كارولين عاكوم
تصدير المادة
المشاهدات : 9162
شـــــارك المادة
لا تختلف حياة الموقوفين في سجن حلب المركزي عن حياة السوريين النازحين الذين يعيشون في الخيم أو العراء في مهب عاصفة «أليكسا» وبردها القارس. في «غرف انتظار الطعام أو الموت» هذه، حيث يصل معدل الوفاة إلى حالتين كل ثلاثة أيام بسبب المرض والأوضاع الصحية، كما يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»، جاء البرد ليضاعف المعاناة ولا سيما في ظل غياب وسائل التدفئة والغذاء الكافي لنحو 4500 سجين.
وبعد المعلومات وصرخات الاستغاثة التي أطلقت في اليومين الأخيرين إثر الإعلان عن وفاة 13 سجينا، بسبب البرد، وفق مصادر معارضة، أعلنت وكالة الأنباء السورية (سانا) أمس، أن «الجهات المختصة أخلت سبيل 366 سجينا من نزلاء سجن حلب المركزي تنفيذا لقرار اللجنتين القضائيتين الخاصتين المشكلتين بناء على توجيهات وزير العدل بإعادة دراسة أوضاع نزلاء السجن من الناحية الإنسانية نتيجة حصار الإرهابيين له»، بينما نفى رامي عبد الرحمن تنفيذ هذا القرار، مؤكدا أن عدد المفرج عنهم لم يتخط حتى مساء أمس عشرة أشخاص، وهم في معظمهم من المسجونين لأسباب جنائية وليس سياسية، وهذا ما أكده ياسر النجار، عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة في حلب.
وفي حين دحض عبد الرحمن المعلومات التي أشارت إلى وفاة 13 سجينا نتيجة البرد، في اليومين الماضيين، أكدت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان لها، أمس، أن ستة سجناء في سجن حلب المركزي قد قضوا نتيجة البرد الشديد خلال اليومين الماضيين ليرتفع عدد القتلى إلى 13 سجينا خلال الأيام الثلاثة الماضية فقط بعدما قامت سلطات السجن بإطلاق النار منذ يومين على السجناء في الجناح السياسي فقتل سبعة منهم على الفور وجرح عشرة آخرون حالة معظمهم خطيرة.
من جهته، أكد النجار تسجيل 13 حالة وفاة في سجن حلب الأيام القليلة الماضية، مشيرا إلى أن نزلاء سجن حلب يعانون «من قلة المؤن»، بسبب غياب الغذاء ووسائل التدفئة. وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن سجن حلب محاصر من الجهاديين والمقاتلين ولا سيما جبهة «أحرار الشام»، منذ أكثر من سنة، كغيره من المقرات العسكرية الموجودة ضمن نطاق المناطق التي سيطرت المعارضة عليها، مشيرا إلى أن إيصال الطعام إلى السجناء يجري عبر وساطة الهلال الأحمر، لكن منذ أربعة أشهر اعتمدت اتفاقات أطلق عليها تسمية «صفقات غذائية» يجري خلالها السماح بإدخال الطعام إلى السجناء مقابل الإفراج عن عدد منهم، لا يتجاوز في كل مرة أصابع اليد الواحدة.
ولفتت «الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان» إلى أنه، نتيجة لصعوبة وصول الإمدادات الغذائية إلى السجن بسبب العمليات العسكرية في محيطه، تفاقم سوء الأوضاع الإنسانية للسجناء بشكل كبير منذ إعلان الجيش الحر في بداية شهر أبريل (نيسان) الماضي بدء معركة تحرير السجن، وقد قامت القوات الحكومية في 22 مايو (أيار) الماضي بقصف مركز للسجن وأدى ذلك لمقتل 60 سجينا وجرح أكثر من 100 آخرين قضى معظمهم لاحقا نتيجة لانعدام الرعاية الطبية بشكل كامل وقامت سلطات السجن بدفن الجثث في مقبرة جماعية في باحة السجن.
وعبرت «الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان» عن قلقها الشديد إزاء ما يتهدد مصير الآلاف من السجناء داخل السجن المركزي في حلب، محملة النظام السوري بأركانه الأمنية والعسكرية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة هؤلاء المعتقلين، وناشدت المنظمات الدولية الإنسانية وبشكل خاص اللجنة الدولية للصليب الأحمر التدخل العاجل لإنقاذ حياة الآلاف من المعتقلين الذين يواجهون خطر الموت بشكل يومي.
ويقع سجن حلب المركزي على أطراف مدينة حلب، وهو سجن مدني يتبع رسميا لوزارة الداخلية، ويضم ما يقارب 4500 سجين، بينهم سجناء سياسيون ومنشقون عسكريون، لكن تقريرا أصدره الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، منذ شهرين تقريبا، أطلق عليه تسمية «غرف انتظار الموت»، قال إن السجن تحول إلى معقل للجيش والشبيحة، ثم تحول معتقلا للسجناء السياسيين منذ أن بدأت معارك تحرير حلب، وقتل فيه وأعدم ما يقارب 150 سجينا بالرصاص أو بالتعذيب، كما مات فيه عشرات المرضى لقلة الدواء والغذاء.
ويضم السجن المركزي في حلب الذي يتبع إداريا لوزارة الداخلية أكثر من 4500 سجين يعيشون ظروفا صعبة في ظل ما قالت الرابطة السورية لحقوق الإنسان إنه «السياسة التي تنتهجها إدارة السجن في معاملة السجناء، من قتل عشوائي وإعدامات ميدانية وتعذيب وتجويع ممنهج وإهمال طبي متعمد أدى لوفاة العشرات منهم». وأشارت الرابطة إلى أن معظم السجناء باتوا يقبعون شبه عراة وذلك بعد اضطرارهم لحرق ملابسهم وبطانياتهم للقيام بخبز مخصصاتهم من الطحين الذي يوزع عليهم بمعدل 150 غراما للفرد يوميا عوضا عن الطعام، الأمر الذي ترك السجناء فريسة للبرد الشديد والأمراض المزمنة حيث وصل عدد الإصابات بمرض السل إلى 400 حالة تنتظر الموت ببطء نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من إدارة السجن.
وكان الائتلاف الوطني أشار في تقريره إلى تراجع وصول المعونات الغذائية إلى السجن وتخفيض الطعام من وجبتين لوجبة واحدة، في الأشهر الأخيرة إضافة إلى توقيف أدوية الأمراض المزمنة وعرض الموقوفين على المحاكم وعدم إخراج من أنهى مدة سجنه من السجن، لافتا إلى أنه مع بداية الشهر الرابع من 2013، وإعلان معركة تحرير السجن التي جاءت ردا على جرائم الجيش الموجود في السجن بحق القرى والمناطق المجاورة من قصف وقنص، بدأت مرحلة جديدة حيث توقفت إدارة السجن عن توزيع مادة الخبز واكتفي بكأس من الأرز المسلوق. ومع مرور الأيام حرم السجناء من الطعام، ومنحوا بدلا من ذلك حفنة طحين يومية.
الشرق الأوسط
المرصد الاستراتيجي
الجزيرة نت
عربي 21
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة