..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مؤتمرات المحاصصة ... والثمن البخس

أبو عيسى الشيخ

٢٧ نوفمبر ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3157

مؤتمرات المحاصصة ... والثمن البخس

شـــــارك المادة

لا يكاد قول يصف حصاد الثورة السورية إلا أنه من لا يملك قد أعطى لمن لا يستحق، أكثر الناس حضورا وتأثيرا في مؤتمرات تقرير مصير الثورة هم أكثر الناس غيابا عن محنها وتضحياتها، وضباع العالم الذين كانوا يراقبون السفاح من بعيد وهو يحرق سوريا جاؤوا اليوم لكي ينصبوه رئيسا شرعيا على ما تبقى من رمادها، ويمددوا له فترة ملكه العضود ويجددوا له الشرعية الباطلة ويثبتوا له دعائم عرشه على ركام المنازل ومقابر الشهداء.

إن النظام المجرم بحالته تلك ليس أفضل حالا من الثورة بحالتها هذه، ولكنه يملك تمثيلا واحدا ولسانا واحدا يساوم به عن عشرات الميليشيات التي جاءت تقاتل معه نحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، وعن كذا وكذا راية ترفرف في مناطقه تحت كل راية غاية، أما الثورة صاحبة الحق المبين والحجة الدامغة والجذوة التي لا تنطفئ، فقد توازعتها حزبية الفصائل والجماعات حتى ذهبت ريحها وفشلت في أشد أوقاتها حساسية، ألا وهو وقت قطف ثمار التضحيات الجليلة بالأموال والأنفس والثمرات، وما ذلك إلا لقطيعة آن أوان صلتها، وتنافر بين القلوب التي آن أوان تأليفها وفساد لذات البين التي آن أوان إصلاحها، فإذا اجتمع الشمل والتحمت أشتات الثورة بفصائلها وهيئاتها، فإن هناك الكثير مما نستطيع حفظه والكثير مما يمكننا كسبه، وإذا بقيت الحال هكذا فإن هناك الكثير لنخسره، لقد انحسرت المسافات وضاقت السعة وتقطعت السبل وتعاظمت الفاتورة، والآن بقيت لنا فسحة صغيرة من المناورة وفسحة كبيرة من روح الله، فإما أن نتراجع عن الأثرة والأنانية الفصائلية فننجو جميعا، أو أن نتعنت ونمشي مكبين باتجاه مصيرنا فنهلك جميعا، فهل بات النظام وميليشياته خليقا بالوحدة أكثر منا وقد جعلنا إسقاطه القاسم المشترك لأهدافنا والاتجاه الفطري لبوصلتنا! وهذه الثورة العظيمة التي لم تهزم من ضعف هل نهزمها بالتفرقة!
تعالوا إلى كلمة سواء يتنازل فيها كل عن غروره لصالح كبرياء الثورة، وإلى مشروع نعطيه ولا نأخذ منه، وإلى هيئة ثورية نحملها ولا نمتطيها ولا يخطفها أحد لصالح غايته الشخصية أو الحزبية.
إنه ظلم عظيم للثورة أن تبقى جسما بلا رأس على طاولة الحوار فتخسر خسرانا عظيما، بينما يحضر النظام المجرم رأسا بلا جسد فيربح ما خسرناه ويحصد ما زرعناه، فسارعوا إلى إزالة الشحناء وإلى تأليف القلوب وإلى سد ذرائع الكراهية والتنافر، واطرقوا أبواب الخير بإغلاق أبواب الشر، وبرد المظالم إلى أهلها، وإعادة الحقوق المسلوبة إلى كل ذي حق، عسى أن يجمعنا الله إخوانا تحت سقف واحد قبل أن نفترش مأساة الماضي ونلتحف مأساة المستقبل.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع