أحمد موفق زيدان
تصدير المادة
المشاهدات : 2973
شـــــارك المادة
خطفت وثائق باناما الأضواء عما يجري في الشام من إبادة ومذابح سيعتذر العالم كله عن تواطئه وصمته يوماً ما، فكان أن كرّس الاتحاد العالمي للاستقصاء الصحافي جهده طوال عام كامل وكرّس معه أكثر من 370 صحافيا عالميا من سبعين دولة جهدهم أيضاً من أجل الكشف عن رأس جليد الفساد في باناما، بينما يعلم الجميع أن ثمة مئات وربما آلاف البانامات المنتشرة في العالم ممن تختزن قوت الفقراء والمساكين والمستضعفين الذي سرقه الكبار وهم الصغار فعلا وواقعاً، فكان ما سرقه طغاة الشام وتم الكشف عنه في باناما لوحدها يكفي بحسب البعض لإعادة إعمار ما دمروه، وبلغ ما سرقه ساسة بريطانيا لوحدها عشرين مليار دولار كتهرب ضريبي فقط...
ليس الحديث عن وثائق باناما هو موضوعي في هذا المقال بقدر ما هو الحديث عن التقصير والتواطؤ الصحافي العالمي مع الجزار والمجرم الأكبر، داخلياً كان في الشام أو خارجياً في إيران وروسيا ومليشياتهما الطائفية المجرمة، فتجد الإعلام الغربي معنيا بحركة قطة وكلب مرّ أو ينوي أن يعبر من مناطق تنظيم الدولة، بينما لا تعنيه كل هذه المليشيات الطائفية المجرمة التي تعمل بغطاء دولي لم يسبق له مثيل، ويعمل معها احتلال أجنبي فاضح سافر دون أن يحظى بإدانة دولية، ونحن نرى الإدانات الدولية عن أي خرق ولو صغير لسيادات دولهم ومستعمراتهم..
حتى الآن من الصعب أو المستحيل أن تعثر على وثائقي واحد يحكي قصة الغزو الإيراني التدميري للشام أو العراق أو اليمن، يقابله مستحيل آخر وهو الحديث عن الإبادة الروسية للشام واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً من قنابل نابالم وفوسفور وعنقودية تفتك بأجساد الأطفال والنساء، والمستحيل الأكبر أن تجد فيلماً واحداً يحكي قصة المليشيات الطائفية التي تعيث فسادا في الشام والعراق واليمن، والتي مزقت النسائج الاجتماعية في هذه الدول، بينما السوق الوثائقية تغص بكل أنواع الوثائقي المعني بتنظيم الدولة، وكأنهم يبحثون عن شيء فقدوه منذ سنوات فعثروا عليه بتنظيم الدولة، ليحملوه أوزارهم وأوزار غيرهم، وكما قيل من أحب شيئاً أكثر من ذكره..
التحدي أمام الإعلام المهني اليوم ليس الخبر ذاته، الذي لم يعد مهماً في صياغة الرأي العام العربي والدولي نظراً لتكفل نقله عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولم يعد الصحافي سيده وناقله بعد أن تكفل به أيضاً صانعه من مقاتلين وسياسيين عبر منصاتهم ووسائلهم الجديدة وهي التويتر والفيس بوك والتلغرام، ولذا كان لزاماً الاعتناء بالسردية والرواية ووضع الخبر في سياقه وهو ما يتميز به الوثائقي، وهنا تبرز أهمية البرامج الوثائقية في صوغ الرأي العام، ويظهر معه تواطؤ صناع الوثائقي مع الإجرام والاحتلال، أو فضحهم وتعريتهم..
لم يعد الكشف عن الفساد والمفسدين كافياً للصحافة والإعلام وإن كان أمراً مهماً فثمة مسؤولية أكبر من ذلك بكثير تتمثل في الكشف عن الجرائم والمجرمين وأبطالها في الشام والعراق، الذين يبيدون الشعوب، ألا نرى تقاعسهم في الكشف بشكل منهجي ومهني عن سلاح التجويع الرهيب المستخدم في الشام والعراق!!، وكذلك سلاح الإبادة الجماعية بأسلحة الدمار الشامل!!
العالم بحاجة إلى عدل وإنصاف في التغطيات الإعلامية، والعدل يقتضي نشر وثائق الشام، لتعرّي المجرمين والمحتلين والمتواطئين معهم، وحتى يتم تعرية هؤلاء فإن الإعلام نفسه قد تعرّى وأصبح جزءاً من الجريمة ذاتها إلى أن يعلن انشقاقه عن الجريمة السياسية..
شؤون خليجية
عمر قدور
ياسر الزعاترة
محمد العمر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة