..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لماذا خدع المحيسني الناس؟

مجاهد مأمون ديرانية

٦ فبراير ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3167

لماذا خدع المحيسني الناس؟
169-2.jpg

شـــــارك المادة

-1-

"جمعية الإحسان تدعوكم لحضور ملتقى بعنوان "إلا صلاتي": إنشاد - فقرات ترفيهية - مسابقات - محاضرات. سيتم توزيع جوائز على الحضور بمبلغ قدره مليون ونصف مليون ليرة سورية. الجائزة الكبرى: سيارة، الجائزة الثانية: دراجة نارية، الجائزة الثالثة: برّاد، 10 جوائز كل منها 25 ألف ليرة. يتم اختيار الفائزين من خلال قرعة على الأرقام الموجودة بالخلف، فاحتفظ بالبطاقة عسى أن تكون أحد الفائزين. المكان: مخيم أطمة بجانب قرية عطاء النموذجية (يوجد مكان للنساء) الزمان: يوم الجمعة 3/2/2017 بعد صلاة العصر".

ضَجّت المواقع الثورية وأجمعت على استنكار الخديعة التي لجأ إليها المحيسني وجماعته لحشد آلاف السوريين في تجمّع خطابي جرى تصويرُه ونشره على أنه مهرجان لتأييد هيئة تحرير الشام، حيث وزعوا على فقراء المخيمات الحدودية -فيما اعتُبر تجارة قبيحة واستغلالاً مذموماً لفقر الناس- بطاقات تعلن عن سحبٍ على جوائز مجانية في موضع المهرجان.

كانت تلك الخدعة الرخيصة سقطة أخلاقية كبيرة لا تليق بطالب علم، بل إنها لا تصدر عن مجاهدين مخلصين، فلماذا صنعوا ذلك؟ هذا هو الجواب.

-2-

في عام 2012 انتقدتُ جبهة النصرة لارتباطها بالقاعدة فجادلني كثيرون واتهموني بالافتراء، ثم اضطُرّ الجولاني إلى كشف السر لمّا أحرجه أميره السابق، البغدادي، فاعترف بانتمائه للقاعدة وقال: "ما كنا نريد الاستعجال بالإعلان عن أمر لنا فيه أناة". إذا ترجمنا هذه الجملة إلى كلام واضح صريح سنقرؤها كما يلي: كنا نودّ أن نستمر في خداع الشعب السوري وإخفاء هذه الحقيقة عنه، لكنك أحرجتنا يا بغدادي واضطَرَرتنا إلى كشفها، سامحك الله!

كذلك انتقدت منذ وقت طويل ارتباط المحيسني بمشروع النصرة، وكذلك جادلني كثيرون واتهموني بالافتراء. كيف والرجل يقول إنه مستقل؟ ثم إذا به هو نفسه يعلن انحيازه لمشروع الجولاني ويكون على رأس المبايعين والمنضمّين إلى جبهة النصرة في إصدارها الجديد: هيئة تحرير الشام.

لقد صار من المسلَّمات أن المحيسني قاعديّ الهوى، وأنه لا يحمل مشروعاً سوى مشروع جبهة النصرة، وأنه تابع من أتباع الجولاني ومريد من مريديه.

-3-

المقدمة السابقة ضرورية لفهم سياق الحوادث وفهم سبب المسرحية التي تم تصويرها في أطمة وعرضها على الإعلام. إن المحيسني يقوم بدور محوري في تنفيذ مشروع الجولاني، وقد مارس على الفصائل ضغطاً خارقاً لإدخالها فيه بالترغيب والترهيب، فكان يزور الفصيلَ بعد الفصيل ويمضي في مجادلة قادته يوماً كاملاً من الصباح إلى الليل لإقناعهم، ولم يسلم منه الأحرار، حتى ضجّوا منه وطالبوه بالتوقف عن زيارة مقراتهم والضغط على العناصر والقادة لإدخالهم في المشروع.

رغم الجهد الهائل الذي بذله القوم بقيت الاستجابة لمشروعهم فاترة ولم تُؤتِ ثمارها، فانتقلوا إلى المرحلة الثانية من الخطة، وبدؤوا بترويج البيعات لهيئتهم في سَيل متدفق، سرعان ما اتضح أن أكثره غثاء، وأنه خليط من افتراءات لا أصل لها عن كتائب انشقت عن الأحرار وهي لم تفعل، وكتائب صغيرة لم يسمع بها أحد، وبقيت الفصائل الكبرى عصيّة على الاستحواذ والذوبان.

-4-

هذا كله أوقع القوم في حرج، فهم أرادوا تصوير مشروعهم على أنه التكتل الأكبر في الساحة، فبدؤوا بالتدليس وإطلاق تعبيرات مضللة؛ زعموا أن الهيئة هي "أكبر تجمع سنّي" في الساحة، فحرصوا على الزجّ بوصف السنّية للابتزاز العاطفي، وكأن بقية الفصائل شيعية أو مجوسية أو يهودية! أما ادعاء الحجم الأكبر فقد علم كل متابع للثورة السورية أن هيئة تحرير الشام لا تكاد تبلغ بمكوّناتها كلها ثلث حجم حركة أحرار الشام بعد الاندماجات الأخيرة.

هنا جاءت الحاجة إلى الدعم الشعبي، وبدلاً من أن يرحب السوريون بالكيان الجديد (كما كان القوم يأمُلون) اختاروا لجمعتهم الجديدة اسماً صارخاً وجّه رسالة واضحة: "لا مكان للقاعدة في سوريا"، فزاد المأزق صعوبة! وفي غمرة اليأس لجؤوا إلى تلك الخدعة الرخيصة، فنظموا المهرجان على عجل وصوروه وطاروا به في الآفاق ليقولوا: ها هو مشروعنا يحظى بقبول الناس ويزدحم على الاحتفال به الآلاف.

-5-

وماذا بعد؟ المستقبل مقلق، فكل المقدمات تشير إلى أن الجولاني مصمم على ابتلاع الفصائل والسيطرة على الساحة سلماً أو حرباً، بالخديعة أو بالقتال. وهو سيهتم باستمالة الحاضنة الشعبية بعملية عسكرية كبيرة (سيثار حولها ضجيج كبير، لكنها لن تكون ذات أثر يُذكر على المستوى الإستراتيجي) وبعدها سيبدأ بحملة شرسة على الفصائل التي استعصت عليه، وسوف يحتاج إلى المحيسني وأمثاله في تلك الحملة، فانتظروا ظهوراً لهم بعد ظهور وتسجيلات بعد تسجيلات.

الأيام حُبالى بالكثير، ولا ريب أن ثورتنا تتعرض لأقسى التحديات، ويبدو أنها مقبلة على تكرار مأساة داعش. لقد كانت هذه الثورة المباركة (وما تزال) الكاشفةَ الفاضحة لأدعياء الجهاد ومدّعي الحياد، وسوف تسقطهم كلهم وتمضي إلى النصر بإذن الله.

من حساب الكاتب على تلغرام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع