المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 2752
شـــــارك المادة
يسود القلق في تل أبيب من الجهود التي تبذلها إيران لإعادة تموضع قواتها في سوريا، وخاصة في المحافظات الجنوبية، حيث تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن المواجهة العسكرية مع إيران ووكلائها باتت حتمية في نقطة ما من العام الجاري، وذلك نتيجة للأسباب التالية:
1- قيام إيران بتشغيل أجزاء من الجسر البري الذي مدته مروراً بالعراق وسوريا تجاه لبنان والبحر المتوسط مما سيجعل إسرائيل محاطة بالمليشيات الإيرانية، ومحاصرة عسكرياً واقتصادياً من الشمال والشرق والجنوب، مما يحتم تحركها لكسر هذا الطوق قبل اشتداد عوده.
2- عدم إمكانية المجازفة بالسماح لإيران بإنشاء مجمعات صناعية عسكرية في سوريا كنقطة توزيع مركزية للسلاح للميلشيات الحليفة لها في المنطقة.
3- تعرض الأمن القومي الأردني للخطر نتيجة الانتشار الإيراني في المناطق الحدودية بين سوريا والأردن، الأمر الذي قد يغير الكثير من موازين القوى في المنطقة خلال العام الجاري.
4- إمعان الحرس الثوري الإيراني في توطين المزيد من الميلشيات الشيعية في سوريا، وتأسيس تشكيلات عسكرية كبرى تمتد من طهران إلى بيروت مروراً ببغداد ودمشق، وسيكون لتلك المخططات تأثير سلبي كبير على أمن المنطقة برمتها إذ سمح لها بالاستمرار.
وكان "حزب الله" اللبناني قد استضاف قائد ميليشيا "عصائب أهل الحق" العراقية قيس الخزعلي في لبنان ونظم له رحلة على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، دون أن تتمكن الحكومة اللبنانية من تحريك ساكن، كما تخشى تل أبيب من عودة العلاقة بين قادة حماس وطهران إلى الدفء من جديد، وتبدي قلقها من إمكانية قيام علاقة تعاون بين الحركة وقادة "حزب الله" في لبنان.
ووفقاً لمصادر استخباراتية إسرائيلية فإن إيران تعمل على إصلاح طريق (M20) الذي يربط دير الزور بتدمر ويمتد 200كم، ويمثل الخطوة الأولى من مشروع إيراني الهادف إلى استكمال الممر البري العابر للحدود من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا، حيث يتوقع أن ينطلق من مدينة البوكمال باتجاه بغداد عبر الطريق السريع (1) ليربط بغداد بالشرق وتدمر مع دمشق غرباً.
ولدى اكتمال مشروع إصلاح الطريق (M20) سيصبح بمقدور إيران تسيير القوافل العسكرية من العراق إلى سوريا ولبنان، حيث تم إرسال ثلاث قوافل تجريبية على الأقل عبر هذا الطريق الممتد في الأيام القليلة الماضية، وكان الغرض منها هو معرفة ما إذا كانت تخضع للمراقبة الأمريكية والإسرائيلية، في محاولة لجس نبض التدخل في حركة المرور باستخدام الطريق الجديد الذي سيربط ثلاث عواصم عربية (بغداد-دمشق-بيروت) بعد إخضاعها للنفوذ الإيراني.
في هذه الأثناء تتابع تل أبيب بقلق بالغ سعي طهران للقيام بعمليات عسكرية خاطفة تنهي اعتمادها على موسكو في الجنوب السوري، حيث تتجمع قوات "حزب الله" والميلشيات الشيعية الأخر شمال غرب محافظة حوران للتحرك غرباً تجاه المناطق الحدودية لبسط سيطرتها على مدينة القنيطرة، وتجد القوات الإسرائيلية نفسها في موقع حرج إذ إنها تعتقد بضرورة القيام بعمل استباقي لمنع طهران من فرض واقع جديد على حدودها.
وكان وزير التعليم الإسرائيلي وزعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بنيت، قد تحدث في مؤتمر سنوي نظمه معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب (31 يناير 2018) عن استراتيجية جديدة تقضي بمواجهة مباشرة مع إيران بدلاً من الاقتصار على محاربة وكلائها في المنطقة، مؤكداً: "كل صاروخ يطلق من لبنان سيعتبر صاروخاً إيرانياً، ولا نعتزم صرف مواردنا وطاقتنا على حرب في المدن اللبنانية وطهران تتابع متفرجة، ولن نبقى مكتوفي الأيدي أمام حشد إيران صواريخ عالية الدقة في لبنان"، ومشيراً إلى أن المعركة لن تقتصر على المواجهة العسكرية بل تتضمن شن حروب دبلوماسية، وفرض عقوبات اقتصادية، واتخاذ إجراءات وقائية، وتوظيف التقنيات المتطورة لهذا الغرض.
وترى مصادر عسكرية إسرائيلية أن قيام تل أبيب بضربة استباقية للمواقع الإيرانية المتقدمة في سوريا لن يأتي برد فعل كبير من طهران التي لا تبدو معنية في الوقت الحالي بتحويل الهجوم إلى "اختبار استراتيجي" قد يؤدي إلى مواجهات مباشرة قد تفقدها الكثير من مكتسباتها، خاصة وأنها أصبحت شريكاً في العمليات السياسية الدولية بعد التوقيع على الاتفاق النووي، وستفضل الحفاظ على مكانتها الاستراتيجية الجديدة وعدم المخاطرة بمواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، في حين قد لا تكون ردود فعل موسكو شديدة في ظل انشغالها بالعملية السياسية، وسعيها لوقف العمليات العسكري بخلاف توجه إيران لشن المزيد من القتال.
ووفقاً لمصادر عسكرية إسرائيلية (2 فبراير 2018) فإن نتنياهو قد حذر بوتين بأنه بات من الصعب تجنب شن حملة لوقف برامج "حزب الله" الصاروخية في الجنوب السوري، حيث تُمعن إيران في إرسال شحنات من الصواريخ البالستية وإنشاء المصانع السرية لتجميعها وتخزينها في سوريا، ولن تتمكن تل أبيب في المرحلة المقبلة من وقف هذا البرنامج من خلال الاقتصار على عمليات القصف الموضعي.
وعلى إثر حديث عاصف بين نتنياهو وبوتين في لقائهما الأخير (29 يناير 2018)، بادر الرئيس الروسي إلى إرسال وفد رفيع المستوى برئاسة رئيس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف إلى تل أبيب (30 يناير 2018) في محاولة أخيرة لطمأنة المخاوف الإسرائيلية وإقناع الحكومة الإسرائيلية بعدم شن هجوم شامل على المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا.
ووفقاً لموقع "غلوبال ريسيرتش" (3 فبراير 2018) فإن تل أبيب قد وضعت خطة عسكرية تتضمن هجوماً شاملاً على مواقع الصواريخ الإيرانية في سوريا، وبادر وزير الدفاع أفيغادور ليبرمان إلى تخصيص مبلغ 500 مليون شيكل لإنشاء شبكة من الصواريخ الهجومية في مواقع متقدمة بدلاً من الاقتصار في المراحل السابقة على نصب المنظومات الدفاعية، وهدد في الوقت نفسه بشن عملية إسرائيلية جديدة ضد قواعد الحزب في لبنان.
إبراهيم درويش
رامي سويد
جهاد أبو العيس
عماد كركص
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة