عبد الوهاب بدرخان
تصدير المادة
المشاهدات : 2887
شـــــارك المادة
لاحظوا الفوارق بين اجتماعات ثلاثة: اللقاء الحواري الخليجي - الروسي، القمم المتكررة بين الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، واجتماع وزراء الدفاع روسيا وإيران والنظام السوري في طهران.. لكل منها حرارته وجدواه ونتائجه وتداعياته، وفيما يتعدّى الصور التي تعبّر عن أمزجة المتجالسين، فإن تطوير التوافقات ومعالجة الخلافات يبدوان أكثر سلاسةً في لقاءات الروس مع الإيرانيين والإسرائيليين، أما بالنسبة إلى العرب فيتصرّف الروس على أنهم إزاء «زبون جديد» ليس بينهم وبينه حساب قديم جارٍ للخدمات السرّية؛ لذا يعاملونه على أنه جاءهم قسراً ووصل متأخراً، ولا يزالون يبحثون عن معادلة مناسبة بين المنافع التجارية التي يتوقعونها والمقتضيات السياسية التي يتوقعها العرب.
في المقابل ارتسمت منظومات المصالح بين روسيا وإيران على أساس سياسي قوامه العداء للولايات المتحدة قبل أن يتركّز عمادها التجاري والعسكري مستفيداً من العقوبات الدولية عموماً والأميركية خصوصاً، أما في حال إسرائيل فالمؤكّد أن التباعد بين الرئيس الأميركي وزعيم ليكود وفّر للرئيس الروسي سبباً لتدليل الأخير الذي استطاع بدوره إثارة اهتمامه مستفيداً من مساحة التوافق بينهما في إدارة الأزمة السورية. وإذا أضيفت الاجتماعات الأميركية - الروسية، للتأمّل فيها أيضاً، فإنها ستُظهر الحذر والتكاذب المتبادلَين، سواء سرّا بين الطرفين نفسيهما أو علناً في مؤتمرات صحافية مشتركة، فهما متوافقان/ متخاصمان على الدوام، قد يعلنان أهدافاً صحيحة سياسياً، حتى أنه يمكن أحياناً اعتبارها «أخلاقية»، لكن اشتراطاتها غير المعلنة تحول دون تنفيذها، والمثال على ذلك أن يَتَّفِقَا على هدنة في سوريا فتضغط واشنطن وتحصل على التزام المعارضة أما موسكو فلا تضغط لإلزام نظام دمشق والإيرانيين، ومتى روجعت ترفع شروط النظام وإذا جرى تذكيرها بالاتفاق تشير إلى ضرورة حلحلة العقوبات المفروضة عليها بسبب أزمة أوكرانيا، وعندئذ يتوقف الحوار إلى أن تطرأ مستجدّات فتعيده.. وهكذا فإن امتناع الدولتين عن التنازل في أي من ملفاتهما الاستراتيجية يشكّل لهما مبرّراً للتصارع بدماء السوريين ومآسيهم.
كانت إيران لعبت دوراً في إقناع روسيا بالتدخل المباشر في سوريا، أولاً نظام بشار الأسد مهدد ما لم يتوفر غطاء جوي لإنقاذه، وثانياً لأن «الحرب على داعش» جاءت بالأميركيين إلى شمال شرقي سوريا، ومنذ الأيام الأولى للتدخل الروسي حصلت إسرائيل على تنسيق جوي يحفظ لها «حقّها» في مهاجمة أهداف تعتبرها «مهدّدة لأمنها» تلك الأهداف إيرانية أو مرتبطة بإيران وتمثّلت بضرب شحنات أسلحة موجّهة إلى «حزب الله» أو بعمليات قتل مستهدَف لكوادره، ومع ذلك تقبّلت طهران هذا «التنسيق» على مضض، لقاء الهدف الأكبر، وهو أن تبقى موسكو ملتزمة الاتفاق الأساسي على إنهاء الصراع السوري بحسم عسكري، وهو ما تفعله مع مراوغات مبرمجة بشأن «هدنة» باتت ساقطة، وشروط تعجيزية بشأن «حل سياسي» لا ينفكّ يبتعد.
ما ربط ولا يزال يربط بين الروس والإيرانيين والإسرائيليين أن لديهم مصلحة في بقاء نظام الأسد، بل تربط بينهم أيضاً الرغبة في التحكم أو في تقاسم ما بعده، وإذ تستخدم روسيا إيران وإسرائيل في تسهيل دورها السوري، فإن الدولتين تستخدمان محاذير روسيا ومخاوفها من التورّط لتمرير مصالحهما، وما تريده إيران هو وجود دائم في سوريا، أما إسرائيل فتسعى إلى اعتراف بـ«شرعية» احتلالها للجولان وانتهاز التسويات الإقليمية لفرض تسوية «نهائية» مجحفة على الفلسطينيين.
العرب القطرية
عمر كوش
مروان قبلان
أبو أمجد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة