رامي سويد
تصدير المادة
المشاهدات : 6518
شـــــارك المادة
تتصاعد الانتقادات بين أوساط النشطاء والمراقبين السوريين في الأيام الأخيرة لممارسات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على خلفية شنّه غارات جوية على مناطق سكنيّة يسيطر عليها "داعش"، تسبّبت بمجازر في صفوف المدنيين، بشكل متزامن مع استمرار طيران التحالف بتقديم دعم جوي لقوات "حماية الشعب" الكردية التابعة للإدارة الذاتية التي أسّسها حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني).
والمليشيات المحليّة المتحالفة معها في "قوات سورية الديمقراطية"، والتي مارست عمليات تهجير قسري للسكان العرب من المناطق التي استولت عليها شمال شرق سورية، بعد انسحاب التنظيم منها، بحسب تقارير منظّمات حقوقية سورية ودولية موثوقة. وجاء الهجوم الجويّ الأخير الذي أشارت تقارير ومعلومات عدّة إلى أنّ طائرات التحالف الدولي شنّته على قرية الخان قرب بلدة الهول في الريف الشرقي لمدينة الحسكة، شمال شرقي سورية، والذي أدى إلى مقتل عدد كبير من سكان القرية، قبل أيام، ليدفع نشطاء وصحافيين سوريين إلى اتهام التحالف الدولي بمساعدة قوات "حماية الشعب" على القيام بعمليات تطهير عرقي للعرب في المناطق المتاخمة لمناطق سيطرة القوات الكردية وحلفائها قبل أن تنجز هذه الأخيرة تمدّداً في مناطق جديدة بعد انسحاب "داعش" منها، وتقوم بعمليات هدم للقرى بهدف ترسيخ تغيير ديمغرافي في مناطق شمال شرق سورية المتنوعة عرقياً. إحداثيات مضللة: ويتهم الصحافي السوري مضر حماد الأسعد، في حديث لـ"العربي الجديد"، قوات التحالف الدولي بالاعتماد على إحداثيات مضلّلة تقدّمها القوات الكردية للتحالف ليقوم بقصف المناطق السكنية التي يسيطر عليها "داعش" والتي يسكنها العرب، بهدف تهجيرهم، وبالتالي تنجح القوات الكردية بعملية التهجير القسري مستخدمة طيران التحالف كأداة لإنجاز ذلك. ويؤكد الأسعد أنّ 37 مدنياً على الأقل، معظمهم من النساء والأطفال، قضوا نتيجة قصف طيران التحالف الدولي في قرية الخان، وتمّ نقل 17 آخرين إلى المستشفى الوطني في مدينة الحسكة، مشيراً إلى أنّ لغماً انفجر في سيارة مدنيّة كانت في طريقها إلى الحسكة لإسعاف الجرحى، لافتاً إلى أن قرية الخان لا تشهد أي وجود لأية قوة عسكرية ويعمل سكانها في الزراعة وتربية الماشية وهي تفتقر لمقومات الحياة الأساسية من كهرباء واتصالات. وكانت معلومات صحافية أكّدت، مطلع شهر أغسطس/ آب الماضي، أنّ الحصيلة الإجمالية للضحايا المدنيين الذين سقطوا نتيجة قصف طائرات التحالف الدولي للمناطق السكنية التي يسيطر عليها "داعش" قبل مهاجمة القوات الكردية لها، بلغت 225 ضحية، بينهم 65 طفلاً و37 امرأة، بالإضافة إلى مقتل 64 مدنياً، بينهم 31 طفلاً و19 امرأة، في مجزرة ارتكبتها طائرات التحالف الدولي في قرية بير محلي قرب بلدة صرين في ريف حلب الشرقي، مطلع شهر مايو/ أيار الماضي. وبحسب المعطيات، جاءت المجزرة في قرية بير محلي بسبب قصف طائرات التحالف لست مبانٍ سكنية بنحو تسع صواريخ. واتهم شهود عيان وسكان من أبناء القرية القوات الكردية بإعطاء التحالف إحداثيات مضلّلة لقصف القرية الآمنة بادعاء وجود "داعش" فيها، بهدف تهجير سكانها وتخويفهم بقصف طائرات التحالف. نزوح قسري: وكانت منظمة العفو الدولية اتهمت القوات الكردية، في تقرير مفصّل أصدرته في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بتنفيذ عمليات حرق وتجريف للمنازل واتّباع سياسات دفعت السكان العرب في المناطق التي تمددت فيها القوات الكردية على حساب "داعش" إلى النزوح القسري من قراهم وبلداتهم، وأوضحت منظمة العفو أنّها أرسلت فرقها إلى 14 مدينة وقرية في مناطق سيطرة القوات الكردية، مؤكدة أنّ الفرق "اكتشفت موجة تهجير قسري وتدمير للمنازل تشكل جريمة حرب ارتكبتها الإدارة الذاتية الكردية السورية". وأضافت المنظمة أنّ "عمليات التدمير التي لوحظت ليست نتيجة معارك ضد داعش، بل تمّت في سياق حملة متعمّدة ومنسّقة شكّلت عقوبة جماعية لسكان قرى كانت تحت سيطرة التنظيم أو يُشتبه في إيوائها أنصاراً للأخير". وبحسب صور الأقمار الصناعية فحصتها المنظمة، فإن قرية الحسينية في ريف بلدة تل حميس في ريف الحسكة الشرقي، دُمّرت بالجرافات من قبل القوات الكردية بنسبة 94 في المائة بين عامَي 2014 و2015. ونقلت "العفو الدولية" عن أحد سكان قرية الحسينية قوله: "أخرجَنا المقاتلون الأكراد من منازلنا وأحرقوها واستقدموا جرافات ودمروا المنازل واحداً تلو الآخر حتى قضوا على القرية". جرائم الوحدات الكردية: وقالت المسؤولة في المنظمة، لمى فقيه، إنّه "من خلال تدمير منازل الأهالي المدنيين عمداً، وفي بعض الحالات بمسح وحرق قرى بأكملها وترحيل سكان من دون أن يكون هناك هدف عسكري مبرّر، فإن الإدارة الذاتية الكردية تنتهك القانون الإنساني الدولي". يضع كل ذلك، مصداقية التحالف الدولي لمحاربة "داعش" على المحكّ، ذلك أن تقديم الأخير لدعم جوي للقوات الكردية في ظلّ الانتهاكات التي تمارسها بشكل منتظم ضد السكان العرب في ريف الحسكة، وكما حصل خلال شهرَي يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز الماضيَين في تل أبيض، شمال الرقة، بعد انسحاب التنظيم وسيطرة القوات الكردية، يجعل من التحالف الدولي شريكاً في الانتهاكات ضد السكان، الأمر الذي ستترتب عليه ردات فعل خطيرة قد يكون أقلها دفع عدد من الشبان للالتحاق بتنظيم "داعش"، بحسب مراقبين. ويرى المراقبون أنفسهم أنّ الأمر لا يقتصر على ذلك، إذ إنّ عدم دقة قصف طيران التحالف الدولي واستهدافه لمناطق سكنية كثيرة، أسفرت عن وقوع مجازر بين السكان، تسبّب حتى الآن بموجات نزوح كبيرة، أدّت إلى تغييرات ديمغرافية كبيرة شمال شرق سورية، فضلاً عن تدفق مزيد من اللاجئين إلى تركيا والدول الأوروبية، الأمر الذي فاقم من دون شك، أزمة اللاجئين السوريين.
العربي الجديد
الجزيرة نت
عدنان علي
الشرق الأوسط
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة