..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حتى لو جاءت روسيا كلها إلى اللاذقية

حسان حيدر

١ أكتوبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6711

حتى لو جاءت روسيا كلها إلى اللاذقية
حيدر09.jpg

شـــــارك المادة

لم يخجل الرئيس الروسي، وهو في حضرة قادة العالم وممثليهم في نيويورك، من مجافاة الحقيقة جهاراً عندما قال إن بشار الأسد هو الوحيد الذي يقاتل «داعش» في سورية ويجب دعمه.

ولم يخرج الرئيس الأميركي الذي واصل «معارضته» اضطلاع الأسد بدور في مستقبل البلد الممزق عن نطاق الكلام المكرور من دون أي تغيير عملي محتمل على الأرض. فكلاهما يراوغ، وكلاهما يعرف أن مأساة السوريين لا تشغله، بل همه تسجيل مكاسب على حساب الآخر أو في داخل بلده، أياً كانت الأعداد الهائلة للقتلى والجرحى والمهجرين أو الحجم غير المتخيل للدمار.

قال بوتين: «علينا أن نعترف بأن لا أحد سوى القوات المسلحة للرئيس (السوري) يقاتل فعلياً الدولة الإسلامية»، وإن «عدم التعاون مع الجهة السورية التي تكافح الإرهاب وجهاً لوجه سيكون خطأ فادحاً». لكن باستثناء بضع غارات ليوم واحد ربما لم تصب أي هدف، أعلن الطيران السوري شنها على مدينة الرقة، معقل «داعش»، بالتزامن مع بدء وصول التعزيزات الروسية إلى سورية، لم يحدث أن وقعت معارك فعلية بين الجيش النظامي والمتطرفين، وانتهت معظم «المواجهات» بينهما إلى انسحاب جنود الأسد وإخلاء مواقعهم للتنظيم، وخصوصاً آبار النفط التي تساعد في تمويله.

وادعى الرئيس الروسي أنه يرسل قواته إلى سورية لأنه يريد «محاربة الإرهاب»، لكن الغارات الأولى التي شنها طيرانه استهدفت ريف حمص الشمالي، حيث تنتشر أساساً وحدات من «الجيش السوري الحر» وليس قوات «داعش».

نظرياً، اختلف أوباما وبوتين حول دور الرئيس السوري في مستقبل سورية، لكنهما توافقا قبل ذلك على ضرورة مشاركته في المرحلة الانتقالية. وعملياً، أرسلت موسكو طائرات وسفناً وذخائر وجنوداً إلى سورية، فيما مني البرنامج الأميركي لتدريب مقاتلين سوريين يعدّون بالعشرات بفشل فادح، ولم ولن تقدم واشنطن إلى أي طرف سوري معارض ما يمكن أن يشكل توازناً مع الدعم الروسي المتعاظم.

ولا يعني التراشق الخطابي سوى أن موسكو وواشنطن لم تتفقا بعد على تفاصيل تسوية متفق عليها تحدد الخطوات الإجرائية ومداها الزمني، وأن الخلافات بين الدولتين الكبريين في هذا الإطار مرتبطة برسم حدود نفوذ كل منهما في العالم، على رغم التفاوت الكبير في قدراتهما.

وعندما يعلن أوباما بعد ذلك أن المعركة ضد «داعش» ستطول وتشهد انتكاسات ونجاحات، وأن الانتصار على التنظيم يتطلب «زعيماً جديداً» في سورية، إنما يقر بأن الحرب السورية ستستمر حتى إشعار آخر وإن الأسد سيبقى في السلطة طالما أن مسار المعركة مع البغدادي لم يحسم بعد.

بوتين يعتبر أن من حقه وراثة الأميركي المنسحب من الشرق الأوسط، وأوباما يرى أنه طالما قرر الانسحاب فلماذا يشغل نفسه بمن سيحل مكانه في المستنقع الدائم. لكن كلاهما جرد القضية السورية من بعدها الإنساني وحولها إلى مجرد ورقة على طاولة المقايضات.

غير أن «القيصر» نجح عبر إرسال تعزيزات إلى سورية في تحويل الأنظار عن الوضع في أوكرانيا.

إذ كان العالم كله ينتظر ماذا سيقول عن سورية وما سيعلنه من خطوات بخصوصها، وما إذا كان سيتفق مع واشنطن على حل، وركزت وسائل الإعلام الأميركية والدولية كل اهتمامها على الإنشاءات التي يبنيها على الساحل السوري، فأعفت بوتين من العبء الأوكراني.

لكن أياً تكن «الانتصارات» التي يحققها بوتين في «الكباش» مع الأميركيين، فإن دروس «التجربة الأفغانية»، عندما خرج أسلافه السوفيات مهزومين، لا تزال ماثلة. والجيوش البديلة التي لجأ إليها نظام بشار بعد تفكك جيشه، لم تنفعه. استقدم «الحرس الثوري» الإيراني و«فيالق» الشيعة العراقيين والأفغان و«حزب الله» اللبناني، ولم يستطع تعديل المعركة لمصلحته ولا ثني المعارضة عن تصميمها.

ولن يكون مصير الاستعانة بالجيش الروسي مختلفاً، فالشعب السوري الذي انتفض على أربعين عاماً من الإذلال اليومي سيظل يقاتل عائلة الأسد ونظامها إلى أن يقصيهما، حتى لو جاءت روسيا كلها إلى اللاذقية.

 

 

الحياة اللندنية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع