بعد التزام النظام بإيقاف إطلاق النار وسحب المظاهر الأمنية بسوريا، أتاح النظام بحرية التظاهر السلمي، لكن لا بدّ أن يحصل المتظاهرين على تصريح تظاهر كما سن القانون. وفي ما يلي سيناريو واضح للحصول على تصريح الأمني للتظاهر السلمي، تصريح مظاهرة بعد أن قامت الدولة بقيادتها الحكيمة على رفع قانون الطوارئ، وأتاحت للشعب العربي السوري ممارسة حياته السياسية بكل حرية، وأصبح للمواطن السوري حق التعبير عن رأيه، وبات الشعب يعبر عن أرائه ومشاعره دونما أن يخشى أقبية ودهاليز الفروع الأمنية.

أحب أحد المواطنين المعارضين أن يقيم مظاهرة مناهضة للنظام، ولأن حكومتنا الرشيدة وضعت قانون للتظاهر.. اتجه هذا المواطن إلى مقر وزارة الداخلية للحصول على ترخيص إقامة تظاهرة، واستقبله هناك مدير مكتب السيد الوزير ببشاشة وجه وترحيب عارم، وبعد أن طلب المواطن ترخيص التظاهرة قام مدير مكتب وزير الداخلية من خلف مكتبه وحيا المواطن الشريف على موقفه وأعطاه ورقة أحاله فيها إلى فرع أمن الدولة.. وبكل ثقة بالنفس ذهب الموطن لذات الفرع وقام بمقابلة رئيس الفرع الضابط (ع م) وجرى الحوار التالي:
ع م : تفضل شو بتئمور يا حبيبي يا مواطن.
المواطن: والله يا سيدي الضابط بدنا نعمل مظاهرة ضد النظام.
ع م: أي يا أهلاً وسهلاً ومرحباً وك أنت بتئمر أمر وأيمتان بدكم تعملوها؟
المواطن: والله عم نفكر نعملها يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة.
ع م:  وشو الشعارات الي رح تقولوها يا قلبي يا مواطن.
المواطن: يعني شي عشر شعارات عن الحرية وكم شعار عن إسقاط النظام.
ع م: وكتبتوا الشعارات على اللافتات ولا لسى؟
المواطن: والله لسى سيدي، بدنا نشوف خطاط.
ع م: وك تكرم عينك هلق في بالتوقيف أربع خمس خطاطين موجودين موقفين منخليهن يكتبولك الشعارات، واشتريتوا القماش تاع اللافتات ولا لسى؟
المواطن: لسى سيدي الضابط هلئ بروح بشتريهن.
ع م: قيريد وك وين بدك تروح هلق بالتوقيف في كم بياع قماش مندسين منخليهون يجيبولك قماش.. وك مبسوط يا مواطن يا حبيبي؟
المواطن: والله مبسوط سيدي ما في أحلى من هيك.
ع م: ودبرتوا السيارات الي رح توصلوا فيها لمقر انطلاق مظاهرتكن؟
المواطن: يعني معنا كم سيارة.
ع م: وك لعين ربك هلق بفرزلك كم سيارة من الفرع لتوصلكن.. ماشي؟
المواطن: ربي يخليلي ياك.. يا سيدي الضابط: يعني فضلت على راسي.
ع م: أي بس هلق في الي عندك كم طلب ممكن ولا افي امكاني؟
المواطن: انته بتئمر سيدي.
ع م: في عنا بالفرع شي متين تلاميت عنصر مخابرات معارضين للنظام وحابين يطلاعوا معكم بالمظاهرا.. ممكن ولا افي امكاني؟
المواطن: أكيد ممكن سيدي.. نحنا كلنا فدا الوطن.
ع م: أي والوقت تاع المظاهرا بدنا نعدلوا شوي مشان مانزعج أخواتك المواطنين بالوطن ورح نخلي بعد صلاة الفجر ماشي؟
المواطن: ماشي..
ع م: والمكان يعني مشان ما يصير ازدحام عليكم والمندسين يقعدوا يضربوا النار عليكم.. رح نخليه عنا هون بالفرع ورح نخلي صواتكم وانتوا ما تقولوا الشعارات توصل للسما.. ماشي؟
المواطن: ماشي سيدي.
ع م: والشعارات بدنا نحددها مشان أبدنا يصير فوضى، يعني شعار الحرية؛ خلي شعار واحد ومنقول في الله وسريا وبشار وبس، وشعارات إسقاط النظام؛ رح نقول فيها: بالروح بالدم نفديك يا بشار.. شو رأيك يا موطن حلو ولا في عندك اعتراض يا قلبي يا مواطن؟
المواطن: لا لا لا سيدي متل ما بتحب.
ع م: هلق بتروح مع أخواتك عناصر المخابرات والأمن إلي ضد النظام بتجيبوا كل المساهمين بالمظاهرة وبترجعوا لهون مشان نبلش شعارات ماشي؟
وذهب الموطن للقيام بالمظاهرة بفرع أمن الدولة.. وبعد ثلاثين عاماً عاد من الفرع لا يستطيع الكلام؛ لأن صوته مبحوح من كثرة الانفعال بالشعارات والولولة ولا يستطيع أن يرى بعينيه؛ لأنه بعد أن رأى نور بالحرية بالمعتقل لم يشأ أن يرى شيئاً بعدها، ولا يستطيع المشي على قدميه من فرحته بالنصر المبين.. وهكذا عاش المواطنين بعد رفع حالة الطوارئ وإيقاف إطلاق النار بكل حرية وكرامة لا يدوس عليهم أحد بنعاله، ولا يمتطي ظهورهم أحد، عزتهم فوق الجبين كالنسر المقتول..