..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

كيف قتل الخارجيُ أباه؟

محمد السعيدي

١٤ يوليو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7169

كيف قتل الخارجيُ أباه؟
image1-e1436866755311 (1).jpg

شـــــارك المادة

بِسْم الله الرحمن الرحيم
أحد الأصول الفكرية القريبة لقتل الخارجي أباه:

اشتغل الناس ليلة السابع والعشرين من رمضان ١٤٣٦هـ بقتل أحد المطلوبين أمنياً أباه وتداولوا الكثير من النقاشات حول هذه الفاجعة وكيف تكونت هذه العقليات التي تقتل الوالدين باسم الدين .
والحق: أن هذا السؤال ضخم ويحتاج إلى وَقَفات طويلة لتحرير الجواب عنه لكنني هنا سأكتفي بشئٍ يسير فلن أتحدث عن فكر الخوارج النَجْدات والأزارقة الذين ظهروا في صدر الإسلام بل سأتحدث عن أحد رؤوس الخوارج المُعَاصرين والذي كان له أثر بالغ في التعجيل في إيغال الفكر الخارجي المعاصر في غياهب التردي والظلام وأعني به أبا قتادة الفلسطيني ، والذي تم الإفراج عنه بعد أن كان محكوماً بالإعدام ويعيش اليوم حراً طليقاً في مدينة عمان في المملكة الأردنية الهاشمية ، ذلك الرجل هو صاحب الرسالة المشهورة : ( فتوى كبيرة الشأن حول جواز قتل الذرية والنسوان ) هذه الفتوى وجهها من لندن حين كان في ضيافة المخابرات البريطانية إلى المجرمين من أتباع ما يعرف زوراً الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر سنة ١٤١٥ هـ وتم بأثر هذه الفتوى قتل كثير من الأطفال والشيوخ والنسوان دون وازع من دين أو مروءة أو أخلاق ، مع أن الكثيرين من الكتاب والمشايخ الإسلاميين كانوا ينسبون كل أحداث القتل تلك في ذلك الحين للمخابرات الجزائرية ولم يلتفتوا لهذه الرسالة وما فيها من إقرار وما نتج عنها من مصائب ، بل كاد في تلك الرسالة القذرة أن يُبيح سبي أولئك النسوة اللاتي أجاز قتلهن .
وإليك هذه العبارة من تلك الرسالة الخبيثة :
يقول :(قد أنذر الإخوة المجاهدون في الجزائر نساء المرتدين بأن أزواجهن قد ارتدوا فوجب الفراق، وأنه لا يجوز لها أن تمكن المرتد منها، فإن رفضت فحكمها حكمه … ولذلك فليُعلم أن نساء وذرية كل طائفة تعامل معاملة الطائفة ممتنعة (كذا) بقوة وشوكة التي انتسبت إليها في الأحكام الشرعية ، إلا ما خصوا به دون المقاتلة) فهو هنا يُجيز قَتَل المرأة وأطفالها إذا لم تقبل بفتواه في كفر زوجها .
ويقول في إحدى أعداد مجلة الأنصار : (لقد وصل أفراد الجماعة الإسلامية إلى درجة نحمد الله عليها بالبراءة من المرتدين وأعوانهم حتى لو كانوا آباءهم وأهليهم وما ذلك إلا بسبب فهمهم لعقيدة السلف الصالح والتشبه بسيرة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ، فإن بعض عمليات أفراد الجماعة في تطبيق حكم الله في المرتدين وأعوانه ما كان ضد آبائهم وإخوانهم ، ففي بوقرة [ اسم بلدة جزائرية] قام شاب من أفراد الجماعة بتطبيق حكم الله تعالى في والديه بعد ما رفضا حكم الله تعالى؛ وذلك بقبولهما بتزويج أخته إلى رجل مليشي[يقصد شرطي من شرطة الجزائر ]
فالحمد لله الذي أحيا فينا سيرة سلف الأمة الصالح
{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ المجادلة 22 ] !!
فهذه خيرات الجهاد ، وهذه هي آثار نعمة الله تعالى على عباده إن سلكوا سبيل الأوائل في اتباع الكتاب والسنة )هـ .
فهو هنا يبارك جريمة شاب خبيث قتل والديه لأنهما قَبِلا -فقط قبلا – بتزويج ابنتهما لشرطي .
فهذه الفتوى وأمثالها استباح بها المجرمون الخوارج في الجزائر قتل الشيوخ والنساء والذرية بحجة أنهم من الأمن المرتد أو موالون لهذا المرتد فهم على حكمه في الردة .
وهي اليوم أساس ما يفعله الداعشيون من استباحتهم قتل الآباء والأمهات ، في العراق والشام والمملكة العربية السعودية .
هذا أنموذج لما ينبغي أن يعلمه الجميع من أن الفكر الداعشي ليس منفصلاً عن أفكار منظري القاعدة ، بل كلا الطائفتين أصحاب منهج خارجي واحد ، وإن زعم منظروا القاعدة اليوم إنكارهم على داعش فلا ينبغي أن يُقْبَل ذلك منهم مالم يَنْقَلبوا هم بالنقد الصريح لما كانوا عليه من الفسوق والفجور العقدي .
يجدر هنا أن أُشِير إلى أن أبا قتادة هذا الذي أباح قتل الوالدين والنساء والصبيان في الجزائر يُحرِّم قتل نساء وأطفال النصيريين في سوريا حتى ولو كان ذلك رداً على عدوانهم .
ولا أقول ذلك تأييداً لقتل أطفال النصيريين ونسائهم لكن ليتضح للقارئ مدى الخطل العقلي والذهني الذي يعيشه هؤلاء .

 

 

 

 

موقع الشيخ محمد بن إبراهيم السعيدي

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع