الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 9606
شـــــارك المادة
يكتسب الصراع الدائر في مدينة رأس العين الحدودية بين مقاتلين من كتائب محسوبة على «الجيش السوري الحر» من جهة، ومقاتلين أكراد يتوزعون على ما يسمى «وحدات حماية الشعب» والجناح العسكري لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» من جهة أخرى، أبعادا تتجاوز طبيعة الحرب التي يخوضها النظام السوري ضد خصومه المطالبين بإسقاطه..
فالمدينة الواقعة على الحدود السورية - التركية في أقصى الشمال الشرقي لسوريا باتت، بحسب ناشطين أكراد، مسرحا لتصفية حسابات بين الحكومة التركية و«حزب العمال الكردستاني» الذي يوجد في رأس العين عبر جناحه العسكري المتمثل في مقاتلي «حزب الاتحاد الديمقراطي»، مما انعكس سلبا على العلاقات بين السكان وقسم المنطقة إلى معسكرين متحاربين. ويتهم الناشط الكردي مسعود عكو تركيا بأنها «تساعد (الجيش السوري الحر) للدخول إلى رأس العين من الجانب التركي، مستغلة وجود المجموعات الإسلامية المعارضة كي تحارب من خلالها (حزب العمال الكردستاني) المتمثل في جناحه العسكري (حزب الاتحاد الديمقراطي)». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعم العسكري الذي تتمتع به بعض كتائب الجيش الحر يأتي بمعظمه من الجانب التركي، مما يجعل قرار هذه الكتائب خاضعا للإدارة التركية». ويشير عكو إلى أن «عناصر في الجيش الحر داخل منطقة رأس العين يقومون بسرقة البيوت ونهبها»، معتبرا أن «هناك مصلحة تدفع بعض أقطاب المعارضة السورية للدخول إلى رأس العين، انطلاقا من أن المدينة تعتبر بوابة الدخول إلى محافظة الحسكة الغنية بحقول النفط التي تسعى المعارضة إلى استثمارها والتصرف فيها». في المقابل، ينفي المنسق الإعلامي والسياسي للجيش الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون تركيا هي من تغذي الصراع في منطقة رأس العين، وقال: «النظام السوري هو من يغذي هذا الصراع»، مشيرا إلى أن «الأكراد تعرضوا لظلم كبير طوال سنوات حكم البعث، ويسعى النظام اليوم للإيقاع بينهم وبين العرب». ويشدد المقداد على أن لمنطقة رأس العين «أهمية استراتيجية بالنسبة للجيش السوري الحر، فهي تشكل عقبة في وجه تحرير المنطقة الشرقية؛ إذ إنه من الصعب إقامة ما يشبه المنطقة الآمنة في المنطقة الشمالية الممتدة من ريف إدلب وحلب وصولا إلى مناطق العشائر، قبل طرد النظام السوري منها».
المشكلة في رأس العين، بحسب المقداد «ليست مع الأكراد؛ بل مع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي عقد صفقة مع النظام وحمل السلاح بوجه الجيش الحر»، مؤكدا أن «المعارضة تخوض معركة حرية لا معركة نفط»، على خلفية اتهام المعارضة بالسعي للسيطرة على النفط. ويؤكد أنه «في حال وصل الجيش الحر إلى هذه الآبار، فسيحافظ عليها حتى انهيار النظام ليسلمها إلى السلطة الشرعية».
وكانت منطقة رأس العين الحدودية مع تركيا قد شهدت أكثر من اشتباك عسكري بين الطرفين، آخرها في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، على الرغم من قيام مبادرات ومؤتمرات عدة لمعالجة الوضع، وهو ما استدعى تدخلا جديدا من المعارضة السورية تمثل في إيفاد لجنة مصالحة يرأسها المعارض السوري البارز ميشيل كيلو. ووصلت اللجنة قبل يومين إلى المدينة تحمل مبادرة لـ«حماية السلم الأهلي» بهدف منع تمدد الصراع إلى مناطق مجاورة يختلط نسيجها السكاني بين عرب وأكراد.
ويوضح كيلو لـ«الشرق الأوسط» أن «المبادرة تنطلق من رؤية وطنية جامعة يملك أصحابها من الحس الوطني ما يكفي لمعالجة مشكلة كبيرة كتلك التي نعيش فصولها في منطقة رأس العين»، ويشير إلى «لقاءات عقدتها اللجنة مع الأطراف كافة نقلت خلالها وجهات النظر المتباينة»، مؤكدا «استمرار المساعي حتى التوصل إلى اتفاق نهائي يوقف العنف».
وفي حين ينفي كيلو أن «تكون المبادرة بغطاء من الائتلاف الوطني السوري»، متمنيا أن «يقوم الائتلاف بتبنيها ومتابعتها لأن ما يحصل في رأس العين خطير جدا وتبعاته قد تؤثر على سوريا كلها»، يأمل رئيس المجلس الوطني الكردي فيصل اليوسف أن «يتم التوافق مع جهة سياسية كالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة لضمان تنفيذ الاتفاق». ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المبادرة المطروحة نصت على «ضرورة تسليم المنطقة لأهلها بعد تشكيل إدارة مدنية من مختلف مكوناتها وإلغاء المظاهر المسلحة كافة»، رابطا بين «نجاح» المبادرة و«انسحاب» ما يسميه «المجموعات المسلحة» من رأس العين. وذكر اليوسف أن «اللجنة الوطنية لحماية السلم الأهلي وحماية الثورة التقت (الهيئة الكردية العليا)، التي تضم ممثلين عن معظم الأحزاب الكردية، لوضع حد للاقتتال الدائر في رأس العين خوفا من انتقال الحالة لمناطق أخرى».
يذكر أن منطقة رأس العين تضم خليطا سكانيا معقدا، يشمل أكرادا ومسيحيين وعربا وتركمانا وبقايا شيشان، إضافة إلى وجود عدد كبير من النازحين الذين هربوا من المناطق المجاورة.
خليل مبروك
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة