أشرف سمحان
تصدير المادة
المشاهدات : 3352
شـــــارك المادة
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الجهاد فريضة محكمة في المسلمين، وسنة باقية ما بقي الدين، لا يمنعها إلا ظالم ولا يحرمها إلا مبتدع، فاتقوا الله في ذروة سنام الإسلام وفي مكمن عزة المسلمين، ما أكرمهم الله إلا به، وما أذلهم إلا حين تركوه وضيعوا فريضة الله عليهم، فصدقت فيهم نبوءة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إنهم صاروا على كثرتهم غثاء كغثاء السيل الهالك، من حبهم للحياة وكراهيتهم للموت.
إن رد الظلم ونصرة المظلوم واجب معلق برقاب كل المسلمين، لا تزول قدم الواحد منهم إلا بالسؤال عنها والمحاسبة عليها، ونصرة الدين فريضة عين لم تجب ابتداء بدعوة ولي الأمر إليها، ولن تسقط بالتالي بمنعه منها، كيف لا وهو الذي لا يطاع إلا بطاعة الله فيهم فإن عصاه فلا طاعة له عليهم، فأنى له حظرُ ما أذن الله به وأمر، قال تعالى: "أُذِنَ للذين يقاتَلون بأنهم ظُلِموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله" صدق الله العظيم. وما الجهاد إذا لم يكن لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وأي عبادة للعباد أكثر من جهر الواحد منهم بإلوهية من خلقه الله من ماء مهين، وإجباره الخلق على السجود إليه من دون الله، وسفكه لدماء المسلمين بغير الحق، وتمثيله بجثث النساء والأطفال والعجز، وتهجير المسلمين من ديارهم والدوس على رقابهم، وهتك أعراض حرائر المسلمين، وقطع أرزاق الخلق، والهزأ بشعائر الله وتدمير بيوته، إن لم يكن كل ذلك موجباً للجهاد فما ذا الذي يكون، بل وما الجهاد إذن؟ وماذا تنتظرون لإعلان الجهاد يا من حملكم الله الأمانة بتوليكم أمر المسلمين؟ فهل يُسأل الفاروق عمر في دابة عثرت بأرض العراق لِمَ لم يمهد لها الطريق ولا تسألون أنتم عن دماءٍ أريقت وأعراض هتكت، ومحارم انتهكت، ومساجد دمرت، وشعائر عطلت، وأنفس ذلت وأهينت؟ فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟ وعوضاً عن أن تقودوا فيالق الجهاد لنصرة إخوانكم تقعدون كما تقعد الحريم، ولا تكتفون بعاركم هذا فحسب، بل وتمنعون الخير عن غيركم، فتحرمون عليه الخروج إلى الجهاد لنصرة الدين إلا بإذن من ولي فرض أمره على المسلمين فلم يأذن بالجهاد ولن يأذن به، فلا والله ولا تالله ولا بالله، لا نعبدكم من دون الله أبداً كما فعل الذين كانوا من قبل لأحبارهم ورهبانهم، فحرموا ما أحل الله وأوجبه، وأحلوا ما حرم الله وأمقته، وإلا فمصيرنا ومنتهانا كمثل جند فرعون الذي طغى وآثر السلامة في الحياة الدنيا فلم يغنِ عنهم من عذاب الله شيئاً. وأولى مراتب هذا العذاب أن يعجله الله لكم في الدنيا قبل الآخرة، فلا تظنُّن أنكم بترككم لفريضة الجهاد ومنعكم منها ألا تحل الفتنة قريباً من داركم، فالله أشد مكراً وأشد تنكيلاً، وَلَيُسلّطنّ عليكم بتضييعكم لهذه الفريضة من لا يخافه فيكم ولا يرحمكم، بدعوة مظلوم يئنُّ من العذاب أو بصرخة ثكلى من الحَزَن، ليس بينها وبين الله حجاب، فليحملنَّها الله على الغمام ويقول: "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين". ثم إن الله لسائلنا وسائلكم عن كل دم أريق لِمَ لم ننتصر له، وعن كل عرض هتك لِمَ لم نغر عليه، فالله الله من لدماء المسلمين، والله الله من لدموع المسلمين، والله الله من لأعراض المسلمين، والله الله من لآهات المعذبين، ومن لصرخات المستنجدين.
رب وا معتصماه انطلقت *** ملئ أفواه البنات اليُتَّمِ لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصمِ
عار وعار وعار بل ألف عار وعار على أمراء هذه الأمة، أمة المليار، أن يتحرك الغرب لنجدة المسلمين ولا يتحركوا، أن ينتفض الغرب لدماء المسلمين ولا ينتفضوا، أن يغار الغرب على أعراض المسلمين ولا يغاروا. فأفٍ وتباً وسحقاً وبعداً لكل شيطان أخرس متخاذل يتهاون في دماء المسلمين وفي أعراضهم وحرماتهم، يبيعها بعرض دنيوي قليل وزائل من منصب أو تجارة، فعسى الله العلي القدير أن يؤتي المؤمنين خيراً من جنته، ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً، أو يصبح ماؤها غوراً فلن يستطيع له طلباً، ثم الله نسأل أن يذله على رؤوس الخلائق يوم القيامة بتركه لنصرة من ذُلّ عنده من المسلمين، ولا تحسبن الله غافلاً عما يفعل الظالمون. حسبنا الله وحده، نعم المولى ونعم النصير ونعم الوكيل، كافٍ بقوته عبده، وآتٍ عن قريب نصره، بكم وبغيركم، ولو بغير الأرض جميعاً، يده فوق يد المجاهدين، يبطش ويرمي معهم ويثبتهم على الحق اليقين، ويُصبِّرهم بصبر ساعة حتى يأتي نصر الله، ألا إن نصر الله قريب، فإن يكونوا يألمون فأعداؤهم يألمون كما يألمون، ويرجون من الله ما لا يرجون. والله مولانا ولا مولى لهم، والجنة مثوانا والنار مثوىً لهم. فبشر المؤمنين، فإن أمرهم في كل حال لهم خير، كيف لا والله واعدهم –ووعده الحق- بإحدى الحسنيين، شهادة في عليين أو نصر مبين. والأمر -كل الأمر- لله من قبل ومن بعد، والأرض -كل الأرض- لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}. صدق الله العظيم. والسلام على من اتبع الهدى إذ جاءه.
أسعد عبد الخالق المراد
محمد عمار نحاس
مؤمن مأمون ديرانية
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة