..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

الرويبضة الطائفي سيرجي لافروف

عبد العظيم عرنوس

٢ إبريل ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6252

الرويبضة الطائفي سيرجي لافروف
055++55+898.jpeg

شـــــارك المادة

منذ أن انبثقت صحيفة المدينة المنورة - أو الدستور بلغة العصر الحديث - التي وضعها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحقوق الأقليات وأصحاب الديانات الأخرى محفوظة ومصونة، وبنود هذه الصحيفة تحوي أرقى المعاني الإنسانية والحضارية لحقوق الإنسان، التي كانت واقعاً حياً منذ انبثاقها وإلى سقوط الخلافة، لا خطوطاً مسطرةً في الأوراق لا رصيد لها، كما هو الحال في واقعنا المعاصر حيث حقوق الإنسان مهدرة خصوصاً في سوريا التي يتعرض شعبها للإبادة دون أن تطرف عين المجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الإنسان.


والنبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت في الصحيفة أن الحريات مصونة؛ كحرية العقيدة والعبادة (أن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم)، ولا يُكرَهون على الدخول في الإسلام، (لا إكراه في الدين)، وقد ورد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لعجوز نصرانية: "أسلمي تسلمي إن الله بعث محمداً بالحق"، قالت: "أنا عجوز كبيرة والموت أقرب إليّ"، فقال عمر: "اللهم اشهد، وتلا: {لا إكراه في الدين}، فاستغفر الله مما فعل وقال: اللهم إني أرشدت ولم أُكرِه"!
إن الصحيفة فيها من القواعد والمبادئ ما يحقق العدالة المطلقة، والمساواة التامة بين بني البشر، وأن يتمتع بنو الإنسان على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأجناسهم وأديانهم بالحقوق والحريات بأنواعها.
والتصريح الذي أدلى به الرويبضة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي قال فيه: "هناك مخاوف من بينها ممارسة بعض دول المنطقة لإقامة نظام سني في سوريا"، دليل باهر على البلطجة السياسية التي تنتهجها روسيا تجاه الشعب السوري الثائر ضد الظلم والاستبداد مما جعلها تستعمل الفيتو في مجلس لحماية للنظام السوري الطائفي المناهض لحق السنة في العيش بحرية وكرامة وعدل، لقد أسفرت روسيا عن وجهها القبيح الكالح الأسود، وانكشف القناع فأسفر عن دعم روسيا للمخطط الطائفي في المنطقة، وهذا التصريح إن دل على شيء، فإنما يدل على الحقد الدفين الذي تكنه روسيا للشعب السوري خاصة وأهل السنة عامة، ويهدف إلى التخويف من أهل السنة لإيجاد مبررات سياسية لتثبيت نظام الأسد صاحب الدور الكبير المكرس لحكم الطوائف؛ {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}، وأنها تحمي المخطط الطائفي الذي يستهدف دين الأمة وعقيدتها الصافية.
إن لافروف رويبضة تافه ابتلينا به من جملة الرويبضات الكثيرة.. روى أحمد في مسنده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ أَمَامَ الدَّجَّالِ سِنِينَ خَدَّاعَةً، يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ! قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ))، وفي رواية: ((السفيه يتكلم في أمر العامة))، وفي أخرى: ((التافه))، (الرويبضة: تصغير رابضة، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها)، ألا وقد انكشف الستار عن المخططات والمؤامرات التي كانت خافية على عامة الناس، وإن كان البصيرون الصادقون بفراستهم وفطنتهم لا تخفى عليهم هذه المؤامرات، ولكن يأبى الله إلا أن يظهر عورات الرويبضات ويفضحهم على رؤوس الأشهاد.
إن تصريحات لافروف تصريحات غير مسؤولة وهي تنم عن حقد دفين لأهل السنة، وتاريخ روسيا الإجرامي لا يحتاج إلى دليل، ومجازرهم ضد الأفغان والشيشان أوضح من الشمس في رابعة النهار، وها هم يستمرون في مجازرهم في سوريا بإمداد النظام الأسدي بالسلاح الروسي، والخبراء الروسيين، والفيتو الروسي، والدعم اللامحدود لإبقاء النظام الطائفي الذي يحمي مصالح الروس والإسرائيليين والباطنيين.
إن التاريخ شاهد وناطق أن أهل السنة والجماعة على مدى تاريخهم الطويل كانوا هم الضمانة الحقيقية في إقامة العدل والمساواة والحرية لكل الطوائف على شتى مللهم ونحلهم ومشاربهم، وما حادثة القبطي الذي قطع المسافة الطويلة من مصر إلى المدينة المنورة؛ ليأخذ حقه من ابن الأكرمين عنا ببعيدة، وهي حادثة من جملة حوادث كثيرة تشهد على الأفق العالي الذي بلغته الأمة الإسلامية عندما كانت حارسة لدين الله قوامة بالقسط استجابة لأمر ربها.. {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}، ولم ينقل التاريخ الإسلامي أبداً أن غير المسلمين في المجتمع الإسلامي أو الطوائف تعرضوا للظلم أو استلاب الحرية أو الإكراه على الدخول في الدين.
وأخيراً: نقول للرويبضة لافروف وأسياده: إن السوريين لم يتدخلوا في شؤونكم، فلا تدسوا أنوفكم القذرة في شؤون غيركم، وننصحكم أن تنفضوا أيديكم عن هذا الظالم القاتل قبل فوات الأوان، وقبل أن تعضوا أصابع الندم، ولات ساعة مندم.

المصدر: المختار الإسلامي

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع