عباس شريفة
تصدير المادة
المشاهدات : 3753
شـــــارك المادة
ما حصل في تركيا من المحاولة اليائسة للانقلاب على إرادة الشعب التركي يجب أن تشكل انعطافة فكرية عند الحركة الإسلامية، وخصوصاً استراتجية التحرك وفق المسارات المتعددة في وسائل تمكين المشروع الإسلامي. مما يعني التوازن في الخطوات بين القوة العسكرية والمشروع الفكري والحاضنة الشعبية، وربما يكون من الأفضل لو تكن هذه المسارات وفق أذرع غير متصلة في جسم واحد ولكنه متناغمة في الأداء، فجل الحركات الإسلامية فاشلة في استراتجية التحرك في المسارات المتعددة لأنها تتمحور حول فكرة وليس حول منظومة فكرية، وذلك بسبب التمحور حول القائد الفرد الملهم خارج نطاق روح الفريق وأمر آخر أن الحركات الإسلامية دائما تحرص على التجانس الفكري لسهولة السيطرة على التنظيم ولا تحرص على الثراء الفكري المتنوع.
لقد رأينا جماعاتٍ إسلاميةٍ اعتمدت على شرعية قوة الحراك الشعبي والالتفاف الجماهيري، ولكن مع ضعف السطوة العسكرية وغياب المشروع الفكري فكان الانفضاض من حولها سريعاً، فآلت للسقوط، كما أن بعض الجماعات الإسلامية اعتمدت المسار القتالي وقللت من شأن الحاضنة الشعبية،تحت تأثير الموقف المفاصل من الديمقراطية وخيار الشعب، فكان الضعف العسكري مؤذن بفشل المشروع لأنه الدرع والملاذ الأول والأخير.
وجماعاتٌ إسلاميةٌ أخرى أكتفت بالتأصيل الفكري وشرعية صحة النظرية فمات مشروعهم بين سجالات الجدل واستنزفٍ في المحاكمات الفكرية المتضخمة على حساب العمل.
ما حصل يعود ليبرهن على أهمية ثقة الشعب بالقائد، وهو أمر لا يأتي بالشعارات والخطابات والأبهة الكاذبة التي ينسجها الطغاة، فإن طاعة الجماهير لأوامر القائد التي تبدو غير منطقية بالميزان المادي تأتي بعد جهد طويل من الخدمة المتفانية التي توثق عرى الثقة المبصرة فما تحتاجه الحركة الإسلامية اليوم القيادة الملتحمة بالحاضنة والتي يصعب على المتآمرين عزلها للقضاء عليها باستفراد.
اليوم نحن بحاجة للبحث عن سر تقدم التجارب الإسلامية للعجم (ماليزيا- بيغوفيتش- تركيا – محمد علي الجناح) وتقهقر التجارب الإسلامية للعرب لماذا استطاعت الذهنية الإسلامية الأعجمية صياغة مشروعها السياسي والفكري وفق واقعية ناجحة، وفشلت الذهنية العربية بما تمتازه الجماعات الإسلامية العربية من تضخم الأيدولوجية والتكثف المنهجي وكثرة المراجعات والصراعات الفكرية فيما بين أبنائها وفيما بينها وبين المدراس الإسلامية الأخرى، بينما تعاني من الترهل الإداري والإقطاع القيادي والهرمية التنظيمية والعشوائية التخطيطية.
بينما تتميز الجماعات الإسلامية الأعجمية ببساطة المنهج الفكري وسهولة الإيديولوجية مع غياب المزاج الشخصي لصالح حضور المأسسة .
علينا أن نتجاوز السجال المحتدم هل التجربة الأردغانية إسلامية أم غير إسلامية والتحول إلى استثمار مناخ الدعوة والبناء وتحقيق وسائل الانعتاق في أمة مؤمنة متحررة،فلم تعد نظرية حصر المشروع في النخبوية والطائفة المنصورة والغرباء مجدية، فالمشروع الإسلامي لا يقام إلا برافعة أمة حرة مؤمنة.
فمن يقول عنها أنها تجربة اسلامية ينظر باعتبار درء المفاسد وما يستجلب من المصالح وتخفيف الشرور ضمن ما هو ممكن ومستطاع، ومن ينفي عنها صفة التجربة الإسلامية يرى بإعتبار ما يعتريه من نقص لا يصل بها إلى المأمول والكمال الذي نصبو إليه.
و هنا لا يمكن تحرير ما هية المشروع الإسلامي حتى نحرر ما هية إقامة الشريعة التي لا تنحصر في الحكم ولا تنفصل عن الحكم.
إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره وحتى يتم الحكم على التجربة لا بد من إدراك المناطات السياسية بعمق لا بعقلية ظاهرية ساذجة حتى ما هية المشروع الإسلامي في تصورالجماعات هو تصور أمبراطوري لا يستصحب إلا الصورة النمطية لعصر المكنة والفتوحات ويغيب عن تصوره مرحلة الاستضعاف.
وفي النهاية نعود لنحذر فالآن سيكون الانتقام القادم من الشعب التركي كله ولم يعد الانتقام محصورا بالعدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردغان.
العهد
علي حسين باكير
غازي دحمان
حازم الأمين
أحمد موفق زيدان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة