منذر الأسعد
تصدير المادة
المشاهدات : 3005
شـــــارك المادة
يستشعر الغرب الحقود منذ شهور، أنه آن الأوان لوضع نهاية لمأساة الشعب السوري، بالطريقة التي تلائم مؤامرته وأطماعه، بناء على تشريد أكثر من نصف السوريين، واضطرار ربعهم إلى البقاء تحت سيطرة النظام، لأنه ليس لديهم بدائل من أي نوع. وبين هؤلاء نسبة يسيرة من أشياع العصابة المتسلطة من نصيريين ونصارى وبعض الدروز والإسماعيليين، ممن انحازوا إلى صف القتلة حتى ممن كان النظام يتفنن في التضييق عليهم وتهميشهم.
لذلك يجري السباق لإخراج الخاتمة المسرحية، باسم الحل السياسي الذي فرضوه على السوريين خياراً وحيداً، والمقصود به العودة تحت هيمنة الطاغية بشار -وإن كان الاختلاف بين الممثلين الكبار على توقيت مغادرته المسرح لا أكثر-. فالمهم عندهم أن تبقى فلول جيشه الطائفي الدموي وأجهزة بطشه الوحشية، تحت شعار يثير السخرية، هو: الحفاظ على مؤسسات الدولة!
مُعَارِضون يختارهم العدو! بلغ الكيد الأممي إزاء السوريين مدى ليس له نظير من قبل في التاريخ كله، فلم يسبق لشعب ثائر أن يحدد له عدوه من هم الأشخاص الذين يفاوضون باسمه!
ففي محنة الأشقاء البوسنيين مثلاً، فرض الغرب الصليبي حدود التسوية على المسلمين عندما أدركت أمريكا وأوربا أن كفة القتال بدأت تميل لمصلحة المظلومين، لكن الذين فاوضوا في دايتون كانوا هم القيادة الشرعية المجاهدة لمسلمي البوشناق، أما في سوريا فيسعى الصليبيون الجدد إلى فرض عملاء النظام والذين يرتضيهم خامنئي وبشار وبوتن باعتبارهم رموزاً للمعارضة تفاوض النظام!! وهي صورة تثير القرف وتستدعي إلى الذاكرة محاولات بريطانيا قبل مئة سنة اختيار الوفد المصري الذي يفاوضها للجلاء عن مصر التي تحتلها، فأطلق سعد زغلول عبارته الشهيرة في هذه الحالة: جورج الخامس -وهو ملك بريطانيا يومئذ- يفاوض جورج الخامس.
نماذج من "المعارضة" المفروضة: تبدأ المهزلة بقدري جميل الشيوعي الذي ظل عميلاً لموسكو حتى بعد إنهاء الحكم الاستبدادي الشيوعي، وقد كان إلى مدة قريبة نائباً لرئيس الوزراء في عصابة بشار، ومع ذلك حضر بين يدي المندوبين الدوليين منذ جنيف1 باعتباره معارضاً للنظام الذي يشغل فيه منصباً كبيراً!!
ومن المعارضين المفروضين الكردي العنصري الزنديق صالح مسلّم زعيم الإبادة العرقية النتة للعرب والتركمان في كل منطقة أتاح له الأمريكيون السيطرة عليها! ولا يفوتنا التذكير بهيئة التنسيق التي تأسست وترعرعت –وما زالت تستظل- بأحذية جنود الطاغية، ومواقفها لا تبتعد عن أراجيف العصابة المجوسية إلا في تفاصيل هامشية، تمويهاً وتزويراً.
الدعوة السعودية والتشويش الروسي: تدرك السعودية تفاصيل الخريطة الحقيقية والخريطة الزائفة للمعارضة السورية، فهي إحدى ثلاث دول أثبتت الأيام صدقها في تأييد الثورة السورية -تضاف إليها تركيا وقطر-، لكن الأمريكيين عملوا على تقييد حركة هذه البلدان بكل الطرق الممكنة، بعد أن يئست إدارة أوباما من تليين مواقفها المبدئية الثابتة، والتي ظلت ترفض أي دور لنيرون العصر بشار الأسد في مستقبل سوريا.علماً بأن واشنطن تفننت في وسائل الضغط على العواصم الثلاث وفي أساليبه، التي لم تنقطع حتى اللحظة، بما فيها تلفيق اتهامات رخيصة لها بدعم التنظيم الإرهابي داعش الذي تقاتلها وهو يتآمر على أمنها.
وكذلك شن حملة سفيهة على دعوة الشيخ محمد بن بعد الوهاب رحمه الله، ونسبة داعش إليها زوراً وبهتاناً.
مع ذلك كله، لعبت الرياض بدبلوماسية فائقة فشملت دعواتها لمؤتمر المعارضة الذي ستستضيفه خلال أيام، حتى من تعلم علم اليقين أنهم أدوات للنظام، أو كونهم يعادون الثورة أكثر من عدائهم للنظام. فماذا كانت الحصيلة؟
مؤتمر إيراني للتشويش: كشف معارض سوري كردي أن مؤتمراً سيُعقد داخل الأراضي السورية برعاية روسية وإيرانية تحضره أطراف وشخصيات محسوبة على المعارضة، وذلك بالتزامن مع المؤتمر المقرر عقده في العاصمة السعودية.
وقال عضو “تيار المستقبل الكردي” “عبد العزيز تمو” إن المؤتمر سيعقد في مدينة “رميلان” التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي بريف الحسكة مناصفة مع النظام، مؤكداً أن نحو 500 شخصية سورية سيحضرونه بصفاتهم الفردية أو كشخصيات اعتبارية تحت اسم أحزاب أو منظمات معظمها تعيش في كنف النظام وتحت رعاية مخابراته.
ومن المشاركين، بحسب “تمو”، “حركة قمح”، التي يرأسها “هيثم مناع”، وجبهة التغيير، التي يرأسها النائب السابق لرئيس حكومة النظام، والمقرب من روسيا “قدري جميل”، بالإضافة إلى أحزاب شيوعية وقومية منخرطة في الجبهة الوطنية المنضوية تحت سيطرة حزب البعث الذي مازال حاكماً "رسمياً" في سوريا، وكذلك أحزاب ومكونات الإدارة الذاتية العنصرية الكردية.
ووصف المعارض الكردي “مؤتمر رميلان”، بأنه “محاولة إيرانية فاشلة لترديد مقولة: المعارضة غير موحدة”، مشيراً إلى أن المشاركين ليس بينهم أي معارض حقيقي، لأن المؤتمر ينعقد تحت رعاية النظام أصلاً.
ومن المفارقات أن هيئة التنسيق –حتى الآن- سوف تشارك في مؤتمر الرياض وفي مؤامرة الرميلان معاً، بالرغم من تعارضهما الجذري في الأهداف والبرامج والتوجهات والصلة بنبض الشارع السوري! إلا إذا اختارت أحدهما في آخر لحظة، أو قرر المشاركون في الرياض إقصاءها ما لم تتخذ موقفاً واضحاً إلى أي جانب ستميل، إذ لم يعد هنالك فرصة للنفاق وازدواجية المواقف.
المسلم
محمد منير الفقير
ياسر الزعاترة
أحمد رحال
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة