..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

رحلة الجنون بين الأسد وفرعون

محمد عمار نحاس

٢ إبريل ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3459

رحلة الجنون بين الأسد وفرعون
+666.jpeg

شـــــارك المادة

{أني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب}
تستمر رحلة الجنون التي تجمع الأسد بفرعون مثلها كمثل كل طغاة العالم لا يتصورون أو يتخيلون أن لديهم شعب، وقد يتجرأ على قول قولٍ ينافي قولهم، أو مناقشة رأي يخالف رأيهم، فهم ينظرون إلى الشعب على أنهم عبيد ولهم عقول تدار عبر أزرار تحكم وضعت بجوار مكاتب رؤساء الفروع الأمنية، كأن الزمان يعيد نفسه والصور تتجلى لنرى فيها التاريخ فنرى أنفسنا نعيش ذاك الزمان المنصرم.
فبرحلة الجنون بين الأسد وفرعون كثيرة هي صفات التشابه تجسد ذات البداية وذات النهج؛ فهل عسى سيكتب التاريخ نهاية النظام الأسدي بذات الحروف التي كتبت فيها نهاية النظام الفرعوني.


الظلم والمفسدة:
فرعون الذي أقام حكمه على الظلم والمفسدة والقتل والسبي فيما ذكره لنا المولى - عز وجل -: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.
هي ذات بدايات النظام الأسدي الذي بدء به الأسد الأب ليثبت أركان عرشه، فأقدم على إبادة من سبقه إلى السياسة والتحزب، ثم قام بإبادة رفقاء السلاح المشهود لهم بالشرف والنزاهة، فلما قضى عليهم وطد أركان حكمه على جماجم الرجال، ويتم الأطفال وسبي النساء، وما إن مر بعض الوقت حتى ضاقت دائرة المنتفعين لتنحصر بالعائلة والطائفة.
الربوبية:
فرعون ادعى أنه إله وعلى العامة عبادته فيما ذكر لنا المولى - عز وجل - على لسان فرعون: {وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري..}، وعلى الناس تقديم الولاء والطاعة والعبودية لإلههم فرعون. ذات السمات والصفات جمعت بين فرعون والأسد، فما أن انتهى الأخير من تصفية الشرفاء واعتماده على المنتفعين والمفسدين حتى بتنا نسمع صيحات وشعارات تمجد رئيس الدولة وتسبغ عليه صفات الحكمة والشجاعة وتصفه بأوصاف عديدة، فهو المفدى، القائد العظيم، المعلم، المُلهِم… تذكر أفضاله العميمة على جميع أبناء الشعب، فلولاه لما بزغت الشمس، وهو الذي يمنحنا الهواء لنتنفس، والماء لنشرب، فالفلك تمشي بأمره، والسماء تمطر لتقول له نعم، ومن هنا علمنا أنه القائد الخالد الذي سيحكمنا لأبد الآبدين لا يموت ولا ينتهي، حتى بعض أهل العلم عاموا في بحره، ومالوا لينصروه على شعبه، وتناسوا قول المولى - عز وجل -: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ}.
رحلة المعارضة:
لما استفحل أمر فرعون أرسل المولى - عز وجل - له من يردعه عن ظلمه وطغيانه بشكل سلمي؛ {اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولاُ ليناً * لعله يتذكر أو يخشى}. ومن درعا انطلقت مسيرة الحراك الشعبي بسورية الإباء وهي تحمل شعارات مشروعه، فمن السلمية إلى الحرية درب كلف الشعب السوري دماء آلاف الشرفاء، وكما بدء فرعون بإلغاء الآخر عندما استهزئ بدعوة موسى - عليه السلام - ومن معه: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وأني لأظنه كاذباً}، بذات الصفات البلهاء يخرج رأس النظام السوري ضاحكاً باسماً يستغرب أين ما يتكلمون عنه؟؟ فالأمن مستتب، ولا مشاكل ولا اضطرابات، فسوريه ليست كغيرها، وهذا النظام ليس كغيره. ولما تبين لفرعون أن موسى - عليه السلام - آت بالحق بدء يطلق عليه صفات الكذب كي ينبذه من حوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}، {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}، {إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}، كأن رأس النظام الأسدي يقرأ سيرة فرعون حتى ينتهج ذات النهج فيظهر الأسد باسماً تلك الابتسامة البراقة ليصف أحرار سورية: (المندثين، الثلفيين، الثراثيم، المثلحين)، وتبدأ أنغام تخوين الشرفاء لدى كل نظام طاغية يعارضه أحد. ففرعون وبعد أن تبين له الحق وهو يعلمه علم اليقين قامت وسائل إعلامه بإطلاق حملة تخوين على موسى - عليه السلام - ومن آمن معه، وتوضيح خيوط مؤامرة موسى - عليه السلام - على الشعب الآمن: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ}، ولدى النظام الأسدي ذات النهج الإعلامي؛ فسورية الأسد تتعرض إلى مؤامرة كونيه تقودها جهة غامضة، وللمؤامرة أبعاد دنيئة لا يعرف اتجاهها.
أما الحل لدى النظامين فيتصف بذات الدموية والعنف؛ فرعون يحشر جنده ويعلن الحرب على رأس المؤامرة والفساد: {فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ}، وكتائب الأسد تعثوا بالأرض فساد؛ يقتلون الرجال، ويعذبون الأطفال، ويقطعون لهم أعضاءهم التناسلية، ويستبيحون الأعراض، ويفعلون ما لا يفعله أحد!!
فبعد هذا التطابق برحلة الجنون التي تربط الأسد بفرعون؛ هل يمن الله علينا ليرينا نهايةً واحده تجمع الأسد وفرعون؛ {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.
الله نسأل أن يمن علينا فتقر عيوننا ونرى الهدوء يعود إلى سورية الإباء، وتعود إلينا حريتنا وكرامتنا وآدميتنا التي سلبت منا عنوة.. إن الله على كل شيء قدير جدير.

المصدر: سوريتنا

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع