أحمد خيري العمري
تصدير المادة
المشاهدات : 6732
شـــــارك المادة
سأتبرع للثورة السورية.. من أجلي أولاً... لأني أريد أن أحترم نفسي كإنسان... أريد أن أنظر لنفسي في المرآة دون أن أشعر بالخزي.. أريد أن أشاهد الأخبار دون أن أغص بها وأهرب منها عاجزاً..
أريد أن أنظر إلى صور الشهداء وأقول في نفسي: نعم.. لقد ساهمت في الثأر لهم.. أريد أن أنظر إلى صورة حمزة بكور وقد فقد نصف وجهه دون أن أفقد ماء وجهي أنا، فأقول: لقد ساهمت في أخذ حقه ممن أخذ وجهه وبسمته وطفولته منه.. أريد أن أحترم نفسي.. أن لا أشعر أني "سدى".. أني لا شيء... أريد أن أشعر أني لست تافهاً لدرجة أن لا أفعل شيئاً، ولو مجرد التبرع.. أريد أن أتخلص من أدران تفاهتي التي تراكمت علي حتى لم أعد أشعر بتفاهتي. أريد أن أتخلص من تعودي لتفاهتي. تعودي لمتابعة حياتي اليومية اللاهية دون أن تتأثر بما يحدث في العالم من حولي.... أعلم أن الثورة ستنتصر بي أو بدوني. أعلم أن التاريخ يتحرك إلى الأمام، وأنه لا ينتظر أحداً،. وأن نظام الطاغية المتجبر سيصير خبراً لكان.. لكني أريد أن أشعر أني جزء من حركة التاريخ. أريد أن أكون جزءاً من الفعل بصيغة "الحاضر المستمر".. أريد أن أشعر أني جزء من "نصر الثوار".. ولو بشق تمرة... أو بشق طلقة في صدر مجرم مغتصب.. أو بضماد ينقذ جريح من الموت... أريد أن أساهم فيما يجب أن يحدث. فيما سيحدث بكل الأحوال. لكني لن أحترم نفسي إن لم أساهم فيه.. لن أشعر أني أستحق لقب إنسان إن لم أفعل ذلك.. أريد أن أقرض الله قرضاً حسناً عبر الاستثمار الأهم الممكن.. وأعرف جيداً أنه سيردها لي أضعافاً مضاعفة.. أريد أن أتبرع للثورة السورية، لا للتصدق على السوريين الأحرار.. فهم أكرم من أن يتصدق عليهم... بل للتصدق على نفسي.. أريد أن أتصدق على نفسي عبر التبرع للثورة السورية، نفسي العاطلة عن العمل، نفسي المركونة على تفاصيل اللاشيء.. نعم، نفسي تستحق الصدقة.. وأنا أتصدق عليها عبر التبرع للثورة السورية.. أريد أن أساهم بتغيير هذا العالم.. والعالم اليوم تغيره الثورة السورية.. تغير سبات العرب التاريخي. تغير اعتمادهم المستمر على الآخرين.. تغير تعودهم على الاستبداد.. تغير النظرة لرجال الدين المتخاذلين وترجع للدين رجاله ونساءه حقاً.. تكسر هذا التحالف الشيطاني الطائفي الذي يسيطر على منطقتنا.. فكيف لي إلا أن أساهم على الأقل عبر التبرع لها.. حتى لو لم أكن سوريا.. بل حتى لو لم أعرف سوريا واحداً معرفة شخصية.. أتبرع للثورة السورية كي أشعر بإنسانيتي، بإسلامي، أتبرع بها لأن على أبواب دمشق، تقع تلك الملحمة بين الحق والباطل.. وأنا، عبر مالي، أساهم بدور، ولو صغير جداً، إلى جانب الحق، في تلك الملحمة.. أتبرع للثورة السورية لأنها منفذ الجميع لبدء الخروج مما يجب الخروج منه. لأن انتصار الثورة السورية سيكون إنذاراً لكل الطغاة -مهما كان حجمهم- أن لا شيء يكسر إرادة الشعوب.. أتبرع للثورة السورية لكي أستطيع أن أنظر في المرآة.. دون أن أشعر أني حشرة تافهة. أتبرع للثورة السورية لكي أستطيع النظر في وجوه أولادي دون أن أشعر بالخجل من رجولة ناقصة.. أتبرع للثورة السورية كي أستطيع أن أنظر في التلفاز، ليلة سقوط النظام، وأصرخ بفرح، بأعلى صوت: لقد ساهمت في ذلك.. أتبرع للثورة السورية، كي أشعر أني أطول.. أني أكبر.. أني أجمل. أني أكثر شباباً.. أني أستعيد طفولتي.. أني أستعيد نقائي الذي توهمته قد خرج ولم يعد في متاهات الحياة.. أتبرع للثورة السورية.. كي أتمكن لاحقاً، بعد عقود، عندما تكون الثورة قد دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، أن أقول لأحفادي، بفخر.. لقد كنت هناك.. لقد فعلت شيئاً في ذلك.. أتبرع للثورة السورية، دون قيد أو شرط.. لأني أعرف... أنها ستنتصر، دون قيد أو شرط..
محمد حسن عدلان
أبو طلحة الحولي
سلسبيل زين العابدين
عبد الله عبد المحسن السلطان
كلمات رائعة بحق...سلمت يداك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة