..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

اختلفوا في إيران فتحرك حزب الله في لبنان!

هدى الحسيني

٢٠ سبتمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3024

اختلفوا في إيران فتحرك حزب الله في لبنان!
01 أذناب فارس.jpg

شـــــارك المادة

أولا فلسطين، والآن الإسلام..

أسلوب المصادرة العلنية هذا، يمكن وضعه في خانة المزايدات..

هو لا يأتي انطلاقا من نيات حسنة.. إنه بحث عن مجد يضيع من بين الأصابع والأعين تراقب، وليس من حل..

كأن حزب الله فقد البوصلة..

الدور لم ينته؛ إنما «اللعبة» لم تعد تطعم خبزا حتى لأتباعه ولمريديه، حيث تفشى الفساد، ثم إن دور التغطية صار يجلب خسائر كبيرة وأفقد الحزب الدقة في الحسابات.

 

 

لم تبقَ دولة عربية أو إسلامية لم تندد بغضب بمشاهد فيلم «براءة المسلمين» القذر والسخيف. أحرقت سفارات (قتل كريس ستيفنز السفير الأميركي في بنغازي).. أحرقت محلات (في طرابلس لبنان، أكلوا الدجاج في مطعم «K.F.C» ومن ثم أحرقوه تنديدا)، وحتى في سوريا، سارت مظاهرة منددة وكذلك في طهران..

ثم أطل علينا محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني، وبعد أن استعرض عضلات إيران قال: «ليس من داع لفيلم سيئ أن يؤدي إلى مقتل السفير الأميركي»، والأهم من ذلك؛ قال جعفري: «إن عناصر من (فيلق القدس) التابعة لنا، موجودة في سوريا ولبنان مستشارين». ثم أضاف أيضا، عن هؤلاء المستشارين: «إن عناصر (فيلق القدس) الإيراني يمكن أن تتدخل عسكريا في حال تعرض سوريا لهجوم»، ثم أوضح: «هذا الأمر لا يعني أن لنا وجودا عسكريا هناك.. إننا نقدم لهذين (البلدين) نصائح وآراء ونفيدهم من تجربتنا».

الدولة اللبنانية لم تكشف عن أنها تتلقى النصائح من هؤلاء، ثم بماذا ستستفيد منهم؟

هل في قتل الشعب اللبناني أم التجسس عليه؟ لا نعرف.

المهم أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان استدعى غضنفر ركن آبادي السفير الإيراني لدى لبنان، وبدا تردد السفير الإيراني من أجوبته وتلبكه، ولأول مرة، ظهر من دون تلك «الابتسامة العريضة». اختصر الأمر بالنفي.

الأمر ليس سرا، فـ«الحرس الثوري» الإيراني هو الذي ساهم في تأسيس حزب الله قبل ثلاثين عاما، ويكفي للرئيس اللبناني أن يسأل الحزب عن الحقيقة فيجيبه، فالحزب اشتهر بـ«مصداقيته»، وما من داع ليسأل الدولة الإيرانية لأن «سبحة النفي» كرت من قبل كل المسؤولين..

ودائما تبدأ في لبنان.

هناك من يقول إن جعفري كشف عن خلاف مع قادة «الحرس الثوري»، وإنه بتأكيده وجود عناصر من «الحرس» في لبنان، أراد طمأنة القلقين في القيادة الإيرانية، بأن فقدان سوريا لا يعني أن «الخسارة الكبرى» قد حلت، فما زال هناك موطئ قدم لإيران في لبنان، وسيؤمنه لها - ولو عسكريا - «الحرس الثوري».

بعده أطل السيد نصر الله ليطرح «خريطة طريق»، طالبا من كل الدول العربية والإسلامية والعالم تبنيها، ولا نعرف كيف وبأي حق يطلب من وزير الخارجية اللبناني (عدنان منصور) وبصفة أن لبنان رئيس الدورة الحالية للجامعة العربية، بأن يدعو إلى مؤتمر..

ولم يكن غريبا أن يستجيب الوزير لهذا الأمر من دون الرجوع إلى الحكومة اللبنانية، فهو ينتمي إلى «دولة حزب الله» وليس إلى الدولة اللبنانية.

السؤال هو: هل أراد السيد نصر الله إلغاء أثر تصريح جعفري وشغل اللبنانيين بقضية لا يمكن؛ وبالأحرى لا يجوز، لأحد أن يتجاهلها؟ أم هل أراد إحراج الدولة اللبنانية التي كانت تعيش وحدة رائعة بكل أطيافها وأطرافها مع زيارة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر التاريخية إلى لبنان؟ أم إنه أراد أن يصم أذنيه عما يجري في المناطق التي يسيطر عليها الحزب؟

مما لا شك فيه، أن إيران وسوريا تتسابقان إلى إشعال الوضع في لبنان لتحقيق ما تدعيانه بأن الحريق السوري سيطال المنطقة كلها، وها قد وصل إلى لبنان.

لا ندري لماذا لا يراجع حزب الله أوراقه، عله يجد ثغرة يخرج منها ويتحرر ولا يعود مضطرا إلى تقديم شهادة «حسن ولاء» لإيران على حساب لبنان، وحتى على حساب مصداقيته.

كل هذه المواقف الأخيرة لأمين عام الحزب، إنما جاءت لتغطي وضعا صعبا داخل الحزب وفي محيطه ومحيط الموالين له.

ومما لا شك فيه، أن الحزب في موقف يزداد صعوبة، فهو انحاز ضد قضية حرية يعيشها عرب سنّة في سوريا فانهارت شعبيته في أغلب الدول العربية والإسلامية.

لقد اعتقدت قيادة الحزب أن النظام السوري سوف يقمع الانتفاضة بسرعة، لكن مع تضاعف حجمها وانتشارها، ضاعف الحزب دعمه للنظام.

في البداية وفر «المشورة» والتدريب العسكري في مخيمات تابعة له، لكن الآن، تشير بعض الأدلة إلى أن مقاتليه يشاركون في القتال إلى جانب «الشبيحة»..

وبسبب علاقة الحزب الاستراتيجية مع إيران، فهو لا يمكن أن يتخلى عن الرئيس بشار الأسد. وجاءت عملية ميشال سماحه الوزير اللبناني السابق لتكشف أن أولويات النظام السوري تختلف عن أولويات الحزب..

هو يفضل الإبقاء على حكومة نجيب ميقاتي حتى موعد الانتخابات النيابية (هناك حديث الآن عن أن الانتخابات قد لا تجري)، لكن، وهنا بيت القصيد، تجد قيادة حزب الله نفسها تحت ضغوط شعبية.

وكان أتباعه يتوقعون أن يعالج السيد نصر الله مشكلاتهم في خطبه الأخيرة، لكنهم صدموا بتركيزه على الحرب ضد إسرائيل والآن «الحرب» ضد أميركا.

تؤكد مصادر موثوقة أن الحزب وصل إلى وضع دقيق وحرج، خاصة بعد ازدياد الضغوط السياسية والأمنية الداخلية عليه، بصفته يوفر غطاء سياسيا للخارجين عن القانون، وهذا قد يعرضه لمساءلة دولية بوصفه جهة داعمة للإرهاب.

وتحت وطأة هذه الضغوط ووطأة استشراء الفساد والمخدرات والموبقات في المناطق التي يسيطر عليها بشكل تام، أُجبر الحزب على أن يوافق مضطرا على دخول قوى الجيش والأمن العام (استثنى فرع المعلومات) بشكل مكثف ولأول مرة للضاحية الجنوبية من بيروت، حيث قام الجيش بتحرير الرهائن السوريين والمختطف التركي الذين احتجزتهم عائلة المقداد.

هناك سببان لموافقة الحزب على دخول الجيش والأمن العام؛

أولا: تخفيف الضغوط الداخلية والخارجية عليه بوصفه جهة تدعم الإرهاب وتحمي الإرهابيين، وتجميل صورته في الخارج وعدم خسارة المكتسبات الداخلية.

ثانيا: توجيه رسالة قوية لبعض الجهات الشيعية التي بدأت تفكر في التمرد على سلطته وسلطة «حركة أمل»، للتخلص من قبضته الحديدية مما ينذر بصدامات شيعية - شيعية.

وحسب مصدر مقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن هذا الأخير طلب لقاء عاجلا بالسيد حسن نصر الله لمناقشة الانفلاتات الخطيرة في الساحة الشيعية.

وحسب المصدر، فإن بري هو من طلب من نصر الله التصرف بسرعة لأن لديه معلومات دقيقة بأن الوضع على الساحة الشيعية وصل إلى مرحلة من السوء والفساد تنذر بأن الأمور ستخرج عن سيطرة الحزب والحركة معا.

كما شرح بري الأبعاد السياسية التي قد تنعكس سلبا على صورة كل منهما، لأن الجميع بات يرى أن الجيش يتدخل تقريبا في كل النزاعات التي تحدث فوق الأراضي اللبنانية، عدا تلك المناطق التي يسيطر عليها الحزب والحركة. موافقة السيد نصر الله على مخاوف بري كانت مشروطة، فهو يقبل بتدخل محدود من قبل الجيش والأمن العام بهدف واحد هو تحرير السوريين والتركي، وبعدها تخرج القوى الأمنية من الضاحية الجنوبية ومن مناطق نفوذ حزب الله.

ثم جاء الفيلم الكارثة، وتبذل إيران وأتباعها كل الجهود لاستغلاله، لأن التأجيج الديني يصب لمصلحتها..

هي تعتقد أن أي ضربة عسكرية ضدها، في ظل هذه الأجواء الملبدة، يمكنها أن توحد السنة والشيعة ضد الغرب وتؤدي إلى مزيد من العنف والقتل في كل العالم الإسلامي.

تشم إيران ومعها حزب الله رائحة الانتصار على أميركا.. إنها حالة تجميلية كما يقولون، لن تستمر طويلا، وليست قادرة على القضاء على واقع متهرئ وفاسد؛ إن كان داخل إيران، أو في مناطق حزب الله.

 

المصدر: الشرق الاوسط

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع