القدس العربي
تصدير المادة
المشاهدات : 7950
شـــــارك المادة
ديرالزور (سورية) ـ ا ف ب: عشرات الأدراج تفصل جحيم القصف اليومي عن "واحة سلام" متمثلة بملجأ تحت الأرض أنشأ فيه متطوعون مدرسة هي الوحيدة التي تقوم بالتدريس على حد قولهم في مدينة دير الزور شرق سورية.
وهذه المدينة النفطية في شرق سورية الواقعة على ضفاف الفرات، في حالة خراب إذ تبدو آثار القصف على المنازل فيما الشوارع مليئة بالحطام والزجاج، بعد تسعة أشهر من المعارك القوية بين القوات النظامية السورية وقوات المعارضة المسلحة. وكانت المدينة تعد حوالي 750 ألف نسمة قبل الحرب لكن المعارك والقصف دفعا نصف مليون شخص إلى الرحيل.
ويقول ياسر طارق أحد مؤسسي هذه المدرسة في حي الأمل والتي تؤمن الدروس ستة أيام في الأسبوع لحوالي 50 طفلا يأتون من كل أنحاء المدينة "غالبية المعلمين نزحوا، وقلة من الناس تطوعت لمساعدتنا بسبب الخوف".
ويضيف طارق الذي كان يعمل قبل النزاع مسؤولا أمنيا في المنشآت النفطية في المنطقة، إن "الدروس تعطى في المساء لأن الوضع أكثر خطرا بكثير خلال النهار". وفي المساء "تخف حدة القصف كثيرا". وتابع أنه عند انتهاء الدروس وبعد تناول الأولاد العشاء "نجعلهم يغادرون الواحد تلو الآخر لتجنب أن تصيبهم قنبلة كمجموعة أو رصاص قناص".
ويقول الناشط هيكل أن القسم الأكبر من محافظة دير الزور تم تحريره لكن قوات النظام لا تزال تسيطر على عدة أحياء في المدينة. وتقول مديرة المدرسة بيدا الحسن "حين يبدأ القصف، يصاب الأطفال بالخوف". وأضافت "نبدأ حينئذ بالغناء معهم أو التصفيق على وقع الأنغام. نحرص بالتالي على أن يركزوا على الموسيقى وأن ينسوا القنابل".
وتتابع "هذه ليست حياة جيدة بالنسبة للأطفال. ليسوا مسؤولين عن أي شيء من كل هذه الأمور، لكنهم هم الذين يعانون أكثر من غيرهم". ويقول طارق أن هدف هذه المدرسة هو "مساعدة الأطفال على نسيان ما يحصل للحظات، لكي يروا أن هناك أمورا أخرى غير القصف والحرب". ويؤكد التلميذ سلطان موسى (12 عاما) "آتي كل يوم إلى المدرسة لأنني أحب الدراسة. يمكنني القيام بشيء ما مختلف هنا".
وقبل افتتاح المدرسة في أيلول (سبتمبر) "كنت أمضي نهاري في المنزل لان والدي لا يسمحان لي بالخروج خوفا من القصف" كما يضيف.
أما سيدرا (10 أعوام) فتقول إنها تحب المجيء إلى المدرسة لأنه يمكنها اللعب هناك. وتضيف "لقد تعرض منزلي للقصف وخسرت كل ألعابي". وتقول إنها فقدت خمسة أشخاص من أقاربها حين أصيب منزلهم بقذيفة هاون. وتضيف "بعد هذا الأمر، لم يعد والدي يسمحان لي بالخروج إلى أن اكتشفا أن أولادا آخرين من الحي يأتون إلى المدرسة. ومنذ ذلك الحين آتي كل يوم مع شقيقتي الاثنتين". والدروس من رياضيات وانكليزية وعربية ودين مهمة لكن أيضا وقت الاستراحة مهم أيضا. ويقول طارق مازحا "أنها ليست مدرسة فعليا وإنما ملعب للاستراحة". ولأسباب أمنية "أقيم الملعب" تحت الأرض في مبنى آخر في الحي حيث يمكنهم ممارسة لعبة كرة الطاولة والشطرنج ووضع جهاز فيديو أيضا لمشاهدة الرسوم المتحركة من سلسلة "توم اند جيري". ويعبر ياسر طارق عن فخره بواحة السلام هذه التي تمكن من إقامتها مع متطوعين آخرين قائلا "هذا المكان كان من غير الممكن إقامته قبل بضعة أشهر بسبب حدة القصف". وفي الوقت الحاضر "تمكنا من جعلهم ينسون، على الأقل لفترة قصيرة" جحيم الخارج.
أمين العاصي
المرصد الاستراتيجي
أحمد حمزة
عماد مطر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة