ميمونة جنيدات
تصدير المادة
المشاهدات : 6519
شـــــارك المادة
إن الأخبار التي تبعث السعادة والنشوة في نفوس العرب باتت نادرة، ولعل فوز مرشح الأخوان في مصر محمد مرسي هو أحدها حيث اعتبروه تجلي للديمقطراطية بنقل الجماعة من أقبية السجون والاضطهاد إلى أعلى مركز في الدولة، نقلةً تستحق الوقوف عندها وإفاضتها بحثا وتحليلا ًمن قبل المفكرين والباحثين العرب ... لقد وضِعت الجماعة في أصعب امتحان لها منذ تأسيسها ...إنه امتحان إثبات الوجود والإصرار على النجاح حيث تنشط العيون التي ترصد الأخطاء والأقلام التي تطمس النجاحات والإنجازات.
بالإضافة إلى أن هذه النقلة الرهيبة ستضع الجماعة في مرحلة حساسة من البحث عن التوازن النفسي، يجب أن يتصدى لها مفكروها ومصلحوها بالتحليل والنصح والإرشاد. إن عشرات السنين من الاضطهاد والإقصاء والاتهامات المتنوعة بكل ما هو سلبي ..كالتطرف ونبذ الآخر والتشدد وخدمة أجندة خارجية والغلظة والتخلف والتقوقع وقصر النظر وضعف المرونة وضعف القدرة على مواكبة المتغيرات العالمية ...و.... إن هذه النظرة السلبية التي تلفهم منذ عقود قد تفرض عليهم ردة فعل للتخلص منها، وتعديلها بطريقة قد تدفعهم للتخلي عن بعض ثوابتهم، وتغيير لَبُوسِهم استرضاء للناخب المصري معارضاً كان أو مؤيداً أو محايداً، وكذلك كسباً لثقة الدول والحكومات- الغربية - منها خاصة والتي تتفحص عيونها بدقة هذه التجربة الوليدة الفريدة في العالم العربي. وكما أن هذا الانتصار والقفزة الهائلة من التهميش والاضطهاد إلى سدة الحكم قد تجعل أفراداً منهم ينتابهم الشعور بالعظمة ويلجؤون إلى ممارسة نوع ٍمن الفوقية وإقصاء للآخر. وربما يشعر بعضهم بالرغبة بالانتقام وتصفية الحسابات لسنين عجاف ذاقوا فيها كأس الظلم والهوان. إن المرحلة الراهنة هي مرحلة حرجة تتطلب نشاطا ًوجهداً غير عاديين من المفكرين والأكادميين الذين يمارسون عادة التنظير والتوجيه الفكري للجماعة نحو تحقيق التوازن النفسي المطلوب وتقدير خطورة المرحلة وعظم الحمل الملقى على أكتافهم وكبر المسؤولية المناطة بهم، فهم إما أن يمثلوا نجاحاً للإسلام السياسي وتلميع صورة الإسلام والمسلمين، وإما لا قدّر الله أن يسببوا نكسة تلحق الأذى ليس بهم وبتيار الإسلام السياسي فحسب، بل بالإسلام والمسلمين عموماً وتعيد ملف التطور الدعوي للثلاجة من جديد. إن كثيراً من مؤيديهم لم يكونوا يريدون لهم هذا الوصول المفاجئ، وكانوا يتمنون لهم البقاء في الظل مدة يسبحون فيها على شاطئ بحر السياسة ذو المياه الكدرة والأمواج العاتية يتعلمون فن السباحة أولاً ليبحروا بعيداً بأناةٍ وتؤدة فيما بعد .... إن المرحلة حرجة جداً والبلاد في الحضيض ومهما بذلوا من جهود جبارة للنهوض لن تكون لماعةً وملفتةً للأنظار في ظل ضعف خبرتهم وكبر الرقعة التي عليهم رتقها. وبالمقابل فإن الكثيرين ممن لم يكونوا في صف المؤيدين لهم سابقاً، ولكنهم أمام إرادة التغيير الثورية التي كانت هاجسهم الأكبر وجدوا أنفسهم داعمين لهم وساعين لإنجاحهم يرجون مذاقاً حلواً علّه ينسيهم حنظلا شربوا من كأسه عشرات السنين. إن المرحلة القادمة تتطلب منهم ومن أفراد الجماعة خاصة تجردا ًمن الذات، ودأباً وإخلاصاً كعمل الجندي المجهول والابتعاد عن قطف الثمار المبكر، ولعل الشعور بالخوف من هذه المرحلة والحرص الدائم على النجاح، عليه أن ينتقل من النخبة والطبقة الواعية الرائدة إلى العامة والأنصار البسطاء، كي يبتعد عنهم الإحساس بالزُّهُو المفضي إلى التقاعس أو الفوقية لعل بدعمهم يصبح مرسي كمهاتير ماليزيا.
عبد الله فيصل الأهدل
محمد حسن السوري
محمد السلمي
محمد أبو الهدى اليعقوبي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة