رامي سويد
تصدير المادة
المشاهدات : 6840
شـــــارك المادة
صدّت قوات المعارضة السورية لليوم الثالث على التوالي هجمات قوات النظام السوري الرامية لاستعادة السيطرة على مجمّع "البحوث العلمية" غرب حلب، الذي سقط بيد قوات المعارضة يوم الجمعة الماضي، ويكون بداية خرق حقيقي لدفاعات النظام الأساسية حول مناطق سيطرته بحلب من الجهة الغربية.
وتمكّنت قوات المعارضة السورية المتمركزة في مجمّع البحوث العلمية عند مدخل حلب الغربي، ممثلة بحركة "نور الدين زنكي" و"لواء صقور الجبل" و"لواء الحرية" التابعة للجيش السوري الحرّ من تكبيد قوات حزب الله اللبناني والنظام السوري والمليشيات المحلية الموالية لها مزيداً من الخسائر البشرية في معارك "البحوث العلمية"، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن قوات المعارضة تمكّنت مجدداً من تحقيق المزيد من التقدّم في المنطقة، بالرغم من المحاولات المستمرة من قبل قوات النظام السوري وحزب الله لاستعادة السيطرة على المجمّع.
محاولات مستميتة: ووصف القيادي الميداني في قوات المعارضة المتواجدة في المنطقة، أبو أحمد العثمان، محاولات قوات النخبة في حزب الله اللبناني والمليشيات المحلية الموالية للنظام السوري كلواء القدس وقوات "الدفاع الوطني" الرامية لاقتحام مجمع البحوث العلمية، بالمستميتة، وأوضح أنه "أثناء السنوات الثلاث الماضية لم نشهد مثل هذا التهور من قوات النظام السوري وقوات حزب الله. إنهم يرسلون مجنديهم في مناطق مكشوفة من قبلنا وبدون تغطية نارية كافية، الأمر الذي جعل معظمهم صيداً سهلاً لمقاتلينا"، مضيفاً أن "اعتماد النظام في خطته الهجومية على مجمع البحوث على الغطاء الجوي لن يجدي نفعاً، المجمع بالأصل ثكنة عسكرية حصينة للغاية، وقد قامت قوات النظام خلال السنتين الماضيتين بزيادة التحصينات فيها للتصدي لهجماتنا المتكررة عليها قبل أن يسقط المجمع بأكمله بيدنا يوم الجمعة، لنتمكن من الاستفادة من تحصيناته بالدفاع عن نقاط سيطرتنا به". وقد استخدمت قوات النظام السوري استراتيجية الأرض المحروقة، في محاولاتها استرجاع المجمّع الاستراتيجي الواقع على بوابة حلب الغربية تماماً على الطريق السريع الذي يصل مناطق سيطرة النظام في أحياء حلب الغربية بريف حلب الغربي، الذي تسيطر عليها المعارضة السورية بالكامل منذ نحو ثلاث سنوات. وأحصى ناشطون إعلاميون مرافقون لقوات المعارضة في المنطقة قيام طائرات النظام السوري، وسلاح الصواريخ التابع له باستهداف مجمع البحوث العلمية يوم السبت بأربع وخمسين هجمة؛ تنوعت بين غارات جوية بصواريخ فراغية موجهة ألقتها طائرات النظام النفاثة، وبراميل متفجرة ألقتها المروحيات، وصواريخ أرض أرض شديدة التدمير من نوع "فيل" محلية الصنع، في حين بلغ عدد الهجمات المماثلة على المجمّع يوم الأحد أكثر من ستين هجمة جوية وصاروخية، وأربعين هجمة صاروخية وجوية أخرى قبل فجر أمس. موقع استراتيجي: وتأتي أهمية مجمّع البحوث العلمية العالية بالدرجة الأولى من موقعه الاستراتيجي، إذ يشكل رأس المثلث الذي اعتمد عليه النظام السوري في التصدي لهجمات المعارضة على مناطق سيطرته في حلب خلال السنوات الثلاث الماضية، أما قاعدتا المثلث فهما كتيبة الدفاع الجوي غرب حي الزهراء، والتي زودها النظام السوري بعشرات قطع المدفعية وقواعد الصواريخ أخيراً لقصف مناطق سيطرة المعارضة، وأكاديمية الأسد للعلوم العسكرية غرب حي الحمدانية. وتشكّل هذه المراكز مثلثاً حديدياً فشلت قوات المعارضة في اختراقه مراراً، قبل أن تنجح أخيراً بالسيطرة على رأسه الواقع بين كتيبة الزهراء شمالاً وأكاديمية الأسد جنوباً. الأهمية العسكرية: وإضافة إلى أهميته الاستراتيجية، يحوز مجمع البحوث العلمية على أهمية عسكرية كبيرة؛ فهو أكثر مراكز الأبحاث التابعة لوزارة الدفاع السورية تطوراً، ويقول مهندس الميكانيك المتقاعد عبد القادر حميدو، الذي كان يعمل في المجمع لـ "العربي الجديد"، إن المجمّع كان يحوي خطوط إنتاج لصناعة صواريخ متوسطة المدى من طراز "إم 302" التي يصل مداها إلى نحو 140 كيلومتراً، كما كان ينتج صواريخ متوسطة المدى من عيار 220 ميليمتراً يصل مداها إلى 90 كيلومتراً. ويوضح حميدو أن أهم الأبحاث التي كانت جارية في مركز البحوث العلمية خلال السنوات الماضية كانت باسم المشروع 702، والذي كان يحظى بدرجة عالية من السريّة، ويهدف إلى تطوير صواريخ "قاسيون واحد" و"قاسيون اثنين" السورية البازلتية التي يصل مداها إلى أكثر من 400 كيلومتر لتعمل بالوقود الصلب بدلاً من الوقود السائل، الأمر الذي يزيد سرعة إطلاق هذه الصواريخ البازلتية التي يتم تجميعها في سورية بعد استيراد محركاتها من روسيا، ما سيؤدي إلى زيادة صعوبة اكتشافها على الرادارات مع زيادة سرعة انطلاقها بشكل كبير. ويشير حميدو إلى أن مركز البحوث العلمية كان يتضمن مشاريع لتصنيع وتطوير رؤوس كيماوية وغازية غير تقليدية، إلا أن نشاطات المجمّع التصنيعية والبحثية توقفت بشكل كامل منذ صيف عام 2013، مع اشتداد هجمات قوات المعارضة عليه وعلى حي الراشدين القريب لتضطر قوات النظام إلى إفراغ المجمّع من خطوط الإنتاج، وتحوله إلى ثكنة عسكرية، قبل أن تسيطر قوات المعارضة على المنطقة بالكامل. هذا الخرق الكبير الذي حققته قوات المعارضة في جبهة حلب، وبشكل مباغت وسريع، مكّنها من وضع حي حلب الجديدة، أكبر أحياء حلب التي يسيطر عليها النظام، في مرمى نيرانها؛ فدوار السلام المعروف في مدخل حلب الغربي على الطريق الذي يصل حي حلب الجديدة ببلدة المنصورة التي تسيطر عليها المعارضة، أصبح في مرمى صواريخ قوات المعارضة المضادة للدروع. وقد تمكنت قوات المعارضة حتى الآن من تدمير مدرعتين في منطقة دوار السلام، وهو أمر غير مسبوق ساهم بإيصال رسالة إلى قيادة قوات النظام في حلب، مفادها بأن قوات المعارضة يمكنها أن تنقل المعركة إلى أرض النظام متى شاءت بمجرد تقدمها نحو خمسمائة متر فقط، حيث ستصبح داخل الأحياء التي يتمترس بها النظام السوري وسط وغرب مدينة حلب. دفع التقدم الاستثنائي لقوات المعارضة إعلام النظام السوري إلى محاولة لفت الأنظار عن التراجع الكبير لقوات النظام غرب حلب، من خلال عرض مقابلات متعددة مع ستة عناصر من قوات المعارضة، تمكّنت قوات النظام من أسرهم بعد محاصرتهم في حي الزهراء في اليوم السابق لسيطرة قوات المعارضة على مجمع البحوث العلمية.
العربي الجديد
العربية نت
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
المرصد الاستراتيجي
كلنا شركاء
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة