حلب نيوز
تصدير المادة
المشاهدات : 3225
شـــــارك المادة
شهدت السنة في بداياتها انعطافاً كبيراً لسير الأحداث على الأرض حين بدأ الاقتتال في أول أيامها، وذلك على خلفية استشهاد الطبيب "أبو ريان" تحت التعذيب على أيدي تنظيم الدولة وتسليم جثته لحركة "أحرار الشام" بتبادل للأسرى بين الطرفين.
الأمر الذي حول القضية من خلافات ومناوشات بين الطرفين إلى قنبلة موقوتة انفجرت وجرّت مشاكل لا نهاية لها، فاندفعت الفصائل لإصلاحها وتهدئتها لكنها أبت إلا أن تكون حرباً مشتعلة أحرقت نيرانها الكثير من مقاتلي الجيش الحر وعناصر التنظيم. بدأت الحرب فعلياً باشتباكات بين جيش المجاهدين وتنظيم الدولة في مدينة الأتارب غرب الريف الحلبي في ثالث أيام شهر يناير/كانون الثاني، واستمرت عدة أيام متواصلة قُتل فيها واحد من أبرز قادة لواء الأنصار غدراً بعد توجهه للتفاوض مع التنظيم، الأمر الذي أغلق كافة أبواب الصلح بين الطرفين. واتسعت المعارك لتصل إلى مدينة حلب في عموم مناطقها وأحيائها، ما دفع الفصائل والجهات المسؤولة لفرض حظر تجول على المدنيين قطّع مدينة حلب وجعل شوارعها خاوية على عروشها، وزادت البلبلة لتشمل الاعتداء بالسلاح على المشافي الميدانية، وانتشرت عمليات السرقة والخطف، وتقسمت طرقات المدينة بحواجز أنشأها الجيش الحر لمطاردة عناصر التنظيم. وأودت المعارك بحياة عدد من المدنيين ممن قضوا بنيران الاشتباكات بين الطرفين، كما ارتكب التنظيم مجازر عديدة كان أبرزها "مجزرة مشفى الأطفال" حيث عُثر على عشرات الضحايا ممن أعدمهم التنظيم، وعلى الكثير منهم آثار تعذيب وبينهم ناشطون وعناصر من الجيش الحر. واكتشفت أيضاً مقبرة جماعية في البريج تضم ما يزيد عن 50 جثة مكبلة الأيادي بعد إعدامهم على أيدي التنظيم، لتهدأ وتيرة المعارك بعد ذلك بسيطرة الجيش الحر على كافة الريف الغربي فيما فرض التنظيم سيطرته على مدينتي الباب ومنبج شرقاً بعد اعتقال الكثير من الشبان وفرض حظر تجول في تلك المناطق. استغلال النظام للمعارك وسقوط الشيخ نجار: وبعد عدة أشهر من الاشتباكات الدائمة التي استغلتها قوات النظام للتقدم إلى المدينة الصناعية والشيخ نجار وسجن حلب المركزي فتفرض سيطرتها عليه، هدأت المعارك بين الثوار وتنظيم الدولة بعد سيطرته على مدن الباب ومنبج وجرابلس شمال وشرق حلب، فاتخذ منها مقرات أساسية له ليسن فيها قوانينه كحاكم رسمي لها ويطارد كل من تعامل مع الجيش الحر أو اشتبه بتعامله معهم من بعيد أو قريب، فاعتقل مئات الشبان وأعدم العشرات. وعلى إثر ذلك وجه الثوار سلاحهم للنظام من جديد ليتداركوا ما يمكن تداركه في ساحات القتال بعدما بدأ النظام يلوح بحصار حلب، وأطلقوا العديد من المعارك والتشكيلات في جبهات حلب الشمالية والشرقية والجنوبية. واشتدت المعارك مع بداية الشهر الثاني في جبهة سجن حلب المركزي شمالاً والذي حاصره الثوار لأكثر من سنة، حيث استهدف الثوار أسواره بعدة عمليات تفجيرية في محاولات متكررة لاقتحامه ودارت في محيطه معارك استمرت شهوراً عديدة.
إلا أن كل محاولاتهم انتهت بالفشل ليسقط السجن بأيدي النظام الذي سيطر عليه بشكل كامل مع نهاية الشهر الخامس وفك حصار الثوار عنه، وأخلاه من كافة السجناء الذين عانوا الأمرين طيلة فترة المعارك والحصار وتعرضوا للتجويع والتعذيب والقتل. جبهة الشيخ نجار لم تكن أحسن حالاً فقد استمرت المعارك فيها وسط تقدم وانسحاب من طرف لآخر على مدى عدة أشهر، وتعرضت للقصف بمئات البراميل والصواريخ حتى انتهت بسيطرة النظام على أجزاء واسعة منها وعلى المدينة الصناعية في الشهر السابع. وأفلت على إثرها الجيش الحر قبضته على الجبهات الشمالية الشرقية من مدينة حلب، فيما تركزت المعارك مع نهاية العام في جبهات "حندرات" و"سيفات" و"الملاح" لتشهد أسخن المعارك فيها، والتي لا زالت تتأرجح بين البينين لتمثل ورقة أخيرة قد تعيد للحر هيمنته في الشمال أو تخرجه من دائرة السيطرة. هزيمة تقود للتوحد والانتصارات: ورغم هزيمة الثوار في جبهتي السجن والشيخ نجار إلا أنها لم تمر دون أن يعيد الثوار حساباتهم، فظلوا يستهدفون قريتي "نُبل والزهراء" المواليتين للنظام والحاضن الأكبر لشبيحته وميليشياته، إلى أن أعلنوا معاركهم ضدها ليتقدموا عسكرياً إلى مشارف قرية الزهراء في أواخر الشهر الحادي عشر. وكان تراجع الجيش الحر شمالاً قد جبره انتصار ضخم غرباً حين أطلق الثوار معركة "الاعتصام" في بدايات الشهر الرابع، والتي هزت حصون النظام في جبهة المخابرات الجوية ومواقعه في جميعة الزهراء، فسيطروا على عشرات المباني في محيط "المخابرات الجوية" وعلى شارع جامع الرسول الأعظم في جمعية الزهراء. أما جبهة حلب الجنوبية فقد شهدت معارك عنيفة ثلاثية الأطراف تمثلت بالثوار وقوات النظام وتنظيم الدولة، وأعلن الثوار من أجلها تشكيل 5 غرف عمليات وأطلقوا نحو خمس معارك لصد محاولات قوات النظام التقدم فيها كانت أولها في الشهر الثاني.
حيث تشكلت غرفة عمليات "الفتح المبين" وأطلقت معركة "الاعتصام بالله"، وآخرها غرفة عمليات خان طومان التي تشكلت أواخر العام وعمل الثوار خلالها على قصف مواقع النظام قرب كتيبة الصواريخ، فسيطروا على عشرات القرى في الريف الجنوبي الواقعة قرب معامل الدفاع وجبل عزان وريف السفيرة. ومن الجبهة الجنوبية امتداداً إلى الشرقية سيطر الجيش الحر على كتيبة صواريخ في ريف حلب الشرقي وعلى عدة قرى أخرى، فيما ظلت مدينة السفيرة ومعامل الدفاع تحت سيطرة قوات النظام. وفي قلب المدينة استمرت عمليات الثوار في حلب القديمة ونفذوا عدة عمليات تفجيرية مكنتهم من السيطرة على القصر العدلي ومبنى قيادة الشرطة ومبنى "حمام يلبغا الناصري" المقابل لقلعة حلب، لتمتد رقعة سيطرتهم حتى القلعة التي تتحصن فيها قوات النظام. وبالرغم من كل التحولات والانعطافات التي نأت بمدينة حلب عن الأعوام السابقة، إلا أن عمليات كتائب "أبوعمارة" في مناطق النظام حافظت على ثباتها، حيث نفذت سرية المهام الخاصة التابعة لها ما لا يقل عن 22 عملية بين اغتيالات وخطف لأزلام النظام وأركانه طالت 26 قتيلاً على الأقل، وتحرير شخصيات بارزة بصفقات تبادل أسرى كان أهمها استعادة مؤسس الكتائب “ياسر فوزي العبد” الملقب بأبي جعفر، وعدد من قيادات الجيش الحر. 12 شهراً من الحرب والمآسي الإنسانية: مع اشتعال المعارك واستمرارها على مدار العام بشكل متواصل وإن بدا عنيفاً تارة وهادئاً تارة أخرى، إلا أن القصف لم يهدأ عن مدينة حلب وريفها، حيث لم تتوقف طائرات النظام عن شن غاراتها الجوية مرتكبة عشرات المجازر بحق المدنيين ومخلفة مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين. وتزايدت حالات النزوح نتيجة استحالة العيش في ظل القصف من طرف والمعارك المستمرة من طرف آخر، حيث امتلأت مناطق حلب الحدودية مع تركيا بمئات المخيمات وضمت آلاف العوائل النازحة. إضافة لتزايد أعداد المخيمات في الأراضي التركية نتيجة استمرار عمليات النزوح، ولعل أبرز المخيمات وأكثرها ازدحاماً باب السلامة وباب الهوى وباب النور وغيرها والتي يعاني سكانها البرد الشديد مع قدوم الشتاء في أواخر العام خاصة بعد تسجيل 4 وفيات ثلاثة منها في باب السلامة. ومن ناحية أخرى انهمكت المجالس المحلية وهيئات الخدمات العامة بمحاولات عديدة لصيانة الشوارع وإعادة الكهرباء والمياه وتنفيذ حملات نظافة دورية لإعادة الحياة للمناطق المدمرة، كما بذلت المجالس الطبية جهوداً عديدة لإجراء حملات التلقيح للأطفال بعد تفشي الأمراض الكثيرة على رأسها مرض “اللشمانيا” والحصبة والجرب. حملات ومبادارات في إصرار على الاستمرار: بالرغم من كل ما مرت به حلب من ظروف أنهكت ثوارها وسكانها، حمل شباب متطوعون على عاتقهم الاستمرار في الثورة فأطلقوا بالشهر الرابعة حملة "أنقذوا حلب" ونشروها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كما اعتصم عدد من الشباب السوري أمام القنصلية الروسية في مدينة أسطنبول التركية منددين بمجازر النظام المدعوم من قبل روسيا، في محاولة منهم للفت أنظار العالم للمجازر المستمرة على حلب منذ أكثر من خمسة شهور متواصلة. وفي الشهر السابع أطلق ناشطون حملة “جيش موحد لاستعادة الثورة” في محاولة لإبقاء الثورة على مسارها والوقوف ضد أية محاولة لتحييدها عن هويتها وطنياً ودينياً وشرعياً، وطالبوا من خلالها جميع الفصائل المقاتلة بالانضواء تحت جيش موحد وتوحيد صفوف المقاتلين لإنقاذ المدينة من خطر تقدم قوات النظام وهو ما عكف الثوار على فعله فعلياً وبدأوا بتشكيل غرف عمليات تجمع كبرى الفصائل. ودعماً للثوار انطلقت مبادرة "سيف حلب لأهل الشام" وهي مبادرة مستقلة هدفت لتوحيد الصف وتنسيق جهود الثوار المقاتلين على الجبهات، ودعمهم إعلامياً ومعنوياً والعمل على خدمتهم. كما أطلق ناشطون حملة إلكترونية في الشهر الثامن تحت اسم "الجيش الحر منحبك"، بهدف إعادة التذكير بالشهداء الذين ضحوا بحياتهم في الثورة، ونشروا فيها صوراً لعدد من شهداء الثورة السورية من إعلاميين وعسكريين وناشطين، مؤكدين فيها وقوفهم مع الجيش الحر ومطالبين في الوقت ذاته بتوحيد جميع القوى المقاتلة للوقوف ضد النظام والمفسدين. شخصيات ثورية ودعتها حلب وريفها في 2014: ودع العام شخصيات ثورية وقيادية بازرة في المجال العسكري على رأسهم أمير حركة "أحرار الشام" أبو عبد الله الحموي مع ثلة من قيادات الحركة بينهم أبو يزين الشامي، أبو طلحة الغاب، أبو عبد الملك الشرعي، أبو أيمن الحموي، أبو أيمن رام حمدان، أبو سارية الشامي، محب الدين الشامي، أبو يوسف بنش، طلال الأحمد تمام، أبو الزبير الحموي، أبو حمزة الرقة، وعدد من أعضاء الحركة بتفجير استهدف اجتماعاً لهم يوم الثلاثاء الموافق 9-9-2014. سبق ذلك استشهاد أحد الشخصيات القيادية والمؤسسة في حركة أحرار الشام "أبو خالد السوري" بعد اغتياله من قبل عنصرين من تنظيم الدولة استهدف مقراً لحركة أحرار الشام في حي الحيدرية شمال حلب بتاريخ 24-2-2014. كما استشهد قائد كتيبة "الشيخ عبدالفتاح أبو غدة" محمد أبوالجود، وأبو العبد قائد عسكري في لواء "السلطان مراد"، وعلوان بن محمد "أبو جعفر" القائد الميداني والعسكري لقطاع حلب القديمة، و"محمد صلاح البكري" وهو قائد عسكري في ألوية فجر الحرية.
كذلك استشهد معاون رئيس مكتب الإفتاء في حلب محسن بن محمد علي أطرش، إضافة لعدة أشخاص من المتطوعين في الأعمال المدنية كالدفاع المدني والإدارة العامة للخدمات وغيرها. إحصائيات: - سجلت حلب نيوز تشكيل ما لا يقل عن 19 تجمعاً وغرفة عمليات تبنياً لإطلاق 18 معركة على مدار العام ضد النظام وتنظيم الدولة، أول التشكيلات كانت "الغرفة المشتركة لأهل الشام" التي تشكلت أول الشهر الثاني لتضم عدداً من أكبر الفصائل في حلب بينها حركة أحرار الشام وجيش المجاهدين، وآخرها الجبهة الشامية بقيادة “عبد العزيز سلامة” والتي تكونت من الجبهة الإسلامية في حلب، وجيش المجاهدين، وحركة نور الدين الزنكي، وتجمع فاستقم كما أمرت، و جبهة الأصالة والتنمية، وحركة النور. - سيطر الثوار على أكثر من 16 منطقة وموقعاً عسكرياً خلال المعارك مع قوات النظام، وعلى أكثر من 11 منطقة وموقعاً بالمعارك مع تنظيم الدولة أبرزها أحياء حلب الشرقية والشمالية، وريف حلب الغربي وأجزاء من ريف حلب الشمالي. - خسر الثوار ثلاثة مناطق في حلب خلال المعارك مع قوات النظام تمثلت في قرية الشيخ نجار والمدينة الصناعية والسجن المركزي، كما خسروا أجزاء واسعة من ريف حلب الشمالي والشرقي أبرزها مدن الباب ومنبج وجرابلس وأخترين وأجزاء من مدينة عين العرب وقرى احتيملات ودابق وصوران ودوديان والراعي التابعة لمدينة اعزاز في أقصى الشمال. - دمر الثوار أكثر من 136 آلية عسكرية بينها 4 طائرات حربية، ومروحيتان، و75 دبابة والعديد من المدافع والرشاشات الثقيلة، كما دمروا أكثر من 69 مبنى و17 حاجزاً و5 مستودعات ذخيرة. - نفذ الثوار 11 عملية تفجيرية استهدفت مناطق وتجمعات قوات النظام وخلفت أكثر من 351 قتيلاً، أبرزها تفجير فندق الكارلتون، ومبنى قيادة الشرطة أمام قلعة حلب ومبنى "دار الأيتام" في جبهة المخابرات الجوية. - نفذّت كتائب "أبو عمارة" ما لا يقل عن 23 عملية في مناطق النظام، تسببت بمقتل 53 شخصاً من قوات النظام بينهم ضباط وزعماء شبيحة، كما فكت أسر قياديين في الجيش الحر بصفقات لتبادل أسرى أبرزهم "أبو جعفر" مؤسس الكتائب، كذلك نفذّت كتائب عديدة من بينها جبهة النصرة عدة عمليات في مناطق النظام خلفت عدداً من القتلى. - بلغت حصيلة قتلى النظام ممن قضوا على أيدي الثوار في حلب نحو 3000 عنصر بينهم ضباط وقياديون في جيش النظام والجيش العراقي و"حزب الله" والأحزاب الإيرانية، ومقاتلون أجانب من ميليشات عديدة. - نفذّ تنظيم الدولة 29 عملية تفجيرية في مناطق متفرقة من مدينة حلب وريفها تسبب باستشهاد أكثر من 74 شخصاً بين مدنيين وعناصر من الجيش الحر وقياديين في فصائل عديدة. - بلغت حصيلة القصف على مدينة حلب وريفها خلال العام ما لا يقل عن 4063 برميلاً متفجراً، و2065 صاروخاً، و 123 قنبلة عنقودية. - 71 مجزرة ارتكبتها قوات النظام بحق المدنيين بقصفهم بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة في مناطق متفرقة من مدينة حلب وريفها وأودت بحياة أكثر من 1318 شهيد. - استشهاد ما يزيد عن 7398 شخصاً نقلاً عن مراسلي حلب نيوز ومصادر محلية وبحسب توثيق مركز الانتهاكات والمعهد السوري للعدالة ممن قضوا بالقصف والمعارك والإعدامات الميدانية وتحت التعذيب في سجون النظام وتنظيم الدولة. - 481 حالة اعتقال أغلبها تركز في مناطق النظام، وخاصة بعد حملة شنتها قوات النظام لاعتقال الشبان وسحبهم إلى الخدمة الاحتياطية.
يمان نعمة
عبسي سميسم
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة