..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التكتيك الروسي والخيار العربي

حسن البراري

١٩ ديسمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2878

التكتيك الروسي والخيار العربي
روسيا 0 دمشق 0 داعش.jpg

شـــــارك المادة

تصريحات القادة في بعض الأحيان لا تعكس جوهر سياسة بلدانهم وبخاصة عندما يكون على رأس الدولة شخصية امتهنت الخداع السياسي والتضليل الإستراتيجي، والحق أن الرئيس الروسي بوتين يُظهر وكأنه يقبل بمقترحات فيينا ومن قبلها مخرجات جنيف واحد لكنه في واقع الأمر يمارس على الأرض سياسة تهدف إلى تغيير موازين القوى لصالح نظام الأسد، ويراهن بوتين على عجز الولايات المتحدة في حزم أمرها بشأن أي اتجاه عمل في سوريا.. لهذا السبب لا يرى بوتين أن هناك ثمنا لما يقوم به من تقتيل للشعب السوري واستهداف ما يمكن أن يكون بديلا لنظام بشار، فهو أعلن الحرب على داعش لكنه يهاجم فصائل الثوار الذين يحاولون إسقاط بشار.

والمتابع لما يجري على الساحتين الدولية والسورية لا يمكن له إلا أن يلاحظ الطريقة التي تحاول بها روسيا ومن خلفها إيران إسقاط مسار الانتقال السياسي وحتى مسار فيينا الأخير، فأغلب المراقبين الدوليين يرون أن إنهاء الأزمة السورية لا يمكن له أن يتحقق إلا بعملية انتقال سياسية تبدأ أو تنتهي برحيل نظام بشار الذي سبب في قتل أكثر من ربع مليون من الشعب السوري علاوة على ملايين اللاجئين والنازحين، لكن من ناحية أخرى تحاول إيران وروسيا بذل كل ما في وسعيهما للظهور بمظهر من يقبل بعملية انتقال لكن هذا القبول هو تكتيكي بامتياز.
وعلى نحو لافت استبعدت السعودية فصائل "المعارضة" الموالية لنظام بشار من مؤتمر الرياض ما أثار حفيظة روسيا التي ترفض بالاعتراف بالصفة التمثيلية للمشاركين بمؤتمر الرياض، وما انفكت روسيا من وضع العصي في دواليب أي مسار انتقالي، وما التصعيد المفتعل مع تركيا إلا ضمن سياق خلط الأوراق وتأجيل الحل لعل قادم الأيام يحمل مسارا ملائما لمصالح وتطلعات وأولويات روسيا في سوريا..

فمحاولات روسيا وإيران زج فصائل تأتمر بأمرهما في مؤتمر الرياض باءت بالفشل وهذا يفسر الهجوم الشرس الذي شنته إيران وبشار الأسد باعتبار أن مؤتمر الرياض، إنما يضفي الشرعية على فصائل "إرهابية" وهو ادعاء للتعطيل ليس أكثر.

وكأن روسيا تريد أن يفاوض نظام بشار وفدا يتكون في جله من معارضة موالية لبشار حتى يضيفوا الشرعية على نظام لا يمكن وصفه بأقل من نظام إرهابي.
زيارة جون كيري إلى روسيا ولقائه بالرئيس بوتين جاءت بعد مؤتمر الرياض، وهي زيارة لا تشي بأن الولايات المتحدة جادة في علمية المساهمة في التخلص من بشار ونظامه، فالولايات المتحدة تقبل بأن تكون روسيا محاميا ومدافعا عن نظام بشار في حين تعجز هي في الدفاع عن مخرجات مؤتمر الرياض وترى أن هناك نقطتين بحاجة إلى إعادة نظر، والحق أن التصريحات الأمريكية المتناقضة والمترددة هي من أفسح المجال لروسيا ومن يقف معها في التلاعب بالمشهد السوري وتعطيل الحل، والأسوأ أن هناك في روسيا وإيران من يرى بأن الحسم العسكري هو أمر ممكن في ظل ليس فقط تحفظ واشنطن عن دعم المعارضة المعتدلة وإنما أيضا في إجبار الشريك الأوروبي في تبني مواقف "متزنة" حيال الرئيس بشار.
ما على الجانب العربي أن يفهمه هو استحالة الوثوق بالموقف الأمريكي المتردد والذي يرى الأمور بشكل عام من زاوية مختلفة، فقبل فترة قصيرة قدم البرفسور الأمريكي جون ميرشامير محاضرة في الدوحة قال فيها إن بقاء الأسد يخدم الولايات المتحدة وأن على العرب التعامل مع إيران بإيجابية، وكانت كلماته صادمة للحضور لكنه ربما أذاع سرا نعرفه جميعا حيال كيف تفكر إدارة أوباما المنكفئة.
وفي ظل هذه التطورات والخذلان الأمريكي للعرب وفي ظل الاستقواء الروسي والتنمر الإيراني بات لزاما البحث عن خيارات أخرى حتى يتسنى للجانب العربي ألا يكون المتلقي لما يتفق عليه غير العرب.
وفي هذا السياق، حري علينا أن نفكر في ترجمة التحالف الإسلامي الذي أعلن عنه في الرياض إلى واقع حتى يتمكن هذا التحالف من ردع روسيا ولجم إيران في سوريا على وجه التحديد، فالمعركة هي على سوريا في النهاية ولا يملك الجانب العربي رفاهية الخسارة أمام إيران وروسيا.
وفي خضم هذا المشهد السوداوي أرى أن التصريحات السعودية الرسمية بالتدخل في سوريا في حال فشل مسار الانتقال أمرا يبعث على الأمل، فمن الأفضل أن تشعر روسيا بأن مغامرتها في سوريا ليست نزهة على الرمال بل مغامرة محفوفة بالمخاطر ستضع نهاية للحقبة البوتينية في نهاية الأمر.

 

 

الشرق القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع