العصر
تصدير المادة
المشاهدات : 3177
شـــــارك المادة
عندما كانت قوات بشار الأسد على وشك فقدان السيطرة على العاصمة دمشق خلال الصيف الماضي، رأى فلاديمير بوتين في ذلك فرصة ذهبية.
استشعر الرئيس الروسي، وبتشجيع من المتشددين في حاشيته، بأن هذا لا يشكل فرصة للكرملين، وفقط، لدعم حليفه المتبقي في الشرق الأوسط، على الأقل مؤقتاً، ولكنه رأى فيه أيضاً طريقاً لاستعراض العضلات والخروج من العزلة التي واجهها في أعقاب أزمة أوكرانيا وساحة لإظهار روسيا مجدداً كقوة عالمية، وفقاً لما نقله مقال تحليلي نشره موقع "بلومبرغ" الأمريكي الإخباري عن أحد كبار المسؤولين الروس.
ورأى كاتبا المقال أن التحرك العسكري المتهور لبوتين قد يحول الحديث بعيداً من الصراع في أوكرانيا إلى قدرة روسيا للمساعدة في وقف تدفق اللاجئين من سوريا الذين أغرقوا أوروبا، وربما يؤدي إلى تخفيف العقوبات عنها.
غير أن الضربات الجوية أيضاً محفوفة بالمخاطر بالنسبة للكرملين، فقد تدفع باتجاه تفاقم الصراع في سوريا، الأمر الذي قد يحبط آمال التقارب مع الغرب وربما جر روسيا إلى مستنقع عسكري من شأنه أن يقوض الدعم الشعبي الآن لبوتين.
وبسبب تضررها الكبير بتراجع أسعار النفط إلى أكثر من 50 في المائة وكذا العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة منذ ضم بوتين لشبه جزيرة القرم ودعم المتمردين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، يُتوقع أن تواجه روسيا أطول ركود اقتصادي منذ الانكماش الذي أعقب انهيار الاتحاد السوفيتي، فكان لزاماً على أوباما أن يتحرك لفك العزلة.
ونقل كاتبا المقال عن "فيكتور كريمينيوك"، نائب رئيس الأكاديمية الروسية للعلوم معهد دراسات أمريكا وكندا، قوله: "روسيا تستخدم الصراع في سوريا، حيث يحتاج الغرب حقاً لمساعدتنا، لإظهار أننا لسنا العدو".
تقول الحكومة الروسية، في العلن، إن الهدف من حملتها الجوية على سوريا مساعدة قوات الأسد لمحاربة الإرهابيين، وفقط، نافية أي دوافع أخرى أكبر وأوسع.
ولكن في السر، يقول المسؤولون إن خطط الكرملين ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية، مدفوعة بالنكسات التي منيت بها قوات الأسد في ساحة المعركة في فصلي الربيع والصيف واستمرار الفتور العميق في العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا بسبب أزمة أوكرانيا.
وتستند هذه التقديرات، وفقاً للكاتبين، إلى مقابلات مع خمسة من كبار المسؤولين الروس في الأسبوع الماضي، وجميعهم تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنهم كانوا يناقشون موضوعات سرية.
ويعترف المسؤولون أن التدخل العسكري في سوريا يشكل خطراً كبيراً.
ولإنجاح هذه المغامرة، كان على الضربات الجوية أن تساعد قوات الأسد في استعادة الأرض المفقودة الخاضعة لسيطرة الجهاديين، وهو ما فشلت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها من قبل بعد عام من القصف.
ويستعد الكرملين لحملة كبيرة يمكن أن تستمر عدة أشهر على الأقل. في حين سيستمر الوجود العسكري الروسي في سوريا لفترة أطول، وفقاً لدبلوماسي كبير.
وبالإضافة إلى مخاطر الخسائر على أرض المعركة، التي أظهرت استطلاعات الحرب أن معظم الروس لا يدعمونها، يواجه الكرملين الأخطار في حدوده الداخلية من المقاتلين الإسلاميين الذي شكلوا تحدياً كبيراً لروسيا خلال العقدين الماضيين.
ورهان الكرملين على أن النجاح العسكري في سوريا سيعطي دفعة قوية للعلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا، يمكنه أيضاً أن يفشل، بالنظر إلى الشكوك العميقة العالقة في العواصم الغربية بعدما جربوا على الكرملين أكاذيب كثيرة خلال أزمة أوكرانيا.
واجتمع بوتين يوم الجمعة بنظرائه من فرنسا وألمانيا وأوكرانيا في باريس لمناقشة تنفيذ اتفاق السلام لإنهاء القتال في جارة روسيا الغربية، وقد فرضت الضربات الجوية إدراج سوريا على جدول الأعمال في تلك المناقشات أيضاً.
وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بعد المحادثات إن التقدم السياسي لن يكون ممكناً في سوريا مع بقاء الأسد وإنه لا يوجد أي ارتباط بين الصراعات الأوكرانية والسورية.
دمشق في خطر:
وقد كشف دبلوماسي روسي رفيع المستوى أن روسيا بدأت تفكر في استخدام القوة في سوريا خلال أغسطس الماضي عندما أصبح واضحاً أن الأسد كان على حافة الانهيار.
"كان هناك تهديد حقيقي لدمشق بالسقوط"، كما قال ايجور كوروتشينكو، وهو عضو في المجلس الاستشاري لوزارة الدفاع الروسية، وأضاف: "السيطرة على دمشق ستكون عملاً رمزياً كبيراً من شأنه أن يثير موجة جديدة من النشاط المتطرف في جميع أنحاء العالم".
في البداية، كثفت روسيا من تحركاتها الدبلوماسية، اجتمعت مع السعودية وأمريكا وقطر في الدوحة، في أوائل أغسطس ودعت القادة العرب إلى موسكو الشهر نفسه لبحث انتقال سياسي محتمل في سوريا بعيداً عن الأسد، فيما التزم مسؤولون أمريكيون بموقفهم من الأسد أنه جزء من المشكلة في سوريا.
وقد تم دفع الخطة العسكرية من قبل مدير الديوان الرئاسي الجنرال سيرغي إيفانوف، وهو زميل بوتين السابق في جهاز "كا جي بي"، وكذلك وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونيكولاي باتروشيف، رئيس مجلس الأمن، وفقاً لاثنين من المسؤولين. وكان الغطاء هو محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، لإظهار أن روسيا يمكنها أن تنجح حيث فشلت الولايات المتحدة وحلفاؤها.
ولم يعلق الكرملين على خططه العسكرية، ولكن نشر أعداداً متزايدة من القوات والطائرات المقاتلة وأنظمة مضادة للصواريخ في قاعدة جوية قرب اللاذقية الشهر الماضي، وأثار هذا انتباه الولايات المتحدة.
في البداية، سعت واشنطن لمنع شحنات الأسلحة الروسية من الوصول إلى سوريا، ولكن الكرملين نقلها عبر المجال الجوي الإيراني والعراقي.
وفي وقت لاحق، ناقش وزير الدفاع الأمريكي، اشتون كارتر، قضية التعبئة والحشد العسكريين في سوريا مع نظيره الروسي يوم 18 سبتمبر، وكان هذا أول اتصال عسكري مباشر بين البلدين منذ أزمة أوكرانيا.
وبعد عشرة أيام، التقى الرئيس باراك أوباما ببوتين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا بعد أسابيع فقط من تصريح مسؤولين أمريكيين من أنه ليس هناك ما يناقشه الرئيسان. لتبدأ يوم الأربعاء الماضي الطائرات الروسية بقصف أهداف في سوريا، مع إبلاغ واشنطن بساعة واحدة فقط قبل شن الحملة.
مجلة العصر
أبو بصير الطرطوسي
غسان شربل
بشير زين العابدين
خالد الدخيل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة