عبد الرحمن الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 9221
شـــــارك المادة
جاء في كتاب فتح الباري - صحيح البخاري-: قَالَ لَهُ وَرَقَةُ: "يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى"؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -خَبَرَ مَا رَأَى. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: "هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَو َمُخْرِجِيَّ هُمْ))؟ قَالَ: "نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا". ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ.
ورقة بن نوفل عابد اشتهر قبيل البعثة، وكان ممن بشر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بالنبوة وأعلمه بما سيكون معه، وتمنى أن يكون جذعاً ليسانده يوماً بعد إخراجه من بلدته حين هاجر منها قائلاً: ((والله إنك لأحب بقاع الله إلى قلبي، والله لولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت)). أو كما قال –صلى الله عليه وسلم -. هذا هو اليوم المشهود في حمص العدية حين استشهد مفتيها ابن مفتيها الشيخ أبو الطيب الأتاسي، رحمة الله عليه وعلى شهدائنا كلهم أجمعين.. اللهم آمين. هذه حمص بقضها وقضيضها تخرج عن بكرة أبيها تعزي بل تفخر وتفرح بعرس الشهادة لأبي الطيب الثمانين عاماً، الطيب الذكر الطيب المنبت الطيب الفعل الطيب، الشهادة المقبول عند رب العالمين -أن شاء الله-، هو وبقية شهدائنا في سورية الثورة سورية الحرة اليوم، وغداً والى أن يأت أمر الله ويقضي أمراً كان مفعولاً. ولله في خلقه شؤون.. فيكون أول يوم لرئيس اللجنة العربية في حمص يوم التشييع الكبير لمفتي حمص يحمل فوق الأعناق في عرس الشهادة الكبير لرجل ثمانيني. قام أبو الطيب يومها صداحاً بالحق معاضداً لأهل باب عمرو الجرحى الذين تعرضوا لقصف لم تشهده جبهة الجولان الساكنة الصامتة مصت القبور، بينما في بابا عمرو الحي البطل بأهله الشجعان قاموا ينافحون الباطل بالثبات على الحق والدماء تسيل كأنهار توري الأرض العطشى للرجولة، فما كان من أبي الطيب إلا أن صدح بالحق عالياً قوياً للناس يحثهم للتبرع بالدم لنجدة الجرحى الذين تركوا للموت، وعلى بعد أمتار منهم الطبيب المداوي الذي منع من تحقيق قسمه مثلما حنث بشار بقسمه كطبيب، وحنث بقسمه كرئيس فانخلع منهما مرة واحدة وارتدى لباس الوحوش الكاسرة والضباع المشردة بأزلامه وقطعانه وشبيحته وجيشه، (هذا ليس الجيش السوري الذي نعهده ونعرفه، هذا جيش عقائدي بغيض فاسد بما يقوم وقام به في البلاد التي من المفروض أن يكون حامياً لها بقسمه للبلد وليس للأسرة أو لشخص الرئيس)، ثم قام بتمثيلية باردة مقيتة بتمثيل دور الثكلى وبتجارته الرخيصة بمن أرسلهم للموت الزؤام، فها هو يقبض عليهم ويقتلهم ثم يرسل اتباعه ليفجر السيارة في دمشق، ويوم وصول أعضاء اللجنة ومن ثم يرمي بالأبرياء في محرقة الحفاظ على كرسيه المهلهل المزلزلة الأرض تحته، المهتز الذي لن يهدأ عليه ولا لمرة واحدة كما من قبل. والأغرب أن الإرهابيين على ما يحلو لأبواق أعلام سوريا المغتصبة يتابعون سير أعضاء اللجنة، فنسفوا أيضاً، ويوم وصول الأعضاء أحد أنابيب الغاز، وكأن بهؤلاء الإرهابيين لديهم إمكانيات معرفة تموضع الأنبوب ونسفه من بعد، وإصابته، وكأن شوارع حمص العدية غير ممتلئة بالشبيحة والجيش البغيض والعتاد الثقيل والدبابات والأسلحة الثقيلة؟! (يا ليتني فيها جذعاً) قالها شيخ كبير يواسي بها سيد الخلق ويعلمه بما سيكون لأنها سنة الله في خلقه، وكما يقول أرباب هذا الفن: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فليتبنه للآيات التالية: {الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} [العنكبوت: 1- 3]. {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مستهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]. {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران/142]. {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة:16]. هل تبين لكم لماذا نصر على أن الأمر جد وليس بالهزل؟ وهل تنبهت إلى ختام الآية (214) من سورة البقرة بتساؤل الرسول والمؤمنين معه بعد أن مسهم البأساء والضراء متى نصر الله؟ فلم يقل: قل لهم أو جاوبهم أو دلهم، بل مباشرة وبدون مقدمات وكي يسطر أمراً ثابتاً لا مفر منه، وسنة لا محيد عنها البتة، بقوله: {ألا إن نصر الله قريب...}. المهم منك يا عبد أن تقوم بما يستوجبه عليك من تحقيق العبودية والقيام بحق الربوبية، وحينها بعد الابتلاء والفتنة والمس بالبأساء والضراء والجهاد، وأن تكون في جانب الرسول –صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين، وليس في جانب الظلم والطغاة والبغاة في الأرض بغير الحق، ثم بعد أن تعمل عملاً كثيراً تبتغي فيه مرضاة ربك حينها سيتخذ منكم شهداء، وسيكون عوناً لمن بقي ليتابع الطريق... منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً.... الله الله الله الله. ها هو أبو الطيب يرتقي في شيخوخته إلى مقام يتمنى أحدنا أن يناله ويغبطه الكثير على ما ناله، ونحسبه شهيداً عند رب العالمين؛ لأنه قتل غدراً مؤمناً صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، معلناً صداحاً بالحق... أين أنتم يا شيوخ سورية؟ أين أنت يا بوطي يا حسون؟! قرأت فيما قرأت تسعر النار بعالم... يا لطيف تلطف على اعتبار أن البوطي عالم بينما حسون فلا ينتمي إلى فئة العلماء لا من قريب ولا من بعيد؛ لأنه مغضوب من قبل والده أصلاً. ليتني فيها جذعاً... إيه يا ورقة!! إيه!! لقد قلتها وذهبت مثلاً من بعدك (يا ليتني فيها جذعا)، لكن هاهو أبو الطيب الأتاسي ليس جذعاً لكنه نالها ليس شاباً، لكنه نالها ليس هارباً، لكنه نالها ونحسب أن الله يتقبله ومن قبله ومن بعده شهداء صادقين في مقعد صدق عند مليك مقتدر يا شباب سورية الأحباء.. يا رجال سورية الأحباء... يا علماء سورية الأحباء.. يا رجال الدين في سورية الأحباء؛ مسلمين ومسيحيين وعلى أي ملة كانوا.. يا أهالينا في سورية الأحباء.. لقد قالها ابن نوفل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً؛ (يا ليتني فيها جذعاً)، وكان ما قال، وللدرب نفسه نقول أيضاً: أنتم الآن بقوة وعزة وثورة مباركة فاضحة طاردة للخبث؛ فكونوا قلباً واحداً؛ لأن الطاغية يضرب منا واحداً تلو الآخر، ولم يقف عند حد، ويعتدي على الجميع بغض النظر عن أي شيء آخر سوى كرسيه الذي ادع المولى أن يزلزله عليه ويجعله خراباً عليه وعلى أزلامه قريباً غير عاجل، وإن الوعد الحق محقق حتى إذا بلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا... الله الله معنا ولن يترنا أعمالنا، فلقد أخذ البيعة منا أن لنا الجنة لا نقيل ولا نُقيل، وربح البيع بيعنا؛ لأن قتلانا في الجنة -إن شاء الله-، وقتلاهم في النار، لأننا نقاتل بالحق مع الحق، وهم يقاتلون بالباطل مع الباطل، وتيقنوا أن الباطل كان زهوقاً... (جملة تقريرية لا تتغير). نحن على موعد قريب مع نصر الله - تعالى -، ينصر من يشاء، ويعز من يشاء، ويضل من يشاء، ويرفع من يشاء، ويؤت الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، وهو على ذلك قدير، وبالإجابة جدير. ووالله الذي لا يحلف إلا به لحياة كريمة أو موت بعزة أفضل من عيشة ذليلة وفساد في الأرض كما هو عهد الأب والابن الملعونين بلسان الخلق وعلانية، فهل رأيت من رئيس مقبور ورئيس مقهور يلعنان بالألسنة في أزقة سورية من قبل؟! إنها أقلام الحق يجريها على ألسنة الخلق، فتيقن أنك على الحق المبين؛ فلا ينازعنك في الأمر ولو قطعوا منك الوتين. نحن على موعد ألا إن نصر الله قريب. فلنجعل من قلوبنا أوعية نقية صافية، ولنعد العدة لنضرب بها الرقاب ونشد بها الوثاق للظلمة المارقين على قانون الإنسانية الذين استباحوا البلاد والعباد ولم يرقبوا فينا إلا ولا ذمة. البشرى الكبرى أن بشار وأزلامه يرتجفون خوفاً، ويختبؤون وراء أسلحة يظنون أنها واقية لهم، وأنهم في حصون مشيدة ثم سيكتب عليهم القتل في مضاجعهم بأمر الله - تعالى -؛ لأن الله يمد للظالم حتى إذا أخذه... أخذه أخذ عزيز مقتدر، وجعله عبرة لمن يعتبر من أولي الألباب. قريباً -إن شاء الله- ستكون الطامة الكبرى على بشار وأزلامه؛ فلقد عاثوا في الأرض الخراب، وأكثروا فيها الفساد.. فاللهم صب عليهم سوط عذابك حتى تجعلهم أسرى لتشف صدور قوم مؤمنين... اللهم آمين آمين.
المصدر: موقع أرفلون نت
وليد الحارثي
أحمد الجربا
عبد الله عبد المحسن السلطان
ليلى مار
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة