محمد حسن السوري
تصدير المادة
المشاهدات : 2895
شـــــارك المادة
يحكى أن بلداً جميلاً كثير الخير اسمه (سورا) تعيش فيه عائلات كثيرة بوئام، وكانت هناك عائلة علاوي قد انعزلت في أحد روابيها، عائلة علاوي تقول: إن انعزالها سببه الإجحاف وتكتل الآخرين ضدها، ولكن أهل سورا أجمعوا على أن هذه العائلة مشهورة بمساندة الأغراب على أهل البلد منذ أيام التتار وحتى عصر الاحتلال الغربي.
مع التطور الحضاري أراد أهل البلد فتح صفحة جديدة مع هذه العائلة، فتناسى الجميع الحذر القديم، فبعد أن انتخبوا مختاراً جعلوا الحراس من جميع العائلات ومنهم عائلة علاوى، لأنها تعادل أقل من عشر السكان بقليل. استطاع كبير الحراس وهو من هذه العائلة واسمه حابس بدهائه أن يعين معظم الحراس من عائلته ثم استولى بهم على سلاح المدينة وتمكن بسلاحه ووعوده المعسولة أن يزيح المختار ويأخذ مكانه، فاستسلم الجميع للأمر الواقع وقبلوا به مختاراً للبلد، على أساس هذه الوعود المعسولة ومصلحة البلد. لم يكن المختار الجديد يعمل لمصلحة البلد كما عمل لمصلحة عائلته، أصبحت عائلته تتحكم بالبلد رشوة وجوراً وفساداً، بل وشجعت كل حثالة العوائل الأخرى على الفساد بشرط الانضواء تحت عباءتهم، ومساعدتهم في مراقبة من يتذمر لتأديبه أو اغتياله، وكان الضحايا من أهل البلد الكثير الكثير حتى أصبحت (سورا) مضرباً للأمثال في القمع والفساد، ثم أصبح حابس يتصرف بالبلد وكأنها ملكه يورثها، وفعلاً جهز الأمر مع المحيطين به لتعين ابنه مختاراً عند موته. تمت مسرحية لتجاوز تقاليد البلد التي تقضي بأن يكون المختار من الكبار عقلاً وسناً وأن يعين بالانتخاب والتداول وتكافؤ الفرص. فنصبوا ابن حابس (واسمه شبور) مختاراً رغم كونه مهزوزاً لأن أخاه المرشح القوي قد مات قبيل أبيه. ادعى شبور أنه سيصلح الأمور بعد أن شاع الفساد، ولكن يظهر أن عائلة علاوي قد تجذرت بالفساد وإذلال الناس دون رادع، وبحيث لا يمكن الإصلاح، كان شبور يجمع الأموال ويكدس السلاح بحجة وجود تهديد من أعداء أغراب، وفيما كان الأغراب يصولون ويجولون حوله كان شبور كلما شاهدهم يتوارى ويصرخ بأنه غدا سيوريهم الأهوال ثم يتناسى. سمع أبناء سورا أن بلاداً أخرى تخلصت من مختارها الفاسد، فتنادوا مثلهم للتجمع والمطالبة بتغيير مختارهم شبور لم تنجح خطة أهل سورا بسهولة، حيث إن حراس البلاد الأخرى المتحررة كانوا مخلصين للبلد وليس للمختار الفاسد، أما في سورا فقد كان كبار الحرس من عائلة علاوي التي تنظر إلى (شبور) كأنه ولي نعمتها وغطاء لاستمرار نفوذها ونهبها لثروة البلد، فقد أعد حراس العائلة عدتهم وأظهروا في مواجهة جموع المطالبين بطرد الفاسد والفساد أظهروا وحشية خيالية، ظن الناس أن عائلة علاوي قد تحضرت مع تعايشها بين أهل البلد، ولكن يظهر أن الطبع غلب التطبع، فقد فاجاؤوا الجميع بجرائم لا تخطر على بال بشري: قصفوا الآمنين وهجروهم في البلاد، ذبحوا الأطفال، اقتلعوا حناجر المنشدين، كسروا أنامل الرسامين، اغتصبوا الحرائر، ألقوا بجثث الذين ماتوا من التعذيب في الشوارع، نبشوا المقابر، هاجموا الجنائز، سرقوا الممتلكات، وما لم يستطيعوا سرقته تلذذوا بإتلافه. لم يكن أهل البلد يملكون ما يقابلوا به الذبح، استنجدوا فلم ينجدهم أحد، كثير من البلاد تواطئت مع عائلة علاوي لأشهر طويلة، أبناء البلد ضحوا بالكثير من أبنائهم، وأخيراً سيطر أهل البلد على مدينتهم. هناك ندرة من عائلة علاوي ممن شذ عن جماعته ووقف ضد جرائمها، وهناك البعض ممن كان يتفرج وهو مسرور كأنه يشاهد فلماً لبطل كابوي يدعس على رؤوس الهنود الحمر ويفتك بهم، هناك كثير ممن شجع وصفق، ولكن أغلب العائلة كان من الحراس المشاركين بالجرائم، أو من من الزعران الذين جاؤوا لمساعدتهم ووجدوها فرصة من أجل سرقة سموها غنائم، أو لإشباع غرائز حيوانية بالاغتصاب، أو لممارسة لعبة الكابوي حين يصطادون الهنود الحمر ويتمتعون بصراخهم ورؤية دمائهم. ماذا تتوقعون من أهل البلد أن يفعلوا بعائلة علاوي؟
محمد هنيد
طريف يوسف آغا
أبو عبد الله عثمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة