الراية القطرية
تصدير المادة
المشاهدات : 8956
شـــــارك المادة
"الله سيعاقب بشار وجماعته لأنهم حولوا حدائقنا العامة مقابر"، يقول محمد أسد حاملا المصحف ومتوجها إلى قبر نجله الأكبر داخل حديقة في دير الزور بشرق سوريا. تستقبل حديقة المشتل كل يوم ضحايا جددا للنزاع الذي يمزق سوريا منذ قيام الحركة الاحتجاجية المناهضة للرئيس بشار الأسد قبل عامين، سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا أو حتى مقاتلين في ريعان الشباب.
بدورها، تبكي أم محمد ابنها البالغ احد عشر عاما والذي قضى في القصف قائلة "آتي كل يوم من طلوع الشمس حتى قرابة الساعة الرابعة لأكون مع صغيري. إنها طريقتي لأكون إلى جانبه. أرافقه، أتلو عليه آيات قرآنية وأتحدث إليه". قتل الفتى بشظايا قذيفة مدفعية فيما كان يلهو أمام منزل أسرته مع صديق له قتل بدوره. وتضيف الأم الملتاعة "كان ابتسامتي ودافعي للابتسام كل يوم وسط هذه الحرب لكنه مات"، قبل أن تلعن نظام الأسد. عبد الرزاق يتولى دفن الضحايا ويعلق هازئا "لم نتلق من حكومة سوريا منذ تسعة أشهر سوى القنابل والقنابل". ويضيف بحسرة "لا يستطيع أولادي الخروج. منذ تسعة أشهر وهم سجناء المنزل لأنني دفنت عددا كبيرا من الأطفال بيدي وأرفض أن أدفن أولادي. لم يخطر في بالي أن الحديقة التي كان يلعب فيها أولادي ستتحول مقبرة"، مشيرا إلى أكمة زين بعضها بورود اصطناعية. طاول النزاع دير الزور في يونيو 2012 بعدما كانت مركز الصناعة النفطية السورية. ويوضح عبد الرزاق، الموظف السابق في آبار النفط، إن أكثر من ثلاثة آلاف شخص قتلوا فيها مذذاك. هذا العدد الكبير من الضحايا ضاقت به مقبرة البلدية وكان الخيار الوحيد اللجوء إلى الحدائق العامة. تضم حديقة المشتل وحدها 160 "شهيدا" لم يتم التعرف على بعضهم، ولا يحتوي القبر أحيانا سوى على بقايا جثة مزقتها القنابل. يستعين عبد الرزاق بدفتر صغير رسم عليه مواضع القبور ودون معلومات عن شاغليها. ويوضح "إذا سقطت قذيفة أو صاروخ ودمرت القبور، سأعلم مكان كل جثة بفضل هذا الرسم. العائلات يجب أن تعلم المكان الذي ووري فيه أحباؤها". في الجانب الآخر من الحديقة، تركع امرأة أمام قبر حديث العهد وتهتف "لماذا يا سعد؟ لماذا رحلت؟". ترثي شقيقها الشاب سعد الحاج شهاب 17 عاما الذي قضى في 16 فبراير الفائت وهو يقاتل القوات النظامية. ويقول أحد أشقائه احمد تاج الحاج شهاب "شقيقنا مات وهو يقاتل ديكتاتورا. نحن فخورون به". أحمد أيضا يقاتل في صفوف الجيش السوري الحر ومثله أشقاؤه الثلاثة. تدخل مجموعة من المقاتلين المعارضين الحديقة وتروح تبحث بين القبور. ثم تقف المجموعة أمام قبر ويجهش أحد أفرادها بالبكاء "إنه أبي. لقد قتل في قصف للنظام. كنت على الجبهة حين دفن ولم أتمكن من وداعه"، ثم يهتف "سامحني يا أبي".
عبسي سميسم، ريان محمد
نذير رضا
إدوارد حداد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة