعم عسكري ولوجيستي، ولاسيما أنها تركز في الوقت الحالي على حلب وما حولها"، ويردف أن "الاتفاقيات بين طهران ودمشق تسمح بتقديم هذا الدعم"، مضيفاً أن "الحكومة السورية طلبت إرسال قوات للإشراف الميداني لمساندتها في حلب، استعداداً للتوجه نحو إدلب بعدها". ويتوقع أفقهي أن "يكون هناك دفعات دعم أخرى مستقبلاً من إيران". عدا ذلك، فقد عبّرت طهران في وقت سابق عن بعض المحاذير بوصفها "خطوطاً حمراء"، منها "عدم إيقاف الدعم لجبهة المقاومة"، و"عدم مناقشة مصير الأسد"، وهو ما أشار إليه أخيراً مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، بقوله إن "الأسد خط أحمر بالنسبة لإيران، ويجب أن يبقى في الرئاسة حتى نهاية مدة ولايته"، وأضاف ولايتي في حوار مع التلفزيون المحلي الإيراني، أن "الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة، عملوا على الإيقاع بمحور المقاومة والإطاحة بالأسد"، قائلاً إنه "من المستهجن أن تطلب واشنطن من طهران قبول تنحّي الأسد، فهذا أمر يقرره الشعب السوري".
إرسال قوات لسوريا: أما وزير الخارجية محمد جواد ظريف، فقد دعا الغرب إلى "إيقاف دعم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والتخلي عن السياسات التي تسببت بتدهور وضع الإقليم والتعامل بجدية مع قضية الإرهاب، لكونها تشكل التهديد الأول للجميع خلال هذه المرحلة"، في سياق موازٍ، كثفت طهران من جهودها الميدانية على الأرض في سورية، عبر إرسال قوات برية خاصة تابعة للجيش الإيراني، وتفيد السلطات الإيرانية، بأن "القوات البرية تقدّم خدمات استشارية عسكرية، وقد كانت في وقت ماض من الحرس الثوري الإيراني أو من قوات التعبئة المعروفة باسم البسيج، لكن القوات البرية الخاصة المنتمية للواء 65 تابعة للجيش، ويُعدّ هذا تحولاً حقيقياً في آليات الدعم". مع العلم أن المساعد المنسق لقائد القوات البرية التابعة للجيش، أمير آراسته، قد أعرب عن "نية إيران إرسال عناصر تابعة لوحدات القناصة وللقوات الخاصة وهي التي تخضع بشكل دائم لتدريبات مكثفة"، وأضاف أن "التدريبات لا تتعلق بإرسالها لسورية أو العراق وحسب، بل يُعدّ الأمر جزءاً من البرامج العسكرية الاعتيادية لهذه القوات"، وقد أفادت مواقع إيرانية أن "عسكريين تابعين للجيش الإيراني فقدوا حياتهم خلال المواجهات المسلحة في سورية، منهم ضباط برتب عسكرية، وهم من المنتمين للواء 65 الذين تم إرسالهم حديثاً إلى هناك". وفي ظل كل هذه التطورات، يبدو إصرار طهران واضحاً، على ملفات تعتبرها استراتيجية ولا يبدو أنها ستتخلّى عنها، ولاسيما بوجود تقارب في الرؤى مع روسيا من جهة، وعبر طرح دي ميستورا الحلّ السياسي، القاضي باستمرار الحوار بين المعارضة والنظام من جهة ثانية، وهو ما لا تقف ضده البلاد بشكله العام.
العربي الجديد
ميسون شقير
خالد الخلف
أسرة التحرير
عبسي سميسم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة