عبد المنعم زين الدين
تصدير المادة
المشاهدات : 5047
شـــــارك المادة
بات من الواضح مؤخراً أن هناك تململاً شعبياً وثورياً يصل إلى حد النِقمة عند البعض، من ركود جبهات درعا، في الوقت الذي تشتعل فيه جبهاتٌ أخرى في سورية، في ريف حلب الجنوبي والشمالي، وفي بقايا جبال الساحل، وفي ريف حمص، والغوطة الغربية، وحتى القنيطرة، وغيرها.
درعا التي تضم عشرات الفصائل الكبرى المقاتلة، والتي حررت فيما مضى مساحات شاسعة منها، تعيش اليوم حالة هدوء غير مسبوق، بعد اتفاق الهدنة الذي لم يلتزم به النظام أصلاً في أي منطقة في سورية، وإن كان قد حيَّد -بمكرٍ- مناطق معينة، ليتفرغ لها فيما بعد، وكان من جملة المناطق التي تم تحييدها عن القصف، المناطق المحررة في درعا.
يعزو الكثير توقف المعارك في درعا إلى ضغط الجهات الداعمة، المتمثلة في غرفة (الموك) والتي تدار في الأردن، فيما يرى البعض أن الفصائل نفسها تعاني من تفكك وتراجع، وأنها منشغلة بقتال داعش، الذي تحول في النهاية إلى رباط دون قتال حقيقي، مما يثير التساؤل عن جدية الفصائل -أصلاً- في حسم معركتها مع داعش، كسبيل للتفرغ للنظام كما تدعي بعض الفصائل.
يبقى دور الحاضنة الشعبية مؤشراً قوياً على هذا التململ، حيث يرىمعظم الأهالي في درعا أن هذا الهدوء معيب بحق درعا وتاريخها الثوري، وأن على الفصائل أن تؤازر المناطق الأخرى، في داريا وحلب وإدلب وغيرها، ولا يصح أبداً الالتزام بهدنة تم خرقها في كل أنحاء سورية، كما أن المفاوضات التي يراهن عليها البعض تبدو عبثية، ولا جدية فيها، وعليه فإن على الثوار أن يعلنوها وقفة جماعية، لرفض الضغوط الواقعة عليهم، واستعادة زمام المبادرة، والانخراط في المعارك من جديد، مؤازرةً لإخوانهم في المحافظات الأخرى، وثأراً للشهداء، ورفضاً للتلاعب الدولي بمصير الشعب وثورته، وفي هذا الإطار يبدو بيان (تجمع أحرار حوران) الصادر في نهاية الشهر الفائت مثالاً واضحاً لهذا التوجه.
لكن في المقابل فإن هناك قلة غير ظاهرة، تحرّض الفصائل على الإبقاء على هذا الهدوء، وعلى استمرار الالتزام بالهدنة المزعومة، بحجة أن المعارك ستكلف الحاضنة مزيداً من القصف والتهجير والشهداء، ويبدو أن أصحاب هذا التوجه، إما أنهم من الذين لم يذوقوا طعم الثورة الحقيقية وبالتالي هم من الطابور الخامس المخذّل، والذي لا يدرك أن الثورات لا بد لها من ضريبة، وأن التوقف في منتصف الطريق مهلكة لمن قام بالثورة، وإما أنهم قد انطلت عليهم حيل النظام المجرم، وظنوا أنهم قد صاروا بمأمن من قصفه بشكل دائم، وإما أنهم يعلمون ذلك لكنهم يقدمون الأنانية البغيضة على التعاون والإيثار، فلا يرون ضرورة لتحركهم حتى ولو أبيدت مناطق أخرى بأكملها، مفضلين الأمان الوهمي الحالي لأنفسهم ومناطقهم، وقد يكون لهؤلاء دور ضاغط سلباً على فتح أي معركة ضد النظام. فأقول لأهلنا وثوارنا في درعا: أولاً: إن كان عن ضريبة الثورة فقد دفعنا منها الكثير، وما تعيشونه الآن من أمان وهدوء نسبي، سببه ليس الالتزام بالهدنة، وإنما دماء إخوانكم الشهداء الذين ارتوت بهم المناطق المحررة، حتى أوصلوكم إلى هذه الحالة، أما وقد سلّموكم الراية لتتابعوا المسير، فلا تخونوا الأمانة -حاشاكم من ذلك- وكونوا نِعم الخلف لخير سلفٍ، سجل له التاريخ مآثر كبرى جعلت من درعا مهداً للثورة، وتاجاً لها، وإن ضريبة المتابعة أقل بكثير من ضريبة التراجع، لأن التراجع الآن، يعني استمرار الاحتلالين الروسي والإيراني لسورية، ويعني بقاء الشعب تحت عبودية هذا النظام المجرم الذي أثبت أنه لا يقبل الشراكة ولا الثقة ولا الإصلاح أبداً ولو فعل لسقط، فلا خيار إلا بإسقاطه كاملاً، ويعني بقاء حرائرنا في المعتقلات، ويعني بقاء المهجرين خارج بلادهم، ويعني إفلات القتلة المجرمين من العقاب بل واستمرارهم في الحُكم.
ثانياً: صحيح أن المعارك ستتسبب بالقصف للمدن والأحياء، لكن هذا ليس بجديد، بل إن هذا النظام يقصف المناطق التي لا تخوض معارك أبداً، وإذا أردنا التحرير فلنتحمل ضريبته، وإن أهلنا الذين يتعرضون للقصف في حلب وإدلب وداريا هم جزء منا، وقصفهم يعني قصفنا، وبالتالي علينا أن نمتلك الشعور الإسلامي بأننا جسد واحد، لا نهادن ما دامت بلدة تقصف، ولا نتوقف عن المعارك ما دام إخوة لنا محاصرون، ولا نتراجع للواء ما دام لنا معتقلون في السجون. ثالثاً: إن الدول الداعمة، تتعامل مع القوي، وقوتكم في استقلال قراركم، وهذا الاستقلال يحتاج منكم إلى رصّ الصف، واتخاذ قرار جريء يمنع الذل والعار الذي قد يلحق بكم، فيما لو تمكن النظام من اقتحام داريا التي تستصرخ ضمائركم، فلا تترددوا في الوقوف صفاً واحداً، والعودة إلى الثورة، حتى ولو دفعتم ضريبة ذلك حصاراً وتضييقاً لفترة ما، فلكم في صمود داريا والوعر والغوطة وغيرها أمثلة على أن الحصار لا يعني الهزيمة...
يا أبطال درعا وثوارها الشجعان، هذا شهر رمضان قد أتى ضيفاً عزيزاً، فأروا الله من أنفسكم خيراً، وأروا إخوانكم في داريا وحلب وإدلب من أنفسكم خير مؤازرة، وأسمعونا أخبار الانتصارات، فهي تليق بكم، تحية لأبطال درعا وثوارها الشرفاء، والرحمة لشهدائها الأبرار
المسلم
أحمد معاذ الخطيب
مجاهد مأمون ديرانية
مجموعة علماء
أبو طلحة الحولي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة