..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

في مضايا؛ الأمم المتحدة.. دكان على قارعة الموت

صفاء مهنا

١٥ يناير ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3111

في مضايا؛ الأمم المتحدة.. دكان على قارعة الموت
الملحدة0.jpg

شـــــارك المادة

وأخيراً فتحت الأمم المتحدة دكانها وبدأت صفقاتها كعجوز هرم يجلس خلف درج نقود عتيق يخشى أن يفتحه أحد غيره، حتى يقنع نفسه قبل الآخرين أن لا أحد سواه يمكنه القيام بتلك المهمة.. فهو الحارس الأمين على تلك الخردة، حتى إن لم يمتلك السلطة على إدارة ما حول الدرج من "بسطة" تحوي أشياء لا تغني ولا تسمن من جوع، رغم تغليفها بأوراق براقة الألوان.. لكنه لا يتنازل عن بعض شرائط من النايلون مجتمعة بمروحة أو "كشاشة" ذباب.. لتكتمل الصورة النمطية له.

بضع بطانيات ومواد تنظيف وقطع من الصابون.. هي أول ما أدخلته الأمم المتحدة إلى مضايا التي تموت جوعاً.

أطفال منذ ولادتها لم يكتسِ جسدها ببعض اللحم.. والشاحنات الأربعون لم تتضمن حليب الأطفال..

أي درك نزلت إليه تلك المنظمة الأممية، والتي من أهم أعمالها حماية المدنيين أثناء النزاعات، وتأمين منافذ العيش لهم وسبل البقاء على قيد الحياة.. فهي ومن حصار مضايا المطبق منذ سبعة أشهر، لم تحرك ساكناً حتى قام النشطاء ببعض حملات ونشاطات تستصرخ الضمير العالمي، ليصحو ويغدق على الجوعى ببعض القلق، ومن ثم ببضعة ألواح من الصابون ليغسل آثار ذلك القلق، فقد أصبح عار العالم وعلى المسحوقين التنصل والتطهر منه.. ثم لتكن البطانيات.. فنحن في مضايا ربما أحوج لغطاء يستر جثثنا العظمية قبل مواراتها في التراب.. ونحن في مضايا ربما لولا صفحات التواصل تلك وتلك الصور لأجسادنا المشوهة التي صدرناها للعالم.. ربما لم يعرف بنا لا أمم متحدة.. ولا حتى متفرقة..

وربما لم نكن نحن لنعرف مدى الحقد والكراهية التي يكنها أتباع النظام وحزب الله.. ولا تلك الموائد العامرة بالشماتة والتي عبروا بها عن فرحهم ونشوتهم بما يقاسيه أهل مضايا من حرمان وجوع أضنى الروح وأنهك الجسد وأتلفه.. لتعيدنا إلى توزيع الحلوى في الضاحية وغيرها من مدنهم الموالية، بعد سقوط مدينة القصير في حمص..

لعل الموت يكون رؤوفاً بتلك الأجساد النحيلة ويمهلهم وقتاً أكبر مما تتيحه الأمم المتحدة والنظام وعصاباته الموالية، ربما يبطئ خطواته وتسعفهم بعض حشائش جديدة أطلت من تحت ثلوج تآمرت أيضاً على جوعهم.. فرغم السباق مع الزمن.. يمر قرابة يوم على الموعد المحدد لدخول المساعدات.. لكن ما دخل لا يحوي غذاء.. ولا حتى حفنة ملح ربما يضيفوها لعض الماء.. يؤخر موتهم ساعات ربما ليس أكثر..  فأي كارثة وشؤم تحمله كل منظمات العالم الإنسانية والإغاثية.. في القرن الواحد والعشرين.. كيف سيسجل وبأي حبر سيصاغ هذا الحدث.. في زمن يتحرك فيه كل شيء في العالم إثر ضغط بسيط على زر أو لمسة لشاشة..

لكن الناس يموتون جوعاً في سوريا.. وما تعجز عنه آلة النظام من فتك وتدمير.. يكمله عهر روسيا في مجلس الأمن... لتقول للسوريين كثير عليكم جلسة في رواقه تناقش الأمور الإنسانية والمناطق المحاصرة.. فتطلب مناقشة الوضع اليمني.. بجلسة أصلا جاءت متأخرة ولن يصدر عنها قرارا يروي ظمأهم.. فأي منّة يعيشها الشعب السوري.. وأي جمائل سيحملها مما يقدمه العالم له في محنته..

نشارف على أعتاب جلسة مفاوضات بين النظام والمعارضة.. وكل ما ينم عن النظام لا يعبر عن حسن نوايا.. بدءاً من وقف إطلاق النار في كل المناطق الذي لم يتم... بل على العكس، زاد رقعة قصفه واستهدافه.. والعالم ربما يريد ما لوح به مسبقاً وزير الخارجية الأمريكي.. من أن الوضع على الأرض سيؤخذ بعين الاعتبار في المفاوضات.. فهل مضايا عنوان عريض يقول من خلالها النظام لمن مازال يئن تحت حصار آخر، أنتم اللاحقون.. فاحذروا ما سيصيبكم، أو ادخلوا بيت الطاعة صاغرين..

وهل القصف الذي يطال عرض البلاد وطولها.. هو بوابة النظام لساحة سيمتلكها خلال المفاوضات، لكن بموافقة ومباركة دولية وأممية، أنشئت المؤتمرات وفصلت الاجتماعات والقرارات على قياسها.

 

 

 

السوري الجديد

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع