أحمد رحال
تصدير المادة
المشاهدات : 2938
شـــــارك المادة
لم يكن أمراً مفاجئاً الهجوم الذي شنته ميليشيات النظام على قرى (الزيارة، تل واسط، المنصورة، خربة الناقوس) في القطاع الأوسط من سهل الغاب، تلك المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية سياسياً إضافة لما تملكه من أهمية عسكرية، كونها على تماس مباشر (مع حاضنة النظام وخزانه البشري من الشبيحة) عبر سلسلة الجبال الساحلية ولأكثر من (70) كم وإذا ما اتصلت مع سهل الغاب تصبح أكثر من (160)كم وبجبهة تمتد من نبع المر على الحدود التركية شمالاً وحتى قمة النبي يونس في الجنوب وصولاً إلى مصياف في أقصى جنوب سهل الغاب، مما يشكل هاجساً ضاغطاً على نظام الأسد وحلفائه ويهدد بزعزعته وربما سقوطه.
المعركة التي بدأت صباح الثلاثاء وبعشرات الغارات الجوية من طائرات الأسد (مع معلومات عن تسليم إيران 3 أسراب طائرات قاذفة من الطيران العراقي الهارب لإيران والمحتجز لديها منذ حرب الخليج الثانية) ومع مئات الرمايات التمهيدية من دبابات ومدفعية (الفوزديكا) وصواريخ (أرض- أرض)، إضافة لبراميل حواماته، وباتباع السياسة المعهودة (سياسة الأرض المحروقة) لميليشيات النمر الوردي (سهيل حسن)، والذي يلجأ لهذا التكتيك كونه يدرك أن أي مواجهة أرضية ستكون نتيجتها لصالح مقاتلي جيش الفتح، تلك المعركة وإن توقعها وأرادها النظام مباغتة لكنها لم تكن كذلك بل كانت متوقعة ومحسوبة من قبل غرفة عمليات الثورة.
فمن يدرك أهمية سهل الغاب، يدرك معها أن النظام لن يتخلى عنه إلا مكرهاً كونه يمهد لمعارك لاحقة قد تطيح بكل ما حاول النظام تجنبه على مدار السنوات الأربعة الماضية، وانسحاب جيش الفتح من بعض قرى سهل الغاب الأوسط لم يكن إلا تكتيكاً يتجنب فيه ضربات النيران ومن ثم يعيد الوضع لما كان عليه عبر هجوم معاكس مرتقب بانت ملامحه عبر استعادة قرية (المشيك) ظهر الأربعاء.
فطبيعة سهل الغاب المنبسطة وذات اللون الأخضر تعطي ميزة للطيارين برصد كامل سهل الغاب وتحديد أهدافهم بمنتهى السهولة.
وهذا ما دفع جيش الفتح اللجوء لاتباع أحد ثلاثة أمور وأحياناً جميعها:
الانتشار الجبهوي على مساحات واسعة لتصعيب عمل الطيران واستنزافه بعدد أكبر من الضربات اللافعالة.
الإلتحام السريع والقريب لجيش الفتح مع العدو وهذا ما يسمى (تكتيك المعركة القريبة) وبالتالي إخراج جهد الطيران خارج معادلات المعركة.
اللجوء للعمليات الليلية بعد دفاع نهاري قد يتخلله بعض الانسحابات التكتيكية وبذلك يتم تحييد ضربات الطيران قدر الإمكان.
معارك سهل الغاب قد تكون (بيضة القبان) التي ترسم وتمهد لنهاية النظام الذي حاول ومنذ بداية الثورة وحراكها المسلح من اتباع سياسة تقطيع الأوصال بين الجبهات والانفراد بكل جبهة على حدة.
تحرير سهل الغاب من قبل جيش الفتح وربط واتصال ثلاث جبهات (الساحل- إدلب- حماه)، قد تكون الضربة التي تزلزل كرسي سلطة (الأسد) وفق ما يمكن أن تؤول إليه العمليات العسكرية مستقبلاً، سواءاً بالمتابعة جنوباً عبر محور (سلحب- مصياف- صافيتا) والوصول لقطع وفصل المنطقة الساحلية عن المنطقة الوسطى، أو المتابعة غرباً عبر سلسلة الجبال الساحلية (عين الشرقية- بيت ياشوط- القرداحة)، أو عبر جبهتي جبلي التركمان والأكراد (المتحفزتين) والتوغل عمقاً في حاضنة وقرى النظام، وصول جيش الفتح لتلك المرحلة تعني توجيه طلقة الرحمة على رأس نظام يكون قد مات سريرياً بيد حاضنته الشعبية.
جبهة الساحل التي تملك رجالاً من خيرة مقاتلي الثورة وكانوا من أوائل من حمل السلاح وحرروا نصف ريف اللاذقية وقطعوا اوستراد (اللاذقية – حلب) ذو الأهمية الاستراتيجية للنظام منذ منتصف عام (2012) ولم ولن يفتح، ونظراً لما تشكله جبهة الساحل من خطر على نظام الأسد، فقد مورست عليها أقسى أشكال الضغط والمنع والإفقار بالإمدادات، ووقف لكل مقومات فتح المعارك أو التقدم والاقتحام، ومع ذلك آثرت تلك الجبهة على نفسها أن تبقى شوكة في حلق النظام عبر اتباع سياسة المشاغلة ومعارك الاستنزاف لمنعه من سحب أي من ميليشياته بقصد المؤازرة او الدعم، مع فتح بعض المعارك الصغيرة وفق تكتيك (القضم البطيئ) التي تنهك النظام وتجرده من بعض المواقع الهامة في ساحة المعركة، كما حصل منذ إسبوع عبر تحرير تلة الزيارة وتلة الرحملية وتلة الخضراء من خلال المعارك التي دارت على محور (بيت حليبية- بيت عوان) في جبهة جبل التركمان، أو عبر تحرير قمة الشيخ محمد قرب قمة النبي يونس في الشهر الماضي.
أمام هذا الواقع العسكري وجدنا انخفاضاً وهبوطاً واضحاً في الحالة انفسية والمعنوية لميليشيات النظام وحاضنته الشعبية ووجدنا حالة من الغضب والتململ بين صفوفه خصوصاً مع الأخبار الواردة من الجبهة الجنوبية وفي معركة عاصفة الجنوب والتي تهدد النظام بخسارته لأهم معقل ومرتكز له في سهل حوران إن تم تحرير مدينة درعا كما هو متوقع، وزاد الأمر سوءاً مع الجريمة التي ارتكبها المجرم (سليمان هلال الأسد) وقتله لمجرم كان في إجازة من قتل السوريين (العقيد حسان الشيخ)، تلك الحادثة التي حركت الشارع في اللاذقية وتحولت لاعتصامات أرعبت النظام (لكن هؤلاء لم تحركهم مئات الجرائم والمجازر التي ارتكبتها ميليشيات النظام وحلفائه)، لكن إجرام النظام لا يتوقف، فقام بجريمة موصوفة وعلى مدى ثلاثة أيام بقصف مدينة اللاذقية بعدة صواريخ وعلى الأحياء (السنية) كنوع من الترهيب لوقف الاعتصامات وجرهم لحالة عامة ويعيد ربطهم بكرسي السلطة ويكون فيها هم السلطة أهم من قتل (عقيد) وإن كان (علوياً)، فأمام مصلحة نظام الأسد لا تهم الطائفة ولا يهم الدين وهو مستعد لحرق الساحل والقرداحة بمن فيهم إذا كان هذا الأمر يضمن له البقاء في كرسي السلطة.
المبادرات السياسية وما تحتويها والتحركات العسكرية وما ترسمه من وقائع على خارطة المعارك، كلها تقترب من حتمية تصريحات وزير الخارجية السعودي (عادل الجبير) عندما قال في موسكو: (أمام الأسد أحد احتمالين: إما الرحيل بحل سياسي أو السقوط عسكرياً)، والعارف بمكنونات وتفكير أعمدة هذا النظام وبمن يستولي على قراره السياسي والعسكري (إيران وحزب الله) يدرك أن هذا النظام لن يستسلم حتى آخر طلقة بمستودعات جيشه أو عبر طلقة من يد حر شريف تستقر برأس (الأسد) وتنهي هذا الدمار الذي حل بسوريا الوطن.
متى؟؟
قادمات الأيام تحمل معها الخبر اليقين… لكن كل المؤشرات تقول: ما نحلم به أصبح قريب المنال وإن كان لا يلبي كل الطموح.
كلنا شركاء
غازي دحمان
برهان غليون
عبد الغني محمد المصري
أحمد موفق زيدان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة