مهنا الحبيل
تصدير المادة
المشاهدات : 3470
شـــــارك المادة
يسحب النظام السوري قواته من مواقع كثيرة متراجعاً إلى مرحلة الدفاع على مستوى مواقع ومدن عدة، على رغم المذابح الهستيرية التي يرتكبها.
وهنا تبرز لنا فكرة التقييم الموضوعي لانتصار الثوار على الأرض في هذه المرحلة باعتباره تقدماً استراتيجياً كبيراً لا يُقاس بتقديرات العواطف التي تعصرها مذابح الأسد وإنما بخطة التقدم المذهل للثوار وانحسار قدرات النظام على جغرافية سورية وتضييق الخناق عليه.
وقد دفع ذلك الرأي العام العربي إلى التعلق بمشهد ختامي واحد سريع. وتكثفت الآمال مع ارتباك النظام ومراكمته الإرهاب الوحشي بدعم إيراني، خصوصاً إلى حلب ودمشق اللتين باتتا تتقدمان خريطة الكفاح العسكري للتحرير، كل ذلك جعل البعض يتعلق بتاريخ محدد قريب لإنجاز النصر وهو ما لم يكن تقديراً دقيقاً حين وُضع في أيام أو أسابيع قليلة، وإن كان هذا النصر القريب يتقدم بقوة لكن وفقاً لحرب شرسة. ولتنظيم الفكرة حول المعركة نحتاج إلى رصد الموقف بدقة وفقاً لنقاط متسلسلة: - يجب معرفة أنّ هذا التقدم النوعي للمقاومة وكفاح الثورة العسكري صعَد بصورة متدرجة، وهو ما أوصل الجيش السوري الحر إلى هذه المرحلة من الزحف العسكري المباغت للنظام في دمشق والتقدم القوي في ريفها وريف حلب ثم اختراق حلب عسكرياً. - انضمام حلب الــــقوي للثورة السورية العلني جاء كأحد انعطافات الثــورة السورية المركزية، مع أن حلب كانت شريكة بقوة في الثورة ولكنّ هذا المفصل العسكري والالتحام الثوري والفدائي لها كان ضمن هذا التدرج الحيوي جداً للنصر. - ما أنجزه تحالف الحراك الثوري المدني مع الجيش السوري الحر خلق هذا التقدم المركزي الكبير في أحياء دمشق، وسهّل مهمة الوصول إلى مواقع رئيسة، وخاض ولا يزال حرب اشتباكات متقطعة داخل العاصمة دمشق. - ونضيف حركة التقدم الواسع لكتائب الجيش السوري الحر في مساحة الجغرافية القومية لسورية في مدن عدة وأرياف واسعة وصلت للحدود. - هذا الإنجاز نادر التكرار في التاريخ الإنساني المعاصر، إذ تعرض لحصار وتعاون دولي ضده وتدخل عسكري من موسكو وإيران وأحزابها، ومع ذلك وصل لهذه المرحلة، لذلك فإن استخدام النظام سلاح الطيران هستيرياً كان جرّاء هزيمته الكبرى في هذه المرحلة، وهي مواجهة صعبة للجيش السوري الحر وضحاياه المدنيين، لكن من المعروف أنّ القصف الجوي لا يُمكنه حسم المعركة على الأرض حيث قدرة الثورة أكبر وأقوى. - من هنا إحراز اختراق عسكري استراتيجي لا يؤثر فيه تراجع هنا أو هناك، لأنّ مجمل المواقع العسكرية تعني أنّ النظام وُضع تحت الحصار الزاحف، ولكنه يقتص من المدنيين، ولو زُوّد الثوار دفاعات جوية لتعزز سقوطه سريعاً، لكن التقصير الضخم عربياً وإسلامياً لا يزال قائماً في هذا الملف. - ما يجري من انشقاقات استنزاف للنظام وفي مصلحة الجيش السوري الحر مع كميات من الأسلحة والذخيرة ومعلومات استراتيجية، والأهم نجاح الجيش السوري الحر في زرع خلايا داخل قوات النظام. - ظروف تشكّل الجيش السوري الحر كقوة دفاع شعبية لم تخضع لأي إرادة خارجية ولم تتلق دعماً عسكرياً أو أرضاً تعقد فيها اجتماعات مركزية وتنظيم إدارة تفصيلية، فكان من الطبيعي أن تتشكل الكتائب على الأرض ثم تتواصل تنسيقياً. - بدأ الجيش السوري الحر بالتغلب على ذلك من خلال المجالس العسكرية للمدن، وهو ما نظّم تبادل الخطط وإستراتيجية حرب التحرير، وبدأ يتكرس بوضعية أكبر وأدق، وإن كان يحتاج للمزيد من التنظيم وحصر الخطاب الإعلامي العسكري. - التفهم لجيو استراتيجية المعركة يُوضح بأن طبيعة الثورات الشعبية المحاصرة تتخذ مساراً منبسطاً على الأرض ثم تتكثف مركزياً، وهو ما يجري حالياً في سورية. - مع هذه الصعوبات إلاّ أنّ الجيش السوري الحر وفي مواجهة تسعير طائفي من النظام، رتّب علاقاته في الميدان، وأكد للعالم تنسيقه مع المكونات، التي لا يزال أبناؤها يشاركون في الانشقاق والتنسيق مع الثورة. - هذا لا يعني عدم وجود الأخطاء أو بعض الاجتهادات في جغرافيا واسعة ولدى شعب شُنّت عليه أكبر عملية ذبح، لكنّ ذلك لم يُضعف البناء المعنوي والإرادة السياسية للثورة وعظّم المسؤولية لدى قيادة الجيش السوري الحر وكتائبه التي نجحت على الأرض وقادت الثورة مع الحراك المدني كثورة شعبية وطنية، ومن الطبيعي أن تكون لها جذور إسلامية فهذا هو دين الشعب وحضارته التي لا تُظلم طائفة ولا تهضم أقلية فيه. - من هنا يتبين أنّ الهجوم على الجيش السوري الحر من إعلام إيران والإعلام الطائفي وقوى التطرف العلماني العربي للعهد القديم هو وسيلة للطعن والتشكيك ووضع العراقيل أمام انتصار الثورة السورية، خوفاً من سقوط آخر معاقل العهد القديم ومعه المثقف العلماني المتطرف والمثقف الطائفي. - وهذا لا يعني رفض كل نقدٍ من المخلصين للثورة المدافعين عنها من أبناء سورية أو خارجها، لكن طبيعة النقد معروفة في لغتها وتقديرها للموقف وتقييمها لما هو رد فعل أو فعل ذاتي، والمهم الآن أن تُعزز لغة التنسيق بين المجالس العسكرية وتواصل التحامها مع الفرق المدنية الثورية، وهي القوة التي بإذن الله ستحرز النصر عملياً. - من المهم في هذه المرحلة توافق المجالس العسكرية والحراك المدني على اختيار فريقٍ يُعّد ويُحتفظ بأسماء عناصره: يُعلن في الأيام الأولى - الهيئة العليا للإدارة الانتقالية لسورية الجديدة - هذه الهيئة ستكون مكلفة الإعلان الإعلامي الأول والقيادة السياسية الميدانية الموحدة لكل أبناء الشعب السوري، وستضمن ربط قُوى التطوع المدني للتنظيم المعيشي والحياتي والأمن المجتمعي. - هذه المرحلة من الإدارة لا بُد أن تَسبق أي مشاركة أو إشراف من المجلس الوطني السوري بعد إعادة صياغته مع الداخل، إذ سيحتاج هذا التنظيم إلى وقتٍ، في حين أنّ الهيئة الإدارية العليا ستؤمن هذه المرحلة، والجميع سيُدرك بروح المسؤولية ضرورة الاستفادة من عناصر أي نجاح ديبلوماسي حققته الثورة السورية في الداخل والخارج، والبناء عليه لا هدمه أو الصراع معه، مع فطنة الجميع لعزل أي مشروع يصنعه الرواق الدولي والعربي لبديل للنظام من خارج مشروع الثورة وإرادتها، تحقيقاً لمصلحته وليس حرية للشعب. - من مصلحة الثورة السورية اكتمال هذه العناصر الآن ومعالجة الأخطاء التي من الطبيعي صدورها، بما فيها بعض الجدل بين مجموعات في الميدان أو الخارج، وبالتالي تؤسس الثورة السورية لمعركة الحسم المركزي بأكبر إدارة ممكنة لها. - خطة الزحف التي يُعد لها والمناورة على توقيتها توجه من غرف العمليات الموحدة، ومن الضروري أن يسبقها تأمين الحالة المدنية في الخطة وما بعدها. والمطلوب بإلحاح دعم هذه الثورة بالسلاح النوعي والدفاعات الجوية وفتح كل دول الجوار حدودها وتكثيف الضغط من كل القوى الشعبية والشخصيات العامة المؤيدة للثورة السورية لاستقبال المدنيين ودعم تأمين نزوحهم لوجستياً بالتعاون مع الجيش السوري الحر.
المصدر : الحياة
رضوان زيادة
حسن أبو هنية
عبد المنعم زين الدين
سليم نصار
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة