عبسي سميسم
تصدير المادة
المشاهدات : 5244
شـــــارك المادة
سيطرت محاولات النظام السوري لعرقلة محادثات جنيف التي تنطلق اليوم الاثنين، على الأجواء قبيل ساعات من انطلاق المحادثات غير المباشرة بين وفدي المعارضة والنظام، والتي شهدت تحذيرات دولية للنظام من العرقلة والتشديد على أهمية حصول عملية انتقال سياسي في سورية، إزاء ذلك، كانت المعارضة مصرّة على موقفها بضرورة التوصّل إلى هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات تفضي إلى رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد من السلطة متسلّحة بالزخم الثوري الذي عكسته عودة التظاهرات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام.
أما روسيا فعادت، أمس، للتحذير من "خطر انفصال الأكراد عن سورية في حال استبعادهم من المحادثات"، التحذيرات الأوضح للنظام السوري جاءت بالتزامن مع اجتماع باريس حول سورية، بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، الذي عقد أمس، وجرى خلاله تحذير النظام من عرقلة المحادثات. فقد اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بعد انتهاء لقاء باريس، أن قول وزير خارجية النظام وليد المعلم إن مصير الأسد "خط أحمر"، هي تصريحات "تحاول بوضوح عرقلة عملية التفاوض، ومن الواضح أنه كان يحاول أن يبعث رسالة رادعة للآخرين"، ولفت كيري إلى أن "أقوى رعاة الأسد، وهما روسيا وإيران، تبنيا مقاربة تقضي بوجوب وجود عملية انتقال سياسي وإجراء انتخابات رئاسية في الوقت ذاته".
وأضاف كيري: "ينبغي أن يشعر (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين بالقلق بسبب حقيقة أن الأسد يغرّد خارج السرب ويرسل وزير خارجيته كي يتصرف كمخرّب ويسحب من على طاولة (المحادثات) ما وافق عليه الرئيس بوتين والإيرانيون"، كما قال كيري إنه "إذا اعتقد النظام وحلفاؤه انهم قادرون على اختبار صبرنا أو التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداتهم، من دون أن يترك ذلك عواقب وخيمة على التقدم الذي حققناه، فإنهم واهمون".
من جهته، ندد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، بتصريح المعلم، ووصفه بأنه "استفزاز"، وقال آيرولت: "شهدنا في الساعات الأخيرة استفزازات وزير الخارجية السوري، ما يعتبر إشارة سيئة لا تتوافق مع روحية وقف إطلاق النار"، وأضاف: "لضمان مصداقية المحادثات، يجب احترام الهدنة ونقل المساعدات الإنسانية من دون قيود أو عقبات"، معتبراً أن المحادثات ستكون "صعبة" لكنها ستتطرق إلى "عملية سياسية حقيقية" في سورية. أما في جنيف، فقد وصل كامل وفد المعارضة المنبثق عن الهيئة العليا للتفاوض من دون إجراء أية تعديلات على أعضائه الذين شاركوا في الجولة الأولى من المحادثات، في حين وصل، أمس، وفد النظام المفاوض برئاسة سفير النظام لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، مع حصول تغيير بتشكيلته، إذ تم استبدال عمار عرسان ورفاه بريدي، بالأكاديمي عبد القادر عزوز والباحث أسامة دنورة. ومن المقرر أن يلتقي، اليوم، فريق المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بوفد النظام السوري، في حين سيلتقي بوفد المعارضة يوم غد الثلاثاء، من دون أن ترشح معلومات تفصيلية عن جدول أعمال المحادثات، فيما توقّع عضو الهيئة العليا للتفاوض، أحمد العسراوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، "أن تحضر على طاولة المحادثات ثلاثة بنود رئيسية، هي: شكل الحكم المقبل، والدستور الجديد، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية". تجاوز الضغوطات: واستطاع وفد المعارضة للمرة الثانية أن يتجاوز الضغوطات الروسية والأميركية ويمنع إدخال ممثلين عن حزب "الاتحاد الديمقراطي" وبعض الشخصيات الأخرى المحسوبة على النظام ضمن وفده المفاوض، والذين تحاول روسيا بشكل خاص زجهم ضمن وفد المعارضة، فقبيل الجولة الأولى للمحادثات، رعت روسيا مؤتمراً في دمشق تحت مسمى "المعارضة الوطنية"، وهي شخصيات ذات ارتباطات معروفة بأجهزة الأمن السوري، وسوّقت من خلاله لـ15 شخصية من أجل تطعيم وفد المعارضة به، وقبيل الجولة الحالية من المحادثات، ضغطت روسيا باتجاه إقحام ممثل عن حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي ضمن المحادثات الحالية، ولكنها جوبهت برفض من المعارضة. وإزاء هذا الفشل، عاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، للتحذير من خطر انفصال الأكراد عن سورية في حال استبعادهم عن المحادثات، وقال لافروف، في حوار تلفزيوني: "في حال استبعاد الأكراد من المحادثات حول مستقبل سورية، فكيف يمكن أن نتوقع أن يريدوا البقاء ضمن هذه الدولة؟"، وأكد أن روسيا ستطالب الأمم المتحدة بـ"دعوة الأكراد إلى المشاركة في المحادثات منذ بداية العملية التفاوضية". وعلى الرغم من محاولات النظام وروسيا حرف المحادثات عن مسارها من خلال اللعب على بيان جنيف وتحويره، استطاعت المعارضة فرض شروطها على أجندة المحادثات والتي تقوم على بحث هيئة حكم انتقالية ودستور جديد للبلاد وانتخابات تشريعية برقابة دولية، والتي يُتوقع أن تدفع بوفد النظام إما للانسحاب من المحادثات أو تعطيلها من خلال إدخالها في تفاصيل بعيدة عن روح بيان جنيف. ويعمل وفد المعارضة على التحضير لملفات التفاوض، بعدما تمت تهيئة الظروف اللوجستية للوفد بشكل أفضل من الجولة السابقة، إذ أطلق باكورة اجتماعاته، مساء اليوم الأحد، بزيارة مبنى الأمم المتحدة. وشدد المتحدث باسم هيئة التفاوض العليا سالم مسلط، في مؤتمر صحافي عقده في جنيف، على "أننا جئنا إلى جنيف نمثل شعبنا وقرارنا قرار شعبي قبل أن يكون قراراً سياسياً"، لافتاً إلى أن "التظاهرات التي عمت سورية تثبت أنه لا يوجد أحد قادر على فرض الأسد على السوريين من جديد".
وأضاف: "لن نرضى بفتات الخبز لشعبنا، وجئنا لإيجاد حل دائم في سورية عبر تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، ونرحب بجهود المبعوث الدولي الذي أكد أن المفاوضات ستركز على الانتقال السياسي، وهذا هو هدفنا"، من جهته، قال رئيس الوفد المفاوض أسعد الزعبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه ما من معنى للمحادثات إذا لم يتم الحديث عن تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات تفضي إلى رحيل الأسد.
وأضاف الزعبي أن ما يهم وفد المعارضة هو وقف نزيف الدم وخراب البلاد، وتحقيق تطلعات الشعب السوري بالحصول على الحرية والكرامة، وأشار إلى أن النظام السوري لم يلتزم بالهدنة، وخرقها عشرات المرات، كما أن المساعدات الإنسانية لم تصل إلى كل المناطق، وهذا ما سيتم طرحه في أول زيارة للأمم المتحدة، مشدداً على ضرورة إيصال المساعدات لكل المناطق بما فيها داريا. اهتمام بوقف إطلاق النار: من جهته، قال نائب رئيس الوفد المفاوض للمعارضة السورية جورج صبرة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "إننا مهتمون بوقف القتل في سورية على أيدي قوات النظام والمليشيات الطائفية وعودة المهجرين وتأمين الحماية للشعب السوري"، مشيراً إلى أن الوفد المفاوض سيتابع في جنيف تطور الملف الإنساني واستكماله ليشمل جميع المناطق السورية من دون استثناء، بما فيها مدينة داريا، في ريف دمشق.
وأوضح صبرة أن "المعارضة السورية تسعى لحل دائم في سورية من خلال تحقيق الانتقال السياسي، وهذا لن يكون بوجود الأسد، ولن نرضى بحلول جزئية ومؤقتة". وكان كبير المفاوضين في وفد المعارضة محمد علوش، قد شدد في تصريح لممثلي وسائل إعلامية، على أن "المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد أو بموته".
العربي الجديد
العربية نت
الخليج أونلاين
الشرق الأوسط
محمد الناعوري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة