المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 2311
شـــــارك المادة
يشن تنظيم “داعش” منذ شهر سبتمبر الماضي حملة شرسة شرقي الفرات لانتزاع عدة قرى ومناطق من يد “قوات سوريا الديمقراطية” وميلشيات “وحدات حماية الشعب” التي تدعمها الولايات المتحدة. وظهر مقاتلو التنظيم وهم يتجولون في عربات “مراب” الأمريكية المصفحة المضادة للألغام والعبوات الناسفة، وبالشاحنات والدراجات النارية، وبعربات مملوءة بالمتفجرات مُعدّة عمليات انتحارية. واختار التنظيم بلدة “هجين” شرق نهر الفرات القريبة من الحدود السورية-العراقية، وذلك لأهميتها الإستراتيجية، حيث تقع على مقربة من “العباس” غرباً، و”الرمادي” جنوباً، ولا يزال اجتياح التنظيم لمناطق شرق سوريا وغرب العراق يثير القشعريرة ويمثل كابوساً لدى نظام دمشق وبغداد وأربيل على حد سواء، مما دفع بالقوات العراقية لإرسال ثلاث ألوية مدرعة إلى الحدود السورية، والتمست من إيران السماح بنشر ميليشيات “الحشد الشعبي” على الحدود السورية-العراقية. وجاء الالتماس العراقي من إيران السماح بنشر “الحشد الشعبي” كمؤشر على ضعف القوات الأمريكية التي فرضت في الفترة نفسها عقوبات على نظام طهران، مما شوش على أحد الأهداف الرئيسية لترامب في فرض تلك العقوبات، وهو إجبار إيران على سحب قواتها العسكرية من سوريا، وغيرها من نقاط التوتر في الشرق الأوسط. وكشف الطلب العراقي من طهران الاستعانة بقوات “الحشد الشعبي” فشل العملية الأمريكية التي انطلقت في شهر سبتمبر الماضي للقضاء على فلول التنظيم شرق الفرات، حيث دفع ذلك التصعيد بالتنظيم لشن هجمات مضادة أودت بحياة أكثر من 800 مقاتل، منهم نحو 300 من “قسد”، وعدد كبير من قوات النظام الذين قُتل معظمهم في “الشعفة” جنوب “هجين”. وعلى الرغم من الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين، إثر القصف الأمريكي لبلدة “هجين” إلا أن التنظيم حافظ على تماسكه، حيث تحصن عناصره في شبكة أنفاق حفروها ضد الطائرات فيما كان يجهزون بنفس الوقت لشن عمليات انتحارية على قوات “قسد”. وتواجه القيادة العسكرية الأمريكية والنظامين السوري والعراقي مأزقاً حقيقياً نتيجة عجزهم عن كبح جماح التنظيم الذي شن حرب عصابات شرق سوريا بالتعاون مع عناصر محلية. وتفتح حرب العصابات الذي يشنها تنظيم “داعش” في العراق وسوريا فصلاً جديداً ومريراً من فصول الحرب، إذ إن الحملة التي تشنها قوات التحالف لا تزال بعيدة عن نهايتها، ففي شهر أكتوبر الماضي شن التنظيم 222 عملية عسكرية، أي بمعدل 7 عمليات في اليوم، مما يعكس تصاعداً مضطرداً في إمكانيات التنظيم وقدرته على الحركة وشن العمليات التي أسفرت عن مقتل نحو 283 مدني وجرح 257 في حوادث متفرقة. ووفقاً لمصادر مطلعة؛ فإن التنظيم يتبع تكتيكاً عسكرياً جديداً يقوم على أساس استدراج “القوات العسكرية” التي تقاتله في سوريا والعراق إلى عمق البادية السورية عبر نشر بلاغات كاذبة بوجود عبوات ناسفة في المنطقة، ومن ثم استهداف تلك القوات في الصحراء لتجنب قتالهم في قواعدهم المحصنة، وتكثيف العمليات الأمنية التي تنفذها خلايا نائمة تابعة للتنظيم بعد انتحال عناصرها صفة عسكرية، بالإضافة إلى خطف أقرباء المطلوبين للتنظيم. ونجح ذلك التكتيك في إعاقة حملة “التحالف الدولي” في ريف دير الزور الشرقي، بقيادة الولايات المتحدة، فبعد سبعة أسابيع على إعلان “قوات سوريا الديمقراطية” إطلاق المرحلة الأخيرة من حملة “عاصفة الجزيرة”؛ استطاع تنظيم “داعش” في يوم واحد استعادة السيطرة على جميع المناطق التي كان قد خسرها من قبل، وألحق خسائر فادحة في صفوف “قسد”. وعلى الرغم من الحصار المفروض على مناطق سيطرة التنظيم في جيب هجين؛ إلا أن مقاتليه تمكّنوا من وقف جميع محاولات تقدم “قسد” من الجهة الشمالية الغربية وإبطاء العمليات في المحور المحاذي للحدود العراقية. واستغلّ مقاتلو “داعش” العواصف الرملية التي تشهدها مناطق الشرق السوري لشن هجمات متزامنة على عدة محاور، انتهت بانسحاب سريع لمقاتلي “قسد” من مواقعهم في السوسة والباغوز، ووصول التنظيم إلى الحدود العراقية من جديد. ودفعت تلك التطورات بالجيش العراقي لإعلان الاستنفار بالتعاون مع “الحشد الشعبي” بهدف تغطية المنطقة الحدودية شمال مدينة القائم وتحريك “وحدات الحماية الكردية” قواتها لدعم خطوط التماس مع “جيب هجين”. كما عاودت طائرات “التحالف” استهداف البلدات على الضفة الشمالية للفرات، وأرسلت تعزيزات مدرّعة إلى حقلي التنك والعمر. ووفقاً لمصادر عراقية فإن بغداد أرسلت تعزيزات قوامها لواءين من الجيش إلى مدينة القائم غربي محافظة الأنبار قرب الحدود مع سوريا، حيث تموضع اللواءان (27) و(28) من فرقة المشاة السابعة في مدينة القائم غربي محافظة الأنبار، وتم نشر ثلاث ألوية من الحشد الشعبي على الحدود السورية-العراقية بهدف تأمينها. وفي ظل انهيار دفاعات “قسد” وخسائر قوات النظام أمام تنظيم “داعش” بادرت القوات الأمريكية إلى سحب أسلحتها الثقيلة القريبة من محيط بلدة “هجين” حيث خسرت قوات “قسد” عشرات العربات العسكرية، في حين تسببت العواصف الترابية والأحوال الجوية المتردية بحالة شلل في حركة المقاتلات الحربية التابعة للتحالف الدولي الذي اضطر لاستقدام تعزيزات عسكرية جديدة من كردستان العراق، حيث وصلت قافلة مكونة من 200 شاحنة عسكرية تحمل عربات مدرعة وأسلحة وذخائر إلى الحسكة، في حين أحكم الحرس الثوري الإيراني والحشد العراقي قبضتهم الأمنية في مناطق سيطرتهم في دير الزور.
هانا لوسيندا سميث
عبد الله حاتم
عدنان علي
سلافة جبور
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة